كشفت الاستخبارات الأوكرانية عن دورها «الرئيسي» في هجوم استهدف رتلاً مشتركاً بين «فيلق إفريقيا» (فاغنر سابقاً) الروسي والجيش المالي في منطقة تين زاوتين على الحدود مع الجزائر، وأسفر عن عدد كبير من الضحايا.
ونقلت صحيفتا الغارديان والتايمز عن المتحدث باسم الاستخبارات الأوكرانية، أندريه يوسوف، إن «المتمردين تلقوا المعلومات الضرورية، وليس فقط المعلومات، التي جعلت من الممكن تنفيذ هذه العملية العسكرية ضد مجرمي الحرب الروس».
وتعرض رتل من 50 مركبة ويضم أكثر من 80 مقاتلاً في الفترة بين 25 و27 يوليو الماضي لكمين نصبه المتمردون الطوارق في هجوم هو الأسوأ على القوات الروسية في إفريقيا، وأسفر عن عدد غير محدد من الضحايا، لكن قنوات على موقع تليغرام مرتبطة بـ «فيلق إفريقيا» أكدت أنها تكبدت خسائر فادحة، فيما أظهرت مقاطع فيديو جثث رجال بيض وجنود ماليين ملقاة على الأرض، بينما تم أسر آخرين.
من جانبها، ذكرت قناة روسيا اليوم أن لديها دليلاً على تورط مدربين أوكرانيين إلى جانب المتمردين الطوارق في الهجوم، بينما نشرت صحيفة كييف بوست صورة تظهر متمردي الطوارق يرفعون العلم الأوكراني، لكن مراقبين أن هذه الصورة التطقت قبل معركة (تينة زواتين).
غير أن متمردي الطوارق، الذين يطالبون منذ عام 2012 باستقلال إقليم أزواد المالي، يتحدثون في بياناتهم الصحافية عن «نضال مشترك وحرب وجودية ضد روسيا»، فيما اقترح المتحدث باسم الطوارق في منشور على موقع X الاثنين الماضي تسليم السجناء إلى كييف «كدليل على الدعم والتضامن».
وفي تغير مفاجئ لموقفه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس: «أعتقد أنه يمكننا استعادة أراضينا من خلال الدبلوماسية»، مقراً بأن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر تشكل «خطراً» على أوكرانيا.
وقال زيلينسكي: «لا يمكننا التأثير في أي انتخابات، لكن بالتأكيد تشكل الولايات المتحدة تحدياً اليوم. وهناك خطر لا يستطيع أي منّا توقعه، وعلينا أن نجري اتصالات لمناقشة طبيعة المستقبل في حال فاز هذا المعسكر أو ذاك».
ومع تفاقم الصراع بين روسيا وأوكرانيا، لا يزال الأوكرانيون يعارضون التنازل عن أي شبر لموسكو، لكنهم باتوا «منفتحين أكثر» على إبرام اتفاق سلام معها. وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى استطلاعات حديثة سلطت الضوء على تحول ملموس نحو قبول إجراء محادثات سلام مع موسكو.
وبينما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة ZN.UA الإعلامية المستقلة في منتصف يوليو الماضي أن حوالي 44 بالمئة من الأوكرانيين يفضلون بدء محادثات رسمية مع روسيا، خلص استطلاع أجراه معهد كييف الدولي في 23 من نفس الشهر إلى أن 55 بالمئة من الأوكرانيين يعارضون التنازل عن أي أرض لروسيا لإنهاء الحرب.
وفي الجنوب، إحدى المناطق الأكثر تضرراً من الحرب، يبدو التغيير في الموقف أكثر وضوحاً، وفق استطلاع معهد كييف، حيث قