غداة اختتام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة مهمة للولايات المتحدة لحشد المزيد من الدعم لمواصلة حربه على القطاع الفلسطيني المنكوب، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة جديدة أدت إلى مقتل 41 وإصابة العشرات في مدرسة خديجة التي تؤوي نازحين بدير البلح وسط غزة، بالتزامن مع إصداره أوامر إخلاء تجبر سكان عشرات الأحياء السكنية بمناطق غرب وجنوب خان يونس على النزوح القسري من أماكن إقامتهم باتجاه منطقة المواصي غرب المدينة، مقلّصاً بذلك مساحة المنطقة الإنسانية الآمنة بجنوب القطاع للمرة الثانية خلال أسبوع.

في غضون ذلك، قال الناطق الرسمي باسم السلطة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «المجازر الوحشية التي كان آخرها بمدرسة خديجة تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأميركية و»الكونغرس» اللذان صفقا وأعطيا الدعم السياسي والمالي والسلاح والضوء الأخضر لهذا الاحتلال ليستمر في قصف الأطفال والنساء والشيوخ، لأنه يعلم مسبقاً أنه محميّ من العقاب، جراء الدعم الأعمى والمنحاز من قبل الجانب الأميركي». وطالب أبو ردينة إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن بـ «إجبار حليفها الاستراتيجي على وقف عدوانه، والامتثال لقرارات الشرعية الدولية وقرارات المحاكم الدولية».

Ad

من جهتها، اعتبرت «حماس» أن استهداف ساحة مدرسة السيدة خديجة بدير البلح جريمة وحشية تؤكّد «انسلاخ العدو عن قيم الإنسانية».

على الجهة المقابلة، برر الجيش الإسرائيلي قصفه للمقر التابع للأمم المتحدة بأنه استهدف عناصر مسلحة لـ «حماس» بداخله، فيما كشف مسؤول عسكري عبري أن الحركة تخوض معركة منظمة بفضل شبكة أنفاق عنكبوتية حفرتها تحت القطاع.

وقال المسؤول إن الحركة تمكنت من شنّ هجمات «مفاجئة بشكل متزامن» في أي مكان بالقطاع، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي فوجئ بقدرتها الهندسية وفهمها للتربة وكيفية ترابط الأنفاق التي لا يعرف حتى الآن الصورة الكاملة لشبكتها.

وقدّر أن التفكيك الشامل لـ «حماس» وإعادة تشكيل الواقع الأمني يتطلبان قتالا مستمرا وطويل الأمد، لافتاً إلى أنه «إذا انشغلنا بتدمير كل الأنفاق فسيستغرق ذلك سنوات عديدة أخرى من القتال والعمل».

جاء ذلك في وقت كشف أوساط عبرية عن استعداد النظام الأمني لمواجهة حدث كبير في المستقبل القريب من قبل «أنصار الله» الحوثية، انتقاما لهجمات الحديدة التي لم يعقبها رد ملموس من الجماعة المتحالفة مع طهران.

وأمس الأول، هددت مصادر في اليمن بأن الانتقام «لن يصل إلى عمل أو عملين، بل سيكون حرباً مفتوحة حتى تتوقف مأساة غزة». وتزامن ذلك مع إعلان القيادة الأميركية الوسطى (سنتكوم) أنها دمّرت 6 مسيّرات، و3 زوارق تابعة للحوثيين قبالة سواحل اليمن.

جهود دبلوماسية

وعلى صعيد الجهود الدبلوماسية الرامية لاحتواء الأزمة ومنع تفجّرها إقليمياً، من المنتظر أن يلتقي اليوم في روما كل من رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، ورئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، ورئيس وزراء قطر محمد عبدالرحمن، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، بهدف بحث صفقة تبادل الرهائن والتهدئة بين إسرائيل و»حماس».

ويستهدف اللقاء الرباعي، الذي تستضيفه روما لأول مرة، ما هو أبعد من «خط النهاية المستمرة عليه منذ فترة»، لكنّ مسؤولين إسرائيليين لا يعتقدون أنه سيؤدي إلى انفراجة في ظل اتهامات لنتنياهو بأنه يعطل التوصل إلى اتفاق ويخاطر بحياة الرهائن، بهدف مواصلة الحرب التي يسعى من خلالها للقضاء على «حماس» والدفاع عن وضعه السياسي.

في موازاة ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع مع نظيره الصيني وانغ يي، على هامش مؤتمر دول رابطة آسيان، أن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» من أجل وقف إطلاق النار بغزة، وإيجاد مسار لسلام وأمن دائمين. وذكر مسؤول أميركي أن بلينكن بحث مع نظيره الصيني «إعلان بكين» للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وأنهما اتفقا على أن الشرق الأوسط منطقة يمكن لبلديهما التعاون بها لمنع التصعيد.

وأتت تلك التصريحات بعدما قالت وزيرة الخارجية الإندونيسية، ريتنو مرسودي، إنه يتعين التوصل بشكل عاجل إلى سلام دائم، وإن القانون الدولي ينبغي أن يسري على الجميع.‭‭ ‬‬ويمثّل تعليق الدولة ذات أكبر أغلبية مسلمة في العالم إشارة إلى قرارات اتخذتها محكمتان دوليتان أخيراً بشأن هجمات إسرائيل.

اشتباكات فلسطينية

إلى ذلك، اندلعت ليل الجمعة اشتباكات مسلحة عنيفة بين أجهزة أمن السلطة وعناصر مسلّحة من «الجهاد» شمال الضفة الغربية المحتلة، وذلك عقب محاولة الأجهزة اعتقال قائد كتيبة طوباس التابعة للحركة، الذي فرّ من المكان، فيما اعتُقِل شقيقه، قبل أن يفرج عنه عقب تهديدات وصلت إلى حد التحذير من اندلاع «حرب أهلية».

وطالب القيادي في «حماس»، محمود مرداوي، حركة فتح التي يتزعمها رئيس السلطة محمود عباس بالتحرك سريعاً لتفادي «نقطة اللا عودة».

وشدد مرداوي على ضرورة أن تستمع «فتح» لما وصفه بـ «الأصوات التي تريد تفادي المأزق الذي يمرّ به المشهد الفلسطيني، لأن المقاومة لن تُسقط سلاحها من أجل سلطة لا تنتمي للمشروع الوطني».

وجاءت الاشتباكات بين «عناصر المقاومة» وأفراد السلطة التي تسعى واشنطن لتأهيلها من أجل الإمساك بغزة عقب انتهاء الحرب، لتلقي بظلال رمادية على اتفاق المصالحة الذي تم برعاية بكين أخيراً، بهدف تشكيل حكومة وحدة تدير القطاع والضفة.