«هناك نحو خمسين هيئة ومؤسسة ولجنة معظمها عبارة عن أورام لا عمل حقيقياً لها... مشروع صفر بطالة، الذي ينسب لرئيس ديوان الخدمة المدنية، بداية لتعميق مرحلة اللا تخطيط، والسير في مسار معاكس لنوايا الإصلاح... الأمر بات يتطلب جراحة، فما هو غير مستدام لابد أن يتوقف ويُستأصل... دور المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية يحتاج إلى كثير من الارتقاء، بما يجعله يوفر التشخيص ونجاعة الحلول...».
الفقرة السابقة كانت لتقرير «الشال» بعنوان «مشروع علاج الموازنة مجرد نوايا»، يشخص التقرير بدقة مواضع الضعف وغياب الرؤية عند أهل القرار، لكن مَن يقرأ ومَن يفهم ويتلاحق للعلاج؟ فلا يوجد لدينا هذا الجراح الذي يمكنه أن يستأصل، مثلاً، الخمسين هيئة حكومية التي هي بلا عمل ولا إنتاجية، والتي تبتلع ملايين الدنانير سنوياً من الميزانية من غير جدوى.
العاملون في معظم تلك الهيئات هم «أكل ومرعى وقلة صنعة»، تلك الهيئات المتورمة خُلقت منذ البداية، إما لتكملة شكل ديكوري للدولة، وهي مجرد مساحيق تظهر الدولة - على غير الحقيقة - بشكل ما يجب أن تكون عليه دولة القانون المتحضرة، أو لأنها صُنعت بغرض الترضيات السياسية التي أدمنتها الإدارة السياسية من عقود مضت. ما العمل معها؟... هم أبخص.
حين نتحدث في مكان آخر عن الباب الأول - الأجور والرواتب - الذي يستهلك ثلاثة أرباع الميزانية، ونُسهِب في الكلام عن أزمة تضخم البطالة المقنعة والتصريحات المضحكة، وشر البلية ما يضحك، مثل تصريح رئيس ديوان الخدمة المدنية عن «صفر بطالة»، كيف يمكن حل هذه المعضلة مع دولة الريع؟ اليوم بطالة مقنعة، تكدس في أروقة الحكومة، مئات الألوف من الموظفين العاملين من غير عمل، وغداً هناك، وقبل 2030، ستقذف لنا الجامعات من بقالات الجامعات الخاصة والعامة هنا وحتى من الجامعات المحترمة بالخارج (كله صابون عند البيروقراطية الحكومية) أكثر من 300 ألف خريج وخريجة «وين راح تودونهم»...؟!
حكاية أن القطاع الخاص يجب أن يستوعب القادمين لسوق العمل، سخرية أخرى غير قابلة للهضم، حدثوا العاقل بما يعقل، لماذا يستغني رب العمل في «الخاص» عن الوافد الآسيوي أو العربي الأقل تكلفة والأكثر إنتاجية من أجل «المارد الكويتي»؟! بتعبير زميلنا عبداللطيف الدعيج، أي مارد هذا الذي ننتظر أن يستيقظ...؟ هل هناك مَن يذكر مسرحية «كازينو أم عنبر» تم كي راس عنبر، وأصبح يصحو من غفوة ليدخل في غفوة أعمق...! ما الحل...؟ لا نعلم... بهذا التفكير والنهج الذي تُدار به الأمور في الدولة... لننتظر معجزة في عصر لا توجد فيه معجزات.