بغض النظر عن احتجاج واعتراض حماة الأخلاق والآداب عندنا على عروض أولمبياد باريس، يبقى الأولمبياد مميزاً، ونقلة نوعية في عرض افتتاح الدورة الأولمبية.

اعتراض ربيعنا على عرض أو لوحة العشاء الأخير يعني شيئاً واحداً، أنهم ضد الترفيه، وضد الفن، وأعداء لدودون للمتعة والفرح. بلوحة العشاء الأخير أو بدونها، ربيعنا سيجدون الانحلال والتفكك والهبوط في كل رائع وجميل، ولن يوقفهم عن ذلك لوحة أو عرض عابر.

Ad

الافتتاح لم يكن لوحة العشاء الأخير، بل كان مبادئ الثورة الفرنسية في الحرية والمساواة والعدالة والإخاء التي جسَّدها المنظمون للحفل في أكثر من لوحة، خصوصاً دعوة «التوحد في التعدد»، وتفسيرها لربيعنا هنا من المعترضين على الافتتاح أو غيرهم أن لا وحدة ولا هوية واحدة، بل هويات وثقافات متعددة تتعايش جميعاً في ظل مبادئ الإخاء والمساواة. هذا ما عرضه الافتتاح... لكن بالطبع بعضنا لم يشاهد غير لوحة العشاء الأخير. اللوحة التي ربما فهمها الكثيرون بشكل معكوس، فهي ربما - ولست جازماً هنا - تستهدف شيئاً آخر في بطن الشاعر، ولا تستهدف إهانة المتدينين المسيحيين كما فهم... ربما.

على كلٍّ، لست هنا في معرض الدفاع عن افتتاح دورة باريس، لكن للإشارة إلى شيء لفت نظري. عند عرض القوارب بدت شعوب العالم عبر ممثليها فرحة مبتسمة «تطامر وتردح» بهجة وفرحاً، بينما وجدت أغلب شعوبنا العربية، بل أبناء منطقتنا بالكاد يبتسمون. وفي أحسن الأحوال كانوا يلوحون بابتسامة فاترة أو متجهمة بأعلام بلادهم.

كل العرب، وللحقيقة لم أشاهد شمال إفريقيا، ولا أعلم لماذا، ولكني أعتقد أنهم سواء أيضاً، فباكستان وإندونيسيا وإيران لم يكونوا أحسن حالاً من بني يعرب، وهذا يدعو للتفكر.

هنا المعضلة، وهنا سبب هذه الهجمة المتضخمة على عروض الافتتاح. فنحن شعوب ضد الفرح وضد البهجة والسرور. علمونا منذ الصغر أن «الثقل» زين، وأن «نتسمت» في كل مناسبة، حتى نبدو لائقين أو مهمين. لهذا كان طبيعاً أن يشتم ويلعن العرض أغلبنا، فالعرض والفن ضد طبيعتنا بالأساس.