تراوح الأزمة السياسية في فرنسا مكانها بعد أسابيع من انتخابات تشريعية مبكرة دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون إثر قراره المفاجئ حل البرلمان، وأفضت إلى فوز تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليساري دون تحقيق أغلبية مطلقة لتدخل أحزابه في مفاوضات عسيرة لترشيح رئيس وزراء جديد بعد استقالة الحكومة.
واتفقت أحزاب «الجبهة الشعبية» أخيراً على ترشيح لوسي كاستيت لرئاسة الحكومة، لكن الرئيس ماكرون أكد في مقابلة مع محطة (فرنسا 2) أنه قرر «هدنة أولمبية» وتأجيل هذا القرار إلى ما بعد الألعاب الأولمبية التي تستضيفها بلاده، مما أغضب قادة اليسار الذين هددوا بالدخول في «صراع قوة مع الإليزيه».
ودعت كاستيت في أول خطاب لها في وسائل الإعلام الرئيس الفرنسي إلى تحمل مسؤولياته بتعيينها رئيسة للوزراء، معتبرة أن «اللحظة خطيرة، ولا يمكننا تأجيل هذا النوع من القرارات»، وذلك رداً على تصريح ماكرون مساء الثلاثاء أنه لن يعيّن حكومة جديدة قبل نهاية الألعاب الأولمبية منتصف أغسطس المقبل.
ووصفت كاستيت، وهي موظفة في مجلس مدينة باريس (37 عاما)، موقف ماكرون بأنه «إنكار للديموقراطية»، مستبعدة أي «تحالف مع المعسكر الرئاسي بسبب خلافاتنا العميقة»، تماشياً مع زعماء الجبهة الشعبية الجديدة، الذين تناوبوا في الدفاع عن ترشيحها، داعين إلى «التعبئة» للضغط على «الإليزيه».
وفي هذا الصدد، دعا منسق حزب (فرنسا الأبية) مانويل بومبارد إلى «صراع قوة»، مع «الانطباع بالتعامل مع الرجل المجنون المتحصن في الإليزيه»، فيما اعتبرت رئيسة حزل الخضر المساند لحماية البيئة مارين تونديلييه ماكرون «مثل طفل مذعور لا يمكنه التصرف، وكأن شيئاً لن يحدث حتى منتصف أغسطس»، متجاهلةً فكرة الهدنة الأولمبية.
في هذه الأثناء، أعلن مكتب المدعي العام في باريس أنه وجّه اتهامات إلى مواطن روسي (40 عاماً) تشمل «التخابر مع قوة أجنبية بهدف إثارة أعمال عدائية في فرنسا»، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة 30 عاماً، مشيراً إلى أنه تم وضعه في الحبس الاحتياطي.
وبحسب صحيفة لو باريزيان، التي كشفت القضية، فقد اعتقلت الشرطة الفرنسية المشتبه به الأحد الماضي وبتفتيش شقته عثرت على أدلة عن «عملية تخريب كبيرة»، فيما أكد مكتب المدعي العام أن «العناصر التي تم اكتشافها تثير مخاوف من نيته تنظيم أحداث من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار خلال الألعاب الأولمبية».
وتستضيف فرنسا من 26 الجاري إلى 11 أغسطس المقبل الألعاب الأولمبية، وسط مناخ سياسي متوتر وإجراءات أمنية مشددة تغذيه تحذيرات من نية روسيا تخريب هذه الألعاب.