وجهة نظر: البدء المبكر في الاستثمار
غالباً ما يُشبّه الاستثمار بزراعة شجرة، فكلما زرعتها مبكرا زادت الثمار التي ستحصدها منها مع مرور الوقت. هذا المبدأ يتجلى بوضوح من خلال المقارنة بين مستثمرين افتراضيين (أحمد وبدر)، اللذين يهدفان إلى تكوين ثروة ومستقبل مالي آمن عند التقاعد. توضح القصة أثر العائد المركب (Compound Return) وكيف أن الوقت هو أعظم حليف لك في الاستثمار.
أحمد بدأ رحلته الاستثمارية في سن 25، يلتزم باستثمار 5000 د.ك سنويا في نهاية كل سنة لمدة 10 سنوات. بحلول الوقت الذي يبلغ فيه 35 عاما، يتوقف أحمد عن القيام باستثمارات إضافية، بعد أن يكون قد ساهم بمبلغ إجمالي قدره 50.000 د.ك ومع ذلك فإن مفعول العائد المركب يستمر في العمل على تعظيم وزيادة استثماراته.
من ناحية أخرى، بدر يبدأ الاستثمار في وقت لاحق في سن 35، يبدأ في المساهمة بمبلغ 5000 د.ك سنويا في نهاية كل سنة، ويستمر في ذلك حتى سن 65. على مدار هذه السنوات الثلاثين، يساهم بدر بمبلغ إجمالي قدره 150.000 د.ك، وهو ثلاثة أضعاف المبلغ الذي استثمره أحمد.
يستفيد كلا المستثمرين من معدل عائد سنوي مركب على محفظتهما الاستثمارية قدره 8%. لنقم الآن بمتابعة ومقارنة نمو استثماراتهم: بحلول الوقت الذي يبلغ فيه أحمد سن 65، تنمو استثماراته بشكل كبير بفضل قوة التراكم على مدار 40 سنة. يمكن حساب القيمة المستقبلية لاستثماره بمعدل عائد سنوي قدره 8% باستخدام صيغة القيمة المستقبلية للدفعات السنوية، يكون لديه 72.433 د.ك بعد 10 سنوات، بعد التوقف عن المساهمات في عمر 35، ستنمو الاستثمارات بمعدل 8% سنويا للسنوات الثلاثين التالية حتى يبلغ 65 عاما ليصل الى 728.867 د.ك، أما بدر بالمقابل له سنوات المساهمة 30 سنة (من سن 35 إلى 65) بإجمالي الاستثمار: 150.000 د.ك باستخدام نفس صيغة القيمة المستقبلية للدفعات السنوية لمدة 30 سنة سيصل الى 566.416 د.ك.
بحلول سن 65، ينمو استثمار أحمد البالغ 50.000 د.ك إلى حوالي 728.867 د.ك، بينما ينمو استثمار بدر البالغ 150.000 د.ك إلى حوالي 566.416 د.ك. على الرغم من أن المستثمر بدر ساهم بمبلغ أكبر بثلاث مرات فإن المبلغ النهائي له أقل بسبب بدايته المتأخرة. هذا الفرق البارز يسلط الضوء على قوة البدء المبكر، والسماح لاستثماراتك بالتراكم على مدار فترة أطول. هذه القصة تؤكد درسا لجميع المستثمرين: كلما بدأت مبكرا كانت مكافآتك المحتملة أكبر. الوقت هو حليف قوي في عالم الاستثمار. البدء المبكر يمنح استثماراتك المزيد من الوقت للنمو، مما يعزز الفوائد الكبيرة للعائد المركب.
في الختام، سواء كنت تبدأ حياتك المهنية أو كنت في منتصفها، فإن أفضل وقت للبدء في الاستثمار هو الآن. عند القيام بذلك، تضمن أن أموالك تعمل بشكل أكبر من أجلك، مما يمهد الطريق لمستقبل مالي أكثر أمانا، لذا ازرع تلك الشجرة اليوم وشاهدها تنمو واستمتع بقوة الاستثمار المبكر، وتذكر أن الاستثمار ينطوي على مخاطر، لذلك احرص على تنويع محفظتك الاستثمارية والتعامل مع الجهات المرخصة الموثوقة. هناك العديد من الوسائل للبدء بذلك عن طريق شركات إدارة الثروات وتطبيقاتها الإلكترونية التي تمكن الشخص من تكوين محفظة استثمارية بحسب أهدافه وشهيته لتقبل المخاطر (أسهم، عقار، صكوك، صناديق مؤشرات متداولة، صناديق استثمارية) متنوعة متوازنة ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
أستاذ مشارك في قسم التمويل والمنشآت المالية بجامعة الكويت