زاد فضولي الزميل عبداللطيف الدعيج عندما أشار إلى شخصية ربما يجهلها الكثيرون وهو «المسيحي متّى العقراوي» الذي يعزى له دور فاعل في «رعاية أبناء الكويت ونشر الوعي والمعرفة بالعلوم بينهم» في بداية مشوار التعليم، فاستعنت بالصديق راعي الكنيسة الإنجيلية الأب عمانويل غريب وأرشدني إلى معلومات مفصلة عن تاريخ المسيحي متّى العقراوي العلمي والتعليمي.
ثم توجهت إلى الصديق د.عبدالله الغنيم لأسأله عن الدراسة التي وضعها العقراوي سنة 1955 بالتعاون مع د. إسماعيل القباني، حول واقع التعليم في الكويت والمقترحات التي قدماها لتطويره، وهي من الدراسات التي ارتكز عليها البنيان التعليمي والمصادر ذات الشأن في كتابة تاريخ التعليم الوطني، وبالفعل زودني مشكوراً بنسخة من الدراسة (122 صفحة).
في البداية يتوجهان بالشكر للشيخ عبدالله الجابر الصباح، رئيس مجلس المعارف، الذي أكرمهما بحفاوته والرعاية التي حصلا عليها، والدراسة عبارة عن سبعة فصول، تمهيد، ومراحل التعليم، ونشر التعليم، وإعداد المعلمين، والتعليم المهني، والمناهج والأساليب، وأخيراً تعليم الكبار والتربية الأساسية.
خلاصة الدراسة تجدها في التمهيد، فهما، أي العقراوي والقباني، يؤمنان بضرورة دمج المدنيتين العربية والغربية على أوسع نطاق، وكلتاهما يعتقد بضرورة السرعة المعقولة في هذا الانتقال من الحياة القديمة إلى الحياة الجديدة.
تثني الدراسة على القائمين على أمر التعليم في الكويت ممن أخذوا بنشره على أوسع نطاق، ذلك أنهم عرفوا أن نهضة الكويت لا يمكن أن تكون قوية إلا إذا دعمتها نهضة تعليمية ترافقها.
أهم ناحية بالتعليم أنه «سيشكل ضمانا ضد الرجوع القهري»، فرسموا تصوراتهم بتقديم مقترحات لإصلاح التعليم وتوسيعه لعشر سنوات قادمة وأوجزوا ذلك بعرض الأهداف:
1- عروبة الانتماء. 2- إسلامية الأخلاق. 3- الحفاظ على الصلة بالعالم الخارجي. 4- الحفاظ على التجارة والتوسع فيها. 5- التمسك بديموقراطية حديثة. 6- رفع المستوى الصحي بتقديم وجبة ساخنة للغذاء تكفي لنحو 20 ألف تلميذ يومياً. 7- النهوض بالحياة الاقتصادية. 8- القضاء على الأمية.
وعليه يجب بث روح المواطنة وغرس العادات الصحية والميل إلى العمل والمهارات البدنية وتقوية رياضة الجسم وتنمية روح الإبداع والابتكار، فوضعوا 3 مبادئ أساسية:
أولاً: قيام تعليم عام إلزامي لجميع أبناء الكويت وبناتهم.
ثانياً: القيام بحملة واسعة للتربية الأساسية ومكافحة الأمية بين الكبار.
ثالثاً: إتاحة الفرص لجميع المواطنين من بنين وبنات أن يحصلوا على التعليم المناسب لهم ولمقدرتهم وبالتساوي.
تحقيق هذه الأهداف لا يتم إلا إذا طبقت أساليب التعليم ذات «الفاعلية» أو «النشاط» بمعناه الإصلاحي في التربية، وأوصوا بتحويل مدرسة الشويخ الثانوية وبعض المدارس الابتدائية والمتوسطة إلى مدارس نموذجية بحيث تتم الاستفادة من تجارب بلاد عربية متقدمة وأخرى غربية.
نسيت أن أذكر أن د. متّى العقراوي درس اللغة الفرنسية في الكنيسة بالموصل، خريج الجامعة الأميركية في بيروت، أكمل دراسته في أميركا وحصوله على الدكتوراه من جامعة كولومبيا، عمل باليونيسكو 9 سنوات، ثم أصبح رئيساً لجامعة بغداد عام 1957 ومن مؤسسيها، وعاد للتدريس في الجامعة الأميركية في بيروت.