من حق اليمن ومن حق غيرهم أيضاً
نتعاطف مع الشعب اليمني بلا حدود، ونستنكر تعرّضه ومنشآته للانتقام البغيض من قبل الدول الغربية وإسرائيل، لكن نتمنى جاهدين ومخلصين ألا تتحول الحرب أو الجهاد اليمني نفسه، من جهاد ضد عدوه الصهيوني إلى جهاد ضد من يجاوره من عرب.
هذا مع الأسف ما يبدو الآن، من خلال قراءة ردود الفعل اليمنية على الردع الإسرائيلي الغربي المتطرف، فالمسؤولون اليمنيون يلومون أو هم يضعون مسؤولية تعرّضهم للهجوم على جيرانهم العرب الذين سمحوا، حسب الزعم، للأدوات الإجرامية الغربية بالمرور أو الطيران في أجوائهم للوصول إلى اليمن.
سواء كان الاتهام اليمني صحيحاً أو غير صحيح، فإنه في النهاية غير عادل وخارج حدود المنطق والفهم، وهو في النهاية يتعارض وإصرار الإخوة في اليمن على المواجهة الذاتية لإسرائيل، والانتصار «اليمني» للشعب الفلسطيني.
أن يطلب أو بالأحرى يفرض، كما يبدو من التصريحات اليمنية، أن يطلب اليمن من جيرانه أن يتصدوا للطائرات أو الصواريخ المهاجمة، يعني أن يفرض عليهم عنوة دخول الحرب معه، يعني التصدي القسري للقوة الغربية الغاشمة. هذا ليس عدلاً ولا يتفق وتعهّد اليمنيين أنفسهم بأنهم اختاروا أن ينصروا الفلسطينيين وحيدين.
بل هو في حقيقته تدخل سافر في شؤون الدول الأخرى، وإملاء من اليمن على هذه الدول لسياسات ومواقف دبلوماسية وحربية هي ليست مستعدة لاتخاذها أو تحمّل تبعاتها. من حق هذه الدول أن تنأى بنفسها حالياً أو مستقبلاً عن الحرب وعن مواجهة الدول الغربية وإسرائيل، ومن حقها أن تجد طرقاً أخرى لمساعدة ودعم الشعب الفلسطيني غير الحرب المباشرة مع إسرائيل.
إذا كانت هذه الدول ترى أن الدخول في حرب مباشرة في الظروف الحالية مع إسرائيل أو أي طرف آخر ليس لصالحها أو ليس في إمكانها، فإن من حقها أن تتخذ السياسات والقرارات الداعمة لذلك... وهذه القرارات شأن محلي تقرره وتتكفل به شعوب هذه الدول... تماماً كما يبدو القرار اليمني في الحرب، الذي نرى من خلال المظاهرات المليونية أنه قرار وخيار الشعب اليمني.