الواقع القانوني لا يمكن أن يشكل قطاعاً رياضياً استثمارياً في الواقع الراهن، فلن تصبح الرياضة الكويتية جاذبة للاستثمار إذا استمرت في تبني الفكر الهاوي كحجر أساس، فهل يمكن لهذا القانون التمهيد نحو الاحتراف الرياضي الاستثماري في المرحلة الانتقالية الحالية؟
ما هو الدور الانتقالي الذي يلعبه قانون الرياضة رقم 87/ 2017؟
بالنظر إلى صعوبة تطبيق الاحتراف الشامل على قطاع الأندية واللاعبين في الكويت، فعلى ما يبدو المشرِّع أصدر القانون 87/ 2017 حتى ينظم المرحلة الانتقالية بين الهواية والاحتراف.
فالنادي كان وفق القانون 49/ 2005 غير مطالب بتطبيق احتراف فعلي، بل حيث إن عقود احتراف الجزئي تمثل هواية في حقيقة الأمر، لأن اللاعب لا يمنح كل وقته للنادي، ولا يتقاضى أجره العادل تبعاً لذلك.
فالاحتراف الجزئي كان نوعاً من الهواية، لا يمكن أن ينتقل بالقطاع الرياضي الكويتي إلى الاحتراف الفعلي، ولا يمكن حتى أن يمهد للاستثمار في الرياضة.
أما القانون رقم 87/ 2017، فرغم تبنيه فكر النادي الهاوي بالأساس، وأنه لن يؤسس قطاعاً استثمارياً بشكل فوري، فإنه قد يساهم بالتمهيد لقطاع رياضي استثماري يتضمن احترافاً شاملاً، لأن هذا القانون لم يسمح للأندية بالتعاقد مع المحترفين بعقود هجينة تحمل عنوان الاحتراف الجزئي ومضمون الهواية، بل إن هذا لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 ألزمت اللاعب بالاحتراف المنتظم خلال الموسم دون تجزئة وقته.
وفي الحقيقة، كل نادٍ يحتاج إلى محترفين، لذا فإن كل نادٍ مضطر، بحُكم الواقع، إلى تطبيق الاحتراف في قسم من عقوده على الأقل، وفي هذا تمهيد واضح للانتقال نحو عقود الاحتراف الكُلي المتفرغ الشامل مع كل اللاعبين، وتغيير طبيعة الأندية من أندية هاوية غير ربحية إلى أندية محترفة استثمارية ربحية بشكل شامل.
وقد أكد هذا الفكر التشريعي الانتقالي لائحة الاحتراف من الهيئة العامة للرياضة رقم 25/ 2022، والتي نظمت عقود المحترفين.
فهل ستساهم قواعد هذه اللائحة في تطبيق المرحلة الانتقالية نحو الاحتراف الشامل لجميع اللاعبين؟ وكذلك الانتقال فعلاً من الاحتراف الجزئي إلى الكُلي المتفرغ بخصوص فئة اللاعبين المحترفين؟
الاحتراف المنتظم خلال الموسم الرياضي منهج كُلي مغاير للاحتراف الجزئي أم مراوحة في المكان؟
ما هو منهج الاحتراف الرياضي «الكُلي»؟
بعد أن وضحنا معنى الاحتراف، نؤكد أن الاحتراف الكُلي ما هو إلا تطبيق ملتزم وصارم لمعنى الاحتراف كمفهوم. أي أن الاحتراف الكُلي يقترن بمعنى تحقيق معيشة اللاعب من ممارسة الرياضة، لكن مع تفرغ تام، وهو ما سيمنح اللاعب تركيزاً عالياً، ومساحة أوسع للتطور والتفوق.
بناءً عليه، يمكن القول إن الاحتراف لا يمكن أن يكون جزئياً، فلا يعتبر اللاعب الذي خصص جزءاً من وقته للرياضة محترفاً، فقد تتغير ظروف الموسم الرياضي، ويحتاج النادي للاعب طوال النهار أيام ضغط التدريبات والمباريات، وهنا تكمن الثغرة التي قد وقع فيها قانون الرياضة القديم رقم 49/ 2005 عندما سمح بالاحتراف الجزئي.
لذا، فقد ألغى المشرِّع في قانون الرياضة الجديد رقم 49/ 2005 الاحتراف الجزئي، لكن:
هل اعتمد قانون الرياضة 87/ 2017 على منهج الاحتراف «الكُلي»؟
إذا بحثنا في التعاريف الواردة في قانون الرياضة رقم 87/ 2017، وجدنا أن المشرِّع لم يعرف معنى الاحتراف، لكن هذا القانون ألغى تعريفات القانون السابق رقم 49/ 2005 بخصوص عقد الاحتراف الذي سمح بالتفرغ الجزئي للاعب، واعتبره محترفاً رغماً عن ذلك (مادة 1 قانون 2005).
فإذا نظرنا إلى هذا الإلغاء، هل يمكننا اعتباره تحولاً تشريعياً نحو منهج جديد في الاحتراف؟ أي اعتماد الاحتراف الكُلي بالنظر إلى إلغاء الجزئي.
بالحقيقة لا، لأن القانون رقم 87/ 2017 جاء مختصراً جداً فيما يخص العلاقة التعاقدية بين الأندية واللاعبين، ولا يمكن استقراء منهج الاحتراف المعتمد من هذا القانون، بسبب غموض النصوص.
يُضاف إلى ذلك، أن القانون وصف الأندية بالهيئات الرياضية غير الربحية (مادة 1 قانون 2017)، كما أن القانون قصر الغاية من وجود النادي على ممارسة الرياضة للأغراض الاجتماعية والثقافية والترويحية والصحية (مادة 24)، ولم يذكر الاستثمارية أو الربحية.
لذا، فقد كان لابد من إصدار لائحة خاصة بالاحتراف، حتى تغطي التفاصيل القانونية، وحتى تزيل الغموض عن المفهوم القانوني الجديد للاحتراف.
لائحة الاحتراف لعام 2022... منهج الاحتراف «المنتظم» وليس «الكُلي»
صدرت لائحة الاحتراف من الهيئة العامة للرياضة بالقرار رقم 25 في 22 أكتوبر 2022، وجاء فيها تعريف صريح للممارسة المنتظمة للرياضة، كما يلي:
«ممارسة النشاط الرياضي في إحدى الألعاب بصفة منتظمة بهدف تحقيق عائد مادي وفق عقد مكتوب يتم الاتفاق على شروطه مسبقاً» (مادة 1 قانون 2017).
يمكن تحليل أركان الاحتراف كما وردت في هذا التعريف، كما يلي:
• ممارسة الرياضة: الاحتراف يجتمع مع الهواية في فكرة الممارسة، لكن يختلف الاحتراف في مستوى إتقان هذه الممارسة بالنظر إلى مسألة الالتزام.
• الممارسة المنتظمة: أي أن اللاعب يجب أن يكون منتظماً بحضوره وتدريبه وممارسته في برنامج ومواعيد ملزمة وفق ظروف الموسم الرياضي، الأمر الذي ينفي صفة الاحتراف عن الهواية المزاجية.
• مدة العقد يحكمها الموسم الرياضي: فلا يمكن تجزئة وقت اللاعب بشكل يومي أو شهري كما في الاحتراف الجزئي، بل تكون مدة العقد محددة بمدة الموسم الرياضي كاملاً، أو المواسم التي يستغرقها العقد (مادة 17 لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022).
لكن يلاحظ أن الممارسة المنتظمة خلال موسم رياضي كامل لا تعني التفرغ الكلي، فاللاعب المحترف، وفق هذا التعريف، يمكن أن ينتظم بالممارسة، ويخصص الوقت الباقي لممارسة عمل آخر.
• غاية الممارسة، تحقيق عائد مادي: وهو جوهر الاحتراف الحقيقي الذي يتنافى مع فكرة النادي الرياضي الاجتماعي التقليدي.
• الممارسة بموجب عقد مكتوب: فالاحتراف يحتوي على مضمون جدي بقيم مالية مرتفعة والتزامات شخصية ثقيلة، لذا فقد اشترطت اللائحة شرطاً شكلياً، هو الكتابة، حرصاً على سهولة إثبات التزامات الطرفين في حال حدوث منازعة.
• الممارسة بموجب شروط متفق عليها: فلا يجوز البدء بممارسة الرياضة الاحترافية قبل الاتفاق على شروط واضحة ومكتوبة في عقد الاحتراف، وإلا سنعود لفكرة الهواية خلال الفترة ما قبل التعاقدية.
بماذا يختلف مفهوم الاحتراف «المنتظم» عن الاحتراف «الكُلي»؟
نستطيع القول إن لائحة الاحتراف اعتمدت الاحتراف بالممارسة المنتظمة خلال موسم أو مواسم رياضية كاملة (مادة 17 لائحة 2022)، لكن هذه اللائحة لم تشترط التفرغ الكامل للاعب المحترف ضمن إطار ممارسة الرياضة في ناديه.
ما هو الدور الانتقالي الذي يلعبه قانون الرياضة رقم 87/ 2017؟
بالنظر إلى صعوبة تطبيق الاحتراف الشامل على قطاع الأندية واللاعبين في الكويت، فعلى ما يبدو المشرِّع أصدر القانون 87/ 2017 حتى ينظم المرحلة الانتقالية بين الهواية والاحتراف.
فالنادي كان وفق القانون 49/ 2005 غير مطالب بتطبيق احتراف فعلي، بل حيث إن عقود احتراف الجزئي تمثل هواية في حقيقة الأمر، لأن اللاعب لا يمنح كل وقته للنادي، ولا يتقاضى أجره العادل تبعاً لذلك.
فالاحتراف الجزئي كان نوعاً من الهواية، لا يمكن أن ينتقل بالقطاع الرياضي الكويتي إلى الاحتراف الفعلي، ولا يمكن حتى أن يمهد للاستثمار في الرياضة.
أما القانون رقم 87/ 2017، فرغم تبنيه فكر النادي الهاوي بالأساس، وأنه لن يؤسس قطاعاً استثمارياً بشكل فوري، فإنه قد يساهم بالتمهيد لقطاع رياضي استثماري يتضمن احترافاً شاملاً، لأن هذا القانون لم يسمح للأندية بالتعاقد مع المحترفين بعقود هجينة تحمل عنوان الاحتراف الجزئي ومضمون الهواية، بل إن هذا لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022 ألزمت اللاعب بالاحتراف المنتظم خلال الموسم دون تجزئة وقته.
وفي الحقيقة، كل نادٍ يحتاج إلى محترفين، لذا فإن كل نادٍ مضطر، بحُكم الواقع، إلى تطبيق الاحتراف في قسم من عقوده على الأقل، وفي هذا تمهيد واضح للانتقال نحو عقود الاحتراف الكُلي المتفرغ الشامل مع كل اللاعبين، وتغيير طبيعة الأندية من أندية هاوية غير ربحية إلى أندية محترفة استثمارية ربحية بشكل شامل.
وقد أكد هذا الفكر التشريعي الانتقالي لائحة الاحتراف من الهيئة العامة للرياضة رقم 25/ 2022، والتي نظمت عقود المحترفين.
فهل ستساهم قواعد هذه اللائحة في تطبيق المرحلة الانتقالية نحو الاحتراف الشامل لجميع اللاعبين؟ وكذلك الانتقال فعلاً من الاحتراف الجزئي إلى الكُلي المتفرغ بخصوص فئة اللاعبين المحترفين؟
الاحتراف المنتظم خلال الموسم الرياضي منهج كُلي مغاير للاحتراف الجزئي أم مراوحة في المكان؟
ما هو منهج الاحتراف الرياضي «الكُلي»؟
بعد أن وضحنا معنى الاحتراف، نؤكد أن الاحتراف الكُلي ما هو إلا تطبيق ملتزم وصارم لمعنى الاحتراف كمفهوم. أي أن الاحتراف الكُلي يقترن بمعنى تحقيق معيشة اللاعب من ممارسة الرياضة، لكن مع تفرغ تام، وهو ما سيمنح اللاعب تركيزاً عالياً، ومساحة أوسع للتطور والتفوق.
بناءً عليه، يمكن القول إن الاحتراف لا يمكن أن يكون جزئياً، فلا يعتبر اللاعب الذي خصص جزءاً من وقته للرياضة محترفاً، فقد تتغير ظروف الموسم الرياضي، ويحتاج النادي للاعب طوال النهار أيام ضغط التدريبات والمباريات، وهنا تكمن الثغرة التي قد وقع فيها قانون الرياضة القديم رقم 49/ 2005 عندما سمح بالاحتراف الجزئي.
لذا، فقد ألغى المشرِّع في قانون الرياضة الجديد رقم 49/ 2005 الاحتراف الجزئي، لكن:
هل اعتمد قانون الرياضة 87/ 2017 على منهج الاحتراف «الكُلي»؟
إذا بحثنا في التعاريف الواردة في قانون الرياضة رقم 87/ 2017، وجدنا أن المشرِّع لم يعرف معنى الاحتراف، لكن هذا القانون ألغى تعريفات القانون السابق رقم 49/ 2005 بخصوص عقد الاحتراف الذي سمح بالتفرغ الجزئي للاعب، واعتبره محترفاً رغماً عن ذلك (مادة 1 قانون 2005).
فإذا نظرنا إلى هذا الإلغاء، هل يمكننا اعتباره تحولاً تشريعياً نحو منهج جديد في الاحتراف؟ أي اعتماد الاحتراف الكُلي بالنظر إلى إلغاء الجزئي.
بالحقيقة لا، لأن القانون رقم 87/ 2017 جاء مختصراً جداً فيما يخص العلاقة التعاقدية بين الأندية واللاعبين، ولا يمكن استقراء منهج الاحتراف المعتمد من هذا القانون، بسبب غموض النصوص.
يُضاف إلى ذلك، أن القانون وصف الأندية بالهيئات الرياضية غير الربحية (مادة 1 قانون 2017)، كما أن القانون قصر الغاية من وجود النادي على ممارسة الرياضة للأغراض الاجتماعية والثقافية والترويحية والصحية (مادة 24)، ولم يذكر الاستثمارية أو الربحية.
لذا، فقد كان لابد من إصدار لائحة خاصة بالاحتراف، حتى تغطي التفاصيل القانونية، وحتى تزيل الغموض عن المفهوم القانوني الجديد للاحتراف.
لائحة الاحتراف لعام 2022... منهج الاحتراف «المنتظم» وليس «الكُلي»
صدرت لائحة الاحتراف من الهيئة العامة للرياضة بالقرار رقم 25 في 22 أكتوبر 2022، وجاء فيها تعريف صريح للممارسة المنتظمة للرياضة، كما يلي:
«ممارسة النشاط الرياضي في إحدى الألعاب بصفة منتظمة بهدف تحقيق عائد مادي وفق عقد مكتوب يتم الاتفاق على شروطه مسبقاً» (مادة 1 قانون 2017).
يمكن تحليل أركان الاحتراف كما وردت في هذا التعريف، كما يلي:
• ممارسة الرياضة: الاحتراف يجتمع مع الهواية في فكرة الممارسة، لكن يختلف الاحتراف في مستوى إتقان هذه الممارسة بالنظر إلى مسألة الالتزام.
• الممارسة المنتظمة: أي أن اللاعب يجب أن يكون منتظماً بحضوره وتدريبه وممارسته في برنامج ومواعيد ملزمة وفق ظروف الموسم الرياضي، الأمر الذي ينفي صفة الاحتراف عن الهواية المزاجية.
• مدة العقد يحكمها الموسم الرياضي: فلا يمكن تجزئة وقت اللاعب بشكل يومي أو شهري كما في الاحتراف الجزئي، بل تكون مدة العقد محددة بمدة الموسم الرياضي كاملاً، أو المواسم التي يستغرقها العقد (مادة 17 لائحة الاحتراف رقم 25/ 2022).
لكن يلاحظ أن الممارسة المنتظمة خلال موسم رياضي كامل لا تعني التفرغ الكلي، فاللاعب المحترف، وفق هذا التعريف، يمكن أن ينتظم بالممارسة، ويخصص الوقت الباقي لممارسة عمل آخر.
• غاية الممارسة، تحقيق عائد مادي: وهو جوهر الاحتراف الحقيقي الذي يتنافى مع فكرة النادي الرياضي الاجتماعي التقليدي.
• الممارسة بموجب عقد مكتوب: فالاحتراف يحتوي على مضمون جدي بقيم مالية مرتفعة والتزامات شخصية ثقيلة، لذا فقد اشترطت اللائحة شرطاً شكلياً، هو الكتابة، حرصاً على سهولة إثبات التزامات الطرفين في حال حدوث منازعة.
• الممارسة بموجب شروط متفق عليها: فلا يجوز البدء بممارسة الرياضة الاحترافية قبل الاتفاق على شروط واضحة ومكتوبة في عقد الاحتراف، وإلا سنعود لفكرة الهواية خلال الفترة ما قبل التعاقدية.
بماذا يختلف مفهوم الاحتراف «المنتظم» عن الاحتراف «الكُلي»؟
نستطيع القول إن لائحة الاحتراف اعتمدت الاحتراف بالممارسة المنتظمة خلال موسم أو مواسم رياضية كاملة (مادة 17 لائحة 2022)، لكن هذه اللائحة لم تشترط التفرغ الكامل للاعب المحترف ضمن إطار ممارسة الرياضة في ناديه.