إذا التفتنا حولنا في كل الاتجاهات، فلن نجد لنا مثيلاً، الكويت أضحت هي الوحيدة الدولة الغرابية التي حاولت تقليد مشية اليمامة فلم تتعلمها، ونسيت مشيتها، فلا هي دولة دينية ولا هي دولة تحتكم لقانون وضعي وهوية وضعية إنسانية، ولا هي دولة مشيخية تقوم فقط على سلطة الحاكم الشيخ أو الملك الذي يستطيع أن يغيّر ويبدّل من الأعلى، ولا هي جمهورية، ولا هي ديموقراطية ولا مستبدة تماماً، ولا يمكن وصفها بغير الحالة الغرابية.
حرية سياسية محدودة، حريات اجتماعية تهريجية، هي حرية التسوق والأكل والشرب والتعالي على الوافدين وكل مَن لا يدخل ضمن تعريف (هم) كأهل الديرة الأتقياء الأسوياء.
في الجمهورية الإيرانية، وهي دولة دينية ثيوقراطية، ولكن باب الاجتهاد مفتوح ومن خلاله يمكن التجديد النسبي مع متغيرات الحياة، ألغت السلطة الشرطة الدينية، أو حدّت من عسفها. الأنباء متضاربة، لكنّ المؤكد أن الشعب الإيراني بهويته التاريخية العريقة كأمة، وعبر نضال المرأة الذي سال فيه الكثير من الدماء، تمكّن من نفض وصاية الملالي في وضع الحجاب. المرأة الإيرانية انتصرت على جيوش النظام القوية، انتصرت بوعيها وخلقت واقعاً جديداً ينبع من الأسفل في التغيير الاجتماعي والوعي الحقيقي بالحريات الشخصية.
في المملكة العربية السعودية والإمارات وبقية دول الخليج، حدث التغيير من الأعلى، لم ينتظروا أن تنبع عقلانية التغيير من الأسفل ومن ثقافة شعبية متخشبة تكره الحاضر ومسايرة روح العصر، أدركوا هناك أن نعمة برميل النفط زائلة، وبغير الانفتاح وخلق دولة الخدمات السياحية والاستثمارية وفتح أبواب الفرح لجيل الشباب والحريات الخاصة ليس هناك مستقبل بعد النفط.
لا مكان للشرطة الدينية، ولا للمزايدات حول الهوية في كل مكان من حولنا، عدا الكويت، تملك دستوراً (نواقصه لا حدّ لها، ولكنه يمثّل أضعف الإيمان) وقوانين وأنظمة سبقت شقيقاتها الخليجية، لكنّ الشرطة الدينية مازالت تحلّ وتربط بها، لا تجوب الشوارع وتهدد وتتوعد وتضرب بالعصيّ، هي تجلس في بناء جميل يطلّ على شارع الخليج العربي، ومن هناك، وعبر تواصل روحي سياسي مع السلطة المشيخية، تهوي عصا الترويع والزّجر على الناس.
الدولة الغرابية تتراجع في كل الأمور، بالتعليم والتقدم الاقتصادي...
ماذا حدث لخطة كويت 2035؟ تم نسيانها، أهمّ منها، اسم مطعم يجرح ثقافة نائب، ويوغا وشجرة كريسماس وفساتين النساء في المولات، كلها موبقات مخيفة... حالة غرابية ضحلة وتافهة.