شوشرة: بالمختصر
«التعليم يحتضر»، هذا مختصر واقعنا التعليمي المؤلم بسبب التدني الكبير في المستوى العلمي للطلبة الذين لا يعرف بعضهم المفردات اللغوية العربية كتابة ومعنى أو حتى أبجدياتها، وهذا الأمر المحزن والمقلق يدعو الى تضافر الجهود للوقوف على أسباب هذا التدني الكبير، خصوصا للطلبة بعد الثانوية الذين تشير علامات الاستفهام إلى كيفية تخرجهم وهم دون مستوى يحقق الطموح للارتقاء بتعليمهم والوصول الى الشهادات العليا.
هذا التحذير الذي أطلقناه مرارا وتكرارا حول ضرورة البحث عن الأسباب والوقوف على العوائق وراء ذلك لم يجد آذانا صاغية سوى تبريرات ومحاولات للدفاع، لأن العلة تكمن فيمن وراء هذا التدني وهم أهل الميدان الذين يحتاجون الى غربلة، فهل يعقل طالب بعد الثانوية لا يجيد الكتابة؟ والكارثة عندما تكتشف أن بعض الطلبة حصلوا على معدلات مرتفعة في الثانوية العامة.
فالتعليم أساس الأمم التي يفترض أن ترسم بعداً ومستقبلاً لبناء أجيال المستقبل الذين هم العماد الذي ستؤسس عليه المراحل في السنوات القادمة للنهوض بمؤسسات الدولة المختلفة، ولكن شتان ما بين الأمس واليوم، ما بين تعليم يؤسس وآخر يدمر، فأصبح ولي الأمر يتكبد العناء ليوفر المبالغ لدروس التقوية بعد المدرسة، وبعض الطلبة يعانون ذلك بأن يواجهوا دواما آخر في مراكز التقوية، أي أن يومهم يتحول معظمه للدراسة وجزء قليل يخلدون فيه للنوم، الأمر الذي يجب التوقف عنده والتساؤل: لماذا اللجوء الى مراكز التقوية طالما وجدت المدارس؟ وهذا الأمر تتحمله قيادات التربية لأنه يفترض أن يكونوا عين الرقيب على ذلك طالما هذا الإهمال من أصحاب الميدان.
إن القضية يجب ألا توضع على الرف كحال العديد من القضايا المهمة، بل تتطلب تحركا جادا وفعالا فضلا عن مساهمة الجمعيات الأهلية التي يفترض أن يكون دورها فاعلا في هذا الجانب، حتى لا تضيع الأجيال في قاعات اللجان ودوامة المساومات ودهاليز الأدراج التي فاضت بالدراسات والمقترحات التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع سوى ردات أفعال تنخمد نيرانها مع انتهاء الغرض والحدث.
وعلى أولياء الأمور متابعة هذا الأمر وعدم تجاهله سواء مع المعنيين في المدارس أو المناطق التعليمية أو الكليات والجامعات حتى لا يصبح أبناؤهم الضحية، فضلا عن حالات الغش التي تظهر بين فينة وأخرى، وهي فرصة أمام الحكومة لإعادة بناء هذه المنظومة ومناهجها التي يجب أن تركز أيضا على تربية الأخلاق قبل التعليم، لأنها للأسف الشديد باتت غائبة في سلوكيات بعض الطلبة الذين ينقلون واقع بيئتهم الى المدارس أو الكليات والجامعات مما جعله وباء متفشيا في لغة الحوار بين الطالب والمعلم.
آخر السطر:
العملية التربوية بحاجة إلى غربلة تبدأ بالمناهج وتصحيح المفاهيم التعليمية للطلبة الضايعين بالطاسة.