هاريس تخوض معركتين لتصبح أول رئيسة لأميركا
نائبة الرئيس السوداء ذات الأصول الآسيوية عليها توحيد الديموقراطيين وتجاوز شعبية ترامب
• ديموقراطيون بارزون تبنّوا ترشيحها ورموز فضلوا التريث
• «لعنة السنّ» قد تنقلب على الجمهوريين
بعد تخلي الرئيس الأميركي جو بايدن عن إعادة ترشحه لولاية ثانية، لم تهدر نائبته كامالا هاريس أي وقت لانتزاع تزكية الحزب الديموقراطي لها في مواجهة الرئيس السابق مرشح الجمهوريين دونالد ترامب، ومحاولة الفوز عليه في انتخابات الرابع من نوفمبر، لتخلّد اسمها في التاريخ الأميركي الممتد منذ 250 عاماً تقريباً، كأول امرأة وأول سيدة سوداء من أصول آسيوية تقود القوة العظمى في العالم.
وقبل توجيهها كلمة من البيت الأبيض، قالت هاريس، في بيان: «شرفني تأييد الرئيس، وهدفي كسب هذا الترشيح والفوز به، وسأبذل كل ما في وسعي لتوحيد الحزب الديموقراطي، وتوحيد أمتنا لهزيمة ترامب»، الذي بات يخشى من أن ينقلب تركيزه على السنّ والقدرة الذهنية لبايدن سلاحاً ضده، خصوصاً أنه يواجه منافسة تصغره بزهاء 20 عاماً.
وفي كلمة كالت فيها المديح لبايدن وإنجازاته، قالت هاريس: «أمامنا 105 أيام للفوز بالانتخابات، وسأتوجه إلى مقر الحملة في ديلاوير لتحية موظفيها».
وتحدثت هاريس مع حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، المرشح المحتمل لمنصب نائب الرئيس، ومع زعيم الديموقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز، ورئيس كتلة المشرعين السود في الكونغرس ستيفن هورسفورد.
وبينما أجرى مسؤولو حملتها وحلفاؤها مئات الاتصالات لحشد المشاركين بمؤتمر الحزب في شيكاغو منتصف أغسطس المقبل، تلقت هاريس على الفور دعم شخصيات ديموقراطية بارزة، من بينهم منافسون محتملون لها مثل حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم.
ورغم إظهار الدعم المبكر لهاريس، لم يتوقف الحديث عن احتمال أن يتحول المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي، والمقرر خلال الفترة من 19 إلى 22 أغسطس بشيكاغو، إلى مؤتمر مفتوح، بألا تنال هاريس ترشيح الحزب مسبقاً، وتخوض معركة انتخابية لتسمية مرشح بديل عن بايدن.
ومع دخول الديموقراطيين منطقة مجهولة، قال رئيس اللجنة الوطنية للحزب جيمي هاريسون، إن الحزب سيعلن قريباً الخطوات التالية في عملية الترشيح.
وفي حين لم يترك بايدن أمام بديله إلا أقل من أربعة أشهر لإطلاق حملته الانتخابية، تبنى العديد من رموز الحزب ترشيح هاريس، وبينهم تيار أقصى اليسار مثل النائبة الشابة ألكسندرا أوكازيو كورتيز، والمرشحة السابقة للانتخابات التمهيدية للرئاسة في 2020 إليزابيث وارن.
وفضّل عدد من الرموز مثل الرئيس السابق باراك أوباما ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وزعيما الديموقراطيين في مجلس الشيوخ شاك شومر وفي مجلس النواب حكيم جيفري عدم الإدلاء برأيهم قبل وضوح الصورة.
وفي العموم، أعلن 14 حاكماً و33 عضواً في مجلس الشيوخ و156 نائباً من الديموقراطيين تبني ترشيح هاريس، مقابل 9 حكام و14 سناتورا و44 نائباً لم يعطوا رأيهم بعد.
وأشاد أوباما بقرار بايدن الانسحاب، لكنه حذّر من «آفاق مجهولة في الأيام المقبلة»، معرباً في المقابل عن ثقته بقدرة قادة الحزب على «وضع مسار يمكن أن يفضي إلى مرشح بارز».
كما لم يذكر منافسان محتملان آخران، هما حاكمة ميشيغان غريتشن ويتمر وحاكم كنتاكي آندي بشير، في تصريحاتهما نائبة الرئيس.
وبعد أن أحدث انسحاب بايدن بعد محاولة اغتيال ترامب صدمة في السباق الرئاسي، ستضفي هاريس، وهي أميركية سوداء من أصل آسيوي، حيوية جديدة تماماً في ظل فرق الأجيال والثقافة بينها وبين المتنافسين السابقين.
وتستعد حملة ترامب لبزوغها المحتمل كمرشحة منذ أسابيع وخططت لمحاولة ربطها بصورة وثيقة بسياسات بايدن بشأن الهجرة والاقتصاد.
ويرى مراقبون أن هاريس قادرة على استقطاب أصوات النساء، خصوصاً بسبب دعمها لحق الإجهاض، وتمثيلها المرأة في الانتخابات الرئاسية، وشرائح واسعة من الأميركيين الأفارقة والمهاجرين، باعتبارها تتحدر من أصول هندية، بالإضافة إلى يهود لأن زوجها يهودي، مع أن ابنته إيلا ايمهوف كانت محل انتقادات الجالية اليهودية، لأنها نشطت في جمع التبرعات لأطفال غزة، علماً بأن زوجة دي نائب ترامب المحتمل جي فانس هي ابنة مهاجرين هنود، في حين يحظى ترامب بشعبية كبيرة في صفوف الهنود سواء داخل الهند أو خارجها.
وشكّك ترامب في أحقية تغيير الديموقراطيين للمرشحين، وكتب على موقعه «تروث سوشيال»: «سرقوا السباق من بايدن بعد أن فاز به في الانتخابات التمهيدية».
ومن المتوقع أن تحافظ هاريس، التي فشلت في الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية في 2020 واختارها بايدن لتكون أول نائبة للرئيس، إلى حد كبير على نهج بايدن في السياسة الخارجية بشأن ملفات مثل مواجهة الصين وروسيا وإيران ودعم حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا، لكنها قد تتبنى لهجة أكثر صرامة مع إسرائيل بشأن حرب غزة، إذا حصلت على ترشيح الحزب وفازت في انتخابات نوفمبر.
لكن بعض الديموقراطيين أبدوا قلقهم بشأن ترشيح هاريس، وهو ما يعود جزئياً إلى التاريخ الطويل من التمييز العنصري والنوعي في الولايات المتحدة التي لم تنتخب قط أي امرأة رئيساً حتى الآن على مدى تاريخها الممتد منذ 250 عاماً تقريباً.
وعلى جانب الاحصاءات، أظهرت الاستطلاعات أن أداء هاريس ليس أفضل بكثير من بايدن أمام ترامب. وبالمقارنة المباشرة، تعادل كل من هاريس وترامب بنسبة تأييد بلغت 44 في المئة لكل منهما في استطلاع أجرته «رويترز/ إبسوس» يومي 15 و16 يوليو الجاري بعد محاولة اغتيال ترامب في 13 من الشهر ذاته مباشرة.
وبينما أنهت حملة ترامب الشهر بجمع 128 مليون دولار، جمعت هاريس نحو 53 مليون دولار لحملتها الرئاسية في غضون ساعات بعد انسحاب بايدن.