غداة كشف وكالة «رويترز» عن قيام الولايات المتحدة بتحريك حملة دبلوماسية لردع الدولة العبرية عن ضرب العاصمة اللبنانية بيروت، أو البنية الأساسية المدنية الرئيسية، رداً على هجوم صاروخي على هضبة الجولان السورية المحتلة، صرح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بأنه لا يعتقد أن اندلاع مواجهة شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» أمر واقع لا محالة، رغم استمرار قلقه من احتمال التصعيد بعد الضربة التي أدت إلى مقتل 12 طفلاً في قرية درزية، ونفى الحزب اللبناني القيام بها، فيما تعهد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالرد عليها بانتقام غير معهود.

وقال أوستن، خلال مؤتمر مشترك في مانيلا، بعد محادثات أمنية جمعته ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيريهما الفلبينيين: «شهدنا أنشطة كثيرة على الحدود الشمالية لإسرائيل، لا نزال نشعر بالقلق من احتمال التصعيد إلى قتال شامل، ولا أعتقد أن القتال أمر واقع لا محالة»، مضيفاً: «نود أن نرى الأمور تُحل بطريقة دبلوماسية».

Ad

في موازاة ذلك، ناشدت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني إسرائيل عدم السقوط في فخ الرد الانتقامي، قائلة إنها قلقة جداً إزاء الوضع في لبنان وخطر حدوث تصعيد بالمنطقة. وقالت في تصريحات خلال زيارة رسمية للصين، إن المجتمع الدولي ينبغي أن يواصل بث رسائل التهدئة، مبينة أن بكين يمكنها أن تساهم في هذه الجهود.

تهديد إيراني

وفي وقت تسابق واشنطن الزمن لمنع تحول تبادل الضربات الحدودية بين حليفتها والحزب اللبناني إلى حرب شاملة، في ظل تمسك الأخير بربط عودة الهدوء إلى المناطق الإسرائيلية المقابلة لجنوب لبنان بوقف حرب غزة، هدد رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني، كمال خرازي، الدولة العبرية بمواجهة رد وصفه بـ«الشديد» في حال إقدامها على مهاجمة لبنان.

ولم يكشف خرازي، المقرب من المرشد علي خامنئي، عن طبيعة الرد الإيراني، لكنه قال في حديث نقلته وسائل إعلام رسمية إيرانية: «إذا غامرت إسرائيل فعليها أن تعلم أنها ستواجه ردوداً شديدة»، وأضاف: «أفضل حل لنتنياهو هو إنهاء حرب غزة الوحشية».

ووصف اتهام إسرائيل «حزب الله» بالمسؤولية عن هجوم الجولان بأنه مؤامرة لتوسيع الحرب، وتكرار لـ«ادعاءاتها بعد قصف المستشفى المعمداني في غزة، واستشهاد 500 مدني، حينما اعتبرت المقاومة الفلسطينية المتسببة في الحادثة».

دخول الجليل

وفي حين تسرب إسرائيل أنها تريد إيذاء الحزب بردها على ضربة الجولان «لكن بدون جر الشرق الأوسط إلى حرب شاملة»، شدد مصدر قيادي في الجماعة اللبنانية القوية على أنها سوف ترد حتماً على أي اعتداء محتمل على لبنان، مؤكداً أن «قيادة المقاومة في حالة جاهزية كاملة، وهي من تحدد شكل الرد وحجمه».

وقال المصدر، إن الحزب يأخذ تهديدات إسرائيل على محمل الجد، وأعد للأمر كامل عدته، مشيراً إلى أن مصطلح إسرائيل عن ضربة قاسية ومحدودة لا يعني الحزب في شيء، لأنه عدوان بمعزل عن حجمه.

ولفت إلى أن الموفدين الدوليين أبلغوا الحزب أنهم يجرون اتصالات مع إسرائيل لتجنب المدنيين، لكن الحزب قال إنه لا يثق بعدوه، وأشار إلى أن الموفدين طرحوا على الحزب عدم الرد على العدوان المرتقب، لكن الحزب أبلغهم برفضه.

وشدد على أن «حزب الله» لا يتوقع اجتياحاً برياً ولو محدوداً للبنان، لكنهم في حالة جاهزية كاملة، لافتاً إلى أن الحزب قادر على قصف المنشآت العسكرية في حيفا والجولان ورامات ديفيد بشكل قاسٍ وعنيف.

ولوح بأن الاجتياح البري للبنان سيكون حافزاً لهم لوضع أولى أقدامهم في منطقة الجليل، شمال إسرائيل، مؤكداً أن التبني الأميركي للرواية الإسرائيلية بشأن اتهام الحزب بضربة مجدل شمس في الجولان لم يفاجئهم.

في غضون ذلك، نفى رئيس شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، في بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء اللبناني، تلقي مطار رفيق الحريري الدولي «أي تهديدات أو معلومات من أي مصدر بأن هناك ضربة له»، بعد قيام عدة شركات بإلغاء رحلاتها إلى بيروت مؤقتاً، بسبب تصاعد المخاوف الأمنية.

من جهته، واصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاته ولقاءاته الدبلوماسية المكثفة في إطار مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والتهديدات المستجدة، وقال: «من المستغرب أن العدو الإسرائيلي الذي يشن حرباً بلا هوادة على الفلسطينيين، قتلاً وتدميراً وتهجيراً، يزعم التفجع على ضحايا عرب سقطوا في منطقة عربية محتلة من قبل إسرائيل ويهدد ويتوعد، علما أن الملابسات الكاملة لما حصل لا تزال غير معروفة بعد».

قصف وتصدٍّ

على الصعيد الميداني، أعلن «حزب الله» أن وحدة الدفاع الجوي لديه تصدت لطائرات حربية صهيونية اخترقت حاجز الصوت فوق الأجواء اللبنانية، وأجبرتها على التراجع.

في المقابل، أفاد جيش الاحتلال بأنه قصف «نحو 10 أهداف» للحزب في 7 مناطق بجنوب لبنان، ما أدى إلى مقتل أحد عناصره.

وتحدثت تقارير عبرية عن مقتل إسرائيلي جراء سقوط صاروخ أطلقه الحزب على مستوطنة «هجوشريم» في إصبع الجليل، وقالت إن الاحتلال رد بقصف مدفعي وجوي، وبإطلاق قنابل فوسفورية فوق بلدة الخيام جنوبي لبنان، في مشهد لم يتجاوز سياق الأحداث اليومية الموازية لحرب غزة.