«الشال»: تريليون الصندوق السيادي ليس رقماً دقيقاً

التحدي الحقيقي تحويل مواردنا إلى نعمة... والنرويج وفنزويلا نموذجان للنجاح والفشل
• جيد تواصل الاكتشافات النفطية وتشغيل حقول متوقفة بعد فشل بلوغ المستهدفات الإنتاجية
• حقل النوخذة يرجح أن يغطي لاحقاً نقصاً كبيراً في احتياجاتنا من الغاز
• أمر طيب عودة قطاع النفط إلى الاستثمار الناجح في الاستكشافات وتطوير البنى التحتية
• الإدارة الحصيفة هي التي تصنع الفارق ومؤشرات الحصافة عندنا ضعيفة

نشر في 28-07-2024
آخر تحديث 27-07-2024 | 20:30
النفط
النفط

قال التقرير الأسبوعي لشركة الشال للاستشارات إن الأرقام الواردة بإعلان اقتراب قيمة الصندوق السيادي للكويت من تريليون دولار، ليست أرقاماً دقيقة، مبيناً أن التحدي الحقيقي الذي يواجهه الاقتصادي الكويتي ليس وفرة الموارد، وإنما الارتقاء إلى أعلى سلّم الاستخدام الأمثل لها، بعدما أسيء استخدامها فيما مضى.

ورأى التقرير أن «الإدارة الحصيفة هي فقط التي تصنع الفارق، ومؤشرات حصافتها ضعيفة»، معتبراً أن تواصل اكتشافات مكامن نفطية جديدة في البلاد مع تشغيل حقول متوقفة من الأمور الطيبة، لكن الأهم عودة القطاع إلى نشاطاته الحقيقية، بالاستثمار الناجح في الاستكشاف المحلي، وتطوير البنى التحتية لبلوغ مراحل الإنتاج والتصنيع والتصدير، لاسيما بعد فشل الاستراتيجيات النفطية السابقة في بلوغ مستهدفاتها من طاقة الإنتاج.

وأشار إلى أن حقل النوخذة نواة قد يصاحبها اكتشافات أخرى، مؤكداً أن أهميته الأساسية لا تكمن في محتواه النفطي، وإن كانت نوعيته أفضل، بل في احتمالية أن يغطي لاحقاً نقصاً كبيراً في احتياجات الكويت من الغاز.

وأضاف أنه سيكون للمزيد من الاكتشافات والإنتاج وقع أطيب إذا حوّلناها إلى نعمة لا نقمة، ضارباً بالنرويج وفنزويلا مَثلَين على «نعمة الموارد ولعنتها»، بعدما حصدت الأولى كل نعمة النفط وأصبح حجم صندوقها السيادي نحو 1.6 تريليون دولار، بعكس الثانية التي تبنَّت الوصفة الكاملة لـ «لعنة الموارد»، لتصبح بلا أي مدّخرات، وبات نحو 90 في المئة من شعبها فقيراً، يتوق إلى الهجرة.

وفي تفاصيل الخبر:

قال التقرير الأسبوعي لشركة الشال للاستشارات إنه أمر طيب أن تتواصل في الكويت اكتشافات مكامن نفطية جديدة، وأيضاً أمر طيب تشغيل حقول نفطية متوقفة.

وأضاف «الشال»: هو طيب من زاويتين، الأولى هي أن الكويت باتت بحاجة إلى إنتاج من مكامن جديدة تدعم وتخفف الضغط عن مكامن شاخت، بدليل فشل كل الاستراتيجيات النفطية السابقة في بلوغ مستهدفاتها من طاقة الإنتاج.

والزاوية الثانية، وربما الأهم، هي عودة قطاع النفط إلى نشاطاته الحقيقية، أي الاستثمار الناجح في نشاط الاستكشافات المحلي، ثم تطوير البنى التحتية لبلوغ مراحل الإنتاج والتصنيع أو التصدير. وحقل النوخذة مثال لأنه نواة قد تصاحبها اكتشافات أخرى، وأهميته في الأساس لا تكمن في محتواه من النفط، وإن كانت نوعيته أفضل، فكميته لا تزيد كثيراً على 3 بالمئة من الاحتياطيات النفطية المعلنة إن كانت صحيحة، لكنه من المحتمل أن يغطي لاحقاً نقصاً كبيراً في احتياجات البلد من الغاز.

