تشهد احتياطيات النفط العالمية القابلة للاستخراج تغييراً كبيراً بنهاية عام 2023، وسط مخاوف من عدم كفاية هذه الموارد لدعم الطلب في المستقبل.

وبلغ حجم هذه الاحتياطيات 1.536 تريليون برميل بنهاية 2023، بانخفاض 52 مليار برميل، مقارنة بتقديرات العام السابق عليه، وفق تقرير حديث نقلته وحدة أبحاث الطاقة.

Ad

ويُعزى هذا التقلص، إلى إنتاج نحو 30 مليار برميل من هذه الموارد خلال 2023، وتعديلات هبوطية لموارد الاكتشافات الأخيرة قدرها 22 مليار برميل.

وقال التقرير، إن الاحتياطيات النفطية تأثرت بانخفاض أنشطة الاستكشاف خلال السنوات الأخيرة، وسط مخاوف من تراجع الطلب على النفط، وهو الاتجاه الذي يلقَى تحذيرات وانتقادات كبيرة مع واقع استمرار الاستهلاك العالمي في تحقيق مستويات قياسية عاماً تلو الآخر.

ويحدد إجمالي احتياطيات النفط المتبقية القابلة للاستخراج سقفاً أقصى لكمية النفط التي يمكن إنتاجها على مدى الـ100 عام المقبلة أو أكثر، وفق التقرير الصادر عن شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي.

ومع ذلك، فإن هذا السقف الإنتاجي سيكون واقعياً فقط، إذ لم يؤثر تحول الطاقة في الطلب على النفط، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعاره بصورة كبيرة أعلى من 100 دولار للبرميل.

وفي ظل هذا السيناريو الافتراضي المرتفع للأسعار، سيبلغ إنتاج النفط ذروته في عام 2035 عند 120 مليون برميل يومياً، قبل أن ينخفض إلى 85 مليوناً بحلول عام 2050.

وفي توقعات أكثر واقعية لإنتاج النفط، سيبلغ إجمالي الإنتاج ذروته في عام 2030 عند 108 ملايين برميل يومياً، ثم سينخفض إلى 55 مليوناً عام 2050، مع بقاء أسعار النفط عند 50 دولاراً للبرميل بالقيمة الحقيقية.

ويرى التقرير أن احتياطيات النفط المتبقية في العالم (1.5 تريليون برميل) غير كافية لتلبية الطلب المتزايد في حال عدم الانتقال السريع إلى السيارات الكهربائية، كما أن جهود كبح إمدادات النفط لن يكون لها تأثير يُذكر في الحد من الاحتباس الحراري.

وأشار التقرير إلى أن الحل الوحيد القابل للتطبيق لإبقاء درجات الحرارة العالمية أقل من درجتين مئويتين هو الإسراع في كهربة وسائل النقل البري، وليس الحد من إمدادات النفط.

وذكرت «ريستاد إنرجي» أن أهم المراجعات التخفيضية لاحتياطيات النفط القابلة للاستخراج جاءت من السعودية، إذ تحول التركيز من الاستثمار في التوسعات البحرية إلى إعطاء الأولوية لتطوير الحفر البري.

وفي المقابل، شهدت الأرجنتين زيادة 4 مليارات برميل في احتياطياتها، ويُعزى ذلك إلى انخفاض المخاطر المرتبطة بمشروعات النفط الصخري في حقل فاكا مويرتا.

وبحسب آراء بعض المحللين، فإن الدول الأعضاء في منظمة أوبك تمتلك نحو657 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج، وهو ما يمثّل 40 في المئة من إجمالي الاحتياطيات العالمية.

وذكر التقرير أن احتياطيات النفط لدول «أوبك» أقل بكثير من الاحتياطيات المعلنة رسمياً والبالغة 1.215 تريليون برميل، كما سجلتها المنظمة في المراجعة الإحصائية لشركة النفط البريطانية بي بي، التي ينشرها معهد الطاقة البريطاني، مشيراً إلى أن هذه الأرقام الرسمية قد يكون مبالغاً فيها بمقدار الضعف تقريباً، وتأتي معظم المبالغة من فنزويلا وإيران وليبيا والكويت.

بينما كندا هي الدولة الوحيدة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي يبدو أنها تبالغ في تقدير احتياطياتها النفطية، باعتبار أن أغلبية مواردها تأتي من الرمال النفطية، التي ستبقى على الأرجح عالقة بسبب ارتفاع تكاليف التطوير.

وظل ترتيب الدول الأكثر امتلاكا لاحتياطيات النفط القابلة للاستخراج دون تغيير خلال 2023، مع احتفاظ السعودية بالمركز الأول، بنحو 247 مليار برميل، حسب «ريستاد إنرجي»، وهذا على عكس العديد من المؤسسات البحثية الأخرى، التي تضع فنزويلا في المرتبة الأولى، لكن «ريستاد» ترى أن موارد فنزويلا مبالغ فيها بصورة كبيرة.

وفي الترتيب الثاني، جاءت الولايات المتحدة بـ156 مليار برميل، ثم روسيا وكندا والعراق، باحتياطيات نفطية قدرها 143 و122 و105 مليارات برميل على الترتيب.

وعلى النقيض من المناطق الأخرى، كان أداء أميركا اللاتينية جيداً نسبياً، إذ شهدت البرازيل والمكسيك والأرجنتين وغايانا وفنزويلا، إما استقراراً نسبياً وإما نمواً طفيفاً في احتياطياتها النفطية.

ووفقاً للتقرير، تبلغ احتياطيات النفط العالمية المؤكدة 449 مليار برميل وفقاً لمعايير الصناعة المعترف بها، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

ويمثّل هذا الرقم الحد الأدنى لاحتياطيات النفط المتبقية في حال عدم الموافقة على أي مشروعات تطوير جديدة وتوقفت جميع أنشطة الاستكشاف الحالية.