تخضير الكويت عن طريق المخالفات (2-2)

نشر في 24-07-2024
آخر تحديث 23-07-2024 | 17:54
 د. محمد الدويهيس

تطرقت في الجزء الأول من هذا المقال إلى أن الكويت تعاني التصحر وزحف الرمال التي تسبب كثيراً من المشاكل البيئية والصحية والمرورية، وأنه يمكن تخضير الكويت عن طريق مبالغ المخالفات المرورية التي بلغت نحو 78 مليون دينار في السنة المالية 2020-2023 وكذلك مخالفات بلدية الكويت والهيئة العامة للبيئة.

وقد تم التفاعل مع هذا المقترح من العديد من المتابعين والمتخصصين، حيث ذكر أحد المسؤولين الحكوميين بأن درجة حرارة الأرض بدأت ترتفع بفعل الإنسان، ولا بد من الزراعة كي نخفض درجة الحرارة، وأضاف بأن هناك قراراً وزارياً قد صدر منذ عدة أشهر يفرض على الجمعيات التعاونية القيام بعملية التخضير، ويتم ذلك من خلال استقطاع ما نسبته 30% من بند المعونة الاجتماعية في كل جمعية للتخضير، وأن هناك تنسيقاً مع وزارة الشؤون والجمعيات التعاونية بهذا الخصوص، وسترى الزراعة تطوراً ملحوظاً داخل المدن الحضرية في القريب العاجل، وفي نهاية مداخلته أكد على أهمية أن تكون الأشجار التي يتم زراعتها تتحمل حرارة الشمس في الكويت مثل شجر الصفصاف والسدر والبمبر والأثل.

أما الدكتور عدنان الحمود، فقد ذكر أن هذه الفكرة مطبقة في كوريا الجنوبية بعد أن قام اليابانيون أثناء الحرب العالمية الثانية بحرق الغابات في كوريا الجنوبية، حيث أصدرت بعض الشركات الكورية الجنوبية- مثل شركة هونداي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي قبل أن تنقسم إلى خمس شركات متخصصة- قراراً، بأن يقوم كل موظف فيها في نهاية كل أسبوع باستقطاع نصف دوام ذلك اليوم للقيام بغرس هذه الغابات، والآن معظم الغابات رجعت خضراء وأفضل من ذي قبل.

ويعتقد السيد يوسف المجلهم بأن الاقتراح جيد ويا حبذا لو يتم إضافة فكرة أخرى بما أن هناك مليوني سيارة تستخدم شوارع الكويت، فلو وضعنا ضرائب على استخدام الشوارع كما هو معمول به في بريطانيا Road tax بـ100 دينار سنوياً فسيكون هناك دخل سنوي يقارب نصف مليار دولار تكفي لتصليح الشوارع.

ويعتقد أحد المتابعين أن الفكرة ممتازة ويفضل تسليمها لشركات مختصة في هذا المجال مع تدريب الكوادر الوطنية،

أما أحد الصحافيين المخضرمين فيقول عندما كنت صحافياً ميدانياً نشطاً قبل عدة سنوات أجريت عدة استطلاعات في وزارة الأشغال والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، وأذكر أن الإخوة المسؤولين عن محطات معالجة مياه الصرف الصحي في البلاد كانوا يزودونني بمعلومات وإحصاءات عن سبل وطرق المعالجة وكميات المياه المعالجة معالجة ثلاثية، وهي الدرجة التي تصل إلى درجة النقاوة التامة.

وذكر بأن أحد المسؤولين في هيئة الزراعة آنذاك قد أخبره بأن بعض الدول يشربون تلك المياه بعد المعالجة الثالثة، وأضاف بأن كميات المياه المعالجة يومياً تصل إلى ملايين الأمتار المكعبة من المياه المعالجة، وكانت هيئة الزراعة تأخذ جزءاً منها لري مزروعاتها والكمية الأكبر ترمى في عرض البحر! علماً أن تكلفة المعالجة (معدات ومختبرات ويد عاملة ومواد أخرى) تكلف الدولة مئات الملايين من الدنانير سنوياً، ويختتم مداخلته القيمة متسائلاً: من صاحب القرار الذي كان ولا يزال يأمر برمي المياه المعالجة في البحر بدل توجيهها للصحراء وزرع الأشجار أو توصليها للبيوت بدل مياه الصليبي للري والغسيل؟

أما مداخلة السيد معن عودة من الأردن فيتحدث فيها عن مبادرة ومشروع جذور السنينة التطوعي في المملكة الأردنية الهاشمية والذي أطلقه صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية وبمبادرة ملكية سامية لتعزيز مفاهيم المسؤولية المجتمعية والعمل التطوعي والانتماء للوطن لدى كل شرائح المجتمع المحلي وخاصة طلبة المدارس والجامعات والذي يتم تنفيذه على مساحة 12 ألف دونم بمنطقة الكرك لزراعة الأشجار الحرجية والمثمرة وتوظيف أبناء المناطق القريبة من المشروع ومن أجل التخضير والبيئة وتحقيق عدد من الأهداف التنموية المستدامة... وهو على أتم الاستعداد للتعاون والمساهمة لعمل نمذجة وتصميم برنامج جديد ومبادرة كويتية للتخضير.

أما المداخلة الأخيرة فقد وصلتني من وزير مخضرم وعضو مجلس أمة سابق يتساءل في بدايتها: هل من يسمع؟ أشك! أو على الأقل هل من يرد ويفند إذا كان الاقتراح غير مجدٍ أو مكلف أو غير ذلك؟ ويختم بقوله هذه هي مشكلة نعانيها في الماضي والحاضر!!

في اعتقادي أن هذه مداخلات قيمة وقد أثرت المقترح، وأحب أن أضيف بأنه لو يتم تخصيص يوم عمل في السنة لكل وزارة أو هيئة أو مؤسسة حكومية وأهلية أو في القطاع الخاص للمشاركة في عملية التخضيير من منظور المسؤولية الاجتماعية Social Responsibility كذلك تخصيص يوم في السنة لطلاب كل مدرسة ومعهد وجامعة في البلاد (والتي يزيد عددها على 1275) للمشاركة في عملية التخضير، وكذلك أهمية وضرورة التنسيق والتعاون بين الجهات ذات العلاقة مثل الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وبلدية الكويت والهيئة العامة للبيئة ومؤسسة البترول وزارة الدفاع وزارة الداخلية وزارة الأشغال ووزارة الكهرباء ومعهد الكويت للأبحاث العلمية للمشاركة في إدارة وهندسة وتخطيط وتسهيل عملية زرع الأشجار وحفر الآبار الارتوازية وتمديد شبكات الري والكهرباء والاستفادة من الطاقة الشمسية والمتجددة والذكاء الاصطناعي والأساليب التكنولوجية الحديثة في هذا المشروع الوطني.

إن مشروع التخضير مشروع وطني كبير يتطلب التخطيط والتنسيق وتضافر الجهود من المواطنين والمقيمين والمسؤولين والجهات الحكومية وغير الحكومية وسيوفر هذا المشروع الوطني فرص عمل جديدة، ويسهم في الحد من التصحر ويخفف من درجات الحرارة التي تتصاعد سنة بعد سنة، والفوائد كثيرة ومتعددة من وراء هذه المقترح إذا كتب له النجاح، وسيكون لها أثر كبير على البيئة والتنمية الزراعية والصناعية والاقتصادية والتنمية المستدامة.

ودمتم سالمين.

back to top