وبيّن «الشال» أنه سيكون للمزيد من الاكتشافات أو الإنتاج، أي زيادة موارد الدولة، وقع أطيب إذا حوّلناها إلى نعمة لا نقمة، وهو الفارق في العلوم الاقتصادية ما بين حصافة توظيف حصيلتها، أو انحراف وسوء ذلك التوظيف. مثالان في عالمنا المعاصر يشرحان ماذا عنته «نعمة الموارد ولعنتها»، تحققت نعمتها في النرويج صاحبة أدنى احتياطيات نفطية، وطالت لعنتها فنزويلا صاحبة أكبر احتياطي نفطي تقليدي في العالم.

وأوضح أن احتياطي النرويج من النفط يبلغ حالياً نحو 7.6 مليارات برميل حسب آخر إصدارات «أوبك+»، ولم يبدأ فيها إنتاج النفط سوى في يونيو 1971، وقبل توزيع مواقع مكامن النفط إلى عدد من المساحات القابلة لطرحها في مزايدات من أجل استغلالها، قررت حكومتها وبرلمانها تحييد أثر توظيف إيرادات النفط السلبي على تنافسية اقتصادها بالإفادة من تجربة جارتها هولندا الفاشلة التي حمل اسمها «المرض الهولندي» نموذج لأعراض لعنة الموارد. فحصيلة الإيرادات النفطية في النرويج لا تستثمر أو توظّف داخلياً، ولا تموّل تلك الإيرادات المالية العامة إلا في أحوال الضرورة القصوى، وبما لا يتعدى 4 بالمئة من جملة نفقاتها العامة. والنتيجة أنها حصدت كل نعمة النفط، وأصبح حجم احتياطياتها المالية - صندوقها السيادي - نحو 1.6 تريليون دولار، كما في يونيو الفائت، وفاقت حصيلة إيرادات تلك الاحتياطيات كثيراً حصيلة إيرادات النفط، واستمر تمويل المالية العامة يأتي من حصيلة الضرائب على نشاط اقتصادي مستدام ومنافس.

ويبلغ احتياطي فنزويلا 303 مليارات برميل من النفط التقليدي، وهو الأعلى في العالم، وارتكبت كل الخطايا في التعامل معه، فرغم أن مساحتها 916.4 ألف كيلومتر مربع بعدد سكان يبلغ 29.4 مليون نسمة، وهي بلد غني بالموارد المائية ويقع مباشرة على سواحل تمتد 2.800 كيلومتر، أي اقتصاد قد ينهض من دون نفط، فإن اقتصادها فقد كل تنافسيته. واستخدم قطاع النفط للتوظيف العشوائي، واستبدلت الكفاءات في القطاع النفطي، أو استبدل الكيف بكمّ كبير من موالي النظام، ولا تملك فنزويلا مدّخرات لمواجهة أي من التزاماتها، وأصبحت عملتها بالكاد تساوي الورق المطبوعة عليه، وأصبح نصف قوة العمل عاطلا عن العمل، ونحو 90 بالمئة من شعبها فقيراً، ويتوق سكانها إلى الهجرة، أي تبنّت وصفة كاملة حققت كل تبعات «لعنة الموارد».

وشدد «الشال» على أنه بين «النعمة» «والنقمة» تحتل الدول الأخرى المنتجة للنفط موقعاً على السلم، بعضها في الأعلى أقرب إلى النرويج، وبعضها أدنى وأقرب إلى فنزويلا، ومع إعلان الكويت عن اكتشافاتها، ومع الإعلان عن اقتراب قيمة صندوقها السيادي من التريليون، وهي ليست أرقاماً دقيقة، يستمر التحدي الحقيقي الذي يواجهها، ليس وفرة الموارد، وإنما الارتقاء إلى أعلى السلّم بالاستخدام الأمثل لها، بعد أن أساءت استخدام مواردها فيما مضى، ويظل في حدود الممكن، ولكن الإدارة الحصيفة هي فقط التي تصنع الفارق، ومؤشرات حصافتها ضعيفة.

اقتراب قيمة الصندوق السيادي من التريليون ليس دقيقاً

من المحتمل أن يغطي «النوخذة» نقصاً كبيراً في احتياجات البلد من الغاز

back to top