نعم، غزة... معجزة؛ لأنها فاقت في تحملها ما تجاوز الذي أُلقي على هيروشيما ونجازاكي من أطنان الدمار الفتاك، وواجهت ما هو أكثر بكثير مما واجهته برلين يوم دكّها الروس وحسموا الحرب العالمية الثانية لمصلحتهم، وضرب شعب غزة أمثلة فاقت ما تعرضت له قرية الغرنيكا الإسبانية، لهذا فإن ما تفعله غزة ليس معجزة فحسب، بل هو معجزة المعجزات.

***

Ad

حتى تاريخ غزة منذ آلاف السنين وأثناء حكم تحتمس، ونظراً لأهميتها الاستراتيجية بين مصر وكنعان، غزاها فرعون لضمان وصول زيتها ونبيذها... ثم حكمها النبي داوود، وبعد ذلك صارت تابعة للإمبراطورية الآشورية إلى أن احتلها الحكم الفارسي بقيادة قورش الأخميني... ثم حاصرها الإسكندر الأكبر... وفي عام 332 قبل الميلاد صارت غزة مركزاً حضارياً، حيث ازدهرت فيها الفلسفة والعلوم الهلينية.

***

وبعد أن بدأ نفوذ الإمبراطورية الرومانية بقيت غزة محافظة على ازدهارها، وكانت موضع اهتمام العديد من الأباطرة، لدرجة أن الحكم فيها كان يتكون من 500 عضو من الإغريق والرومان والمصريين والفرس والأنباط.

***

وكانت غزة أول مدينة يفتحها المسلمون في فلسطين أثناء الخلافة الراشدة، ثم احتلها الصليبيون، واستعادها صلاح الدين الأيوبي، وغدت غزة واحدة من عواصم بلاد الشام إلى أن جاءت الدولة العثمانية فصارت غزة بحاجة إلى رعاية، فقامت برعايتها مصر أثناء حكم محمد علي، ولما احتلت بريطانيا فلسطين، وبعد قرار تقسيم فلسطين احتلتها إسرائيل.

***

والمجال لا يتسع للحديث عن الشخصيات التي أنجبتها غزة، ويكفيها فخراً أن جد نبي الإسلام - عليه السلام - مدفون فيها... وهي المدينة التي ولد فيها الإمام الشافعي.

***

لعل هذه الومضات السريعة جداً أعطتكم فكرة مختصرة عن معجزة العصر... غزة.