لا بد من الخيارات المرّة
أمس كتبنا أن الطريقة السهلة لمواجهة عجز الموازنة هي في إيقاظ المارد الكويتي ودفعه لتحقيق التوازن الدائم والثابت بين الدخل والاستهلاك.
ليس هناك مفر من الاعتماد على الإنسان الكويتي، وذلك بانتشاله من أسر المجتمع الريعي الخامل، والعودة به إلى زمن الإنتاج والعمل المثمر. لا بد من الاعتماد على الإنسان الكويتي، الثروة الحقيقية الدائمة للبلد، وليس على النفط. تماماً كما كان أهلنا بالأمس القريب... يكدحون ويعملون وينتجون ويمولون الدولة بما تحتاج للقيام بخدماتها الاجتماعية والوطنية.
لو افترضنا أننا نفّذنا مشروع «الداو كيميكال» وأقمنا المصنع وملحقاته، مَن سيتولى العمل في هذا المشروع العملاق؟ ومن سيكون الخمسة آلاف فني الذين يتطلبهم تشغيله؟ إذا لم يملأ الكويتيون هذه الأعمال فنحن لا رحنا ولا جينا... سنبقى نستورد العمالة الهامشية والفنية وسيبقى الكويتي عاطلاً بالفعل عن العمل، وسنبقى ندفع للأجنبي ونتحمل تكاليف استهلاكه المدعوم من ماء وشراب وبنزين وكهرباء، أي بوضوح سوف نزيد من أعباء الميزانية وسيتراكم العجز ولن ينقص.
الأمر كذلك مع مشروع الجزر... فلو نفذنا المشروع بأوضاعنا ومفاهيمنا الحالية للعمل، فإننا سنضطر إلى استيراد جميع العمالة من الخارج، فالكويتي وليد المجتمع الريعي بعقليته التقليدية القديمة أو بروحه الريعية لن يقبل أن يخدم وافداً أو ينظف ويرتب مكانه.
أي أننا إن لم نُعد ونجهز الإنسان الكويتي لهذه الأعمال، فإننا في الواقع سنبني وننفق من أجل توظيف الغير وخلق فرص عمل مرة أخرى لعمالة أجنبية «وكأنا يا دحمن لا رحنا ولا جينا».
بالطبع من السهل الجزم بأننا بحاجة إلى إيقاظ المارد الكويتي وتحميله مسؤولياته الحقيقية في دعم اقتصاد البلد. من السهل جداً التنظير هنا، ولكن التحدي سيكون صعباً ومراً.
لكن ليس هناك مستحيل إن وجدت العزيمة وتوفرت الإرادة لتحقيق الأهداف المطلوبة. إن درجة الإحساس والوعي الحقيقي بخطر الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل هي ما يجب أن يكون دافعاً قوياً لتوفير العزيمة والإرادة المطلوبة لإيقاظ الإنسان الكويتي من سباته وأحلامه الريعية ووضعه أمام مسؤوليته الوطنية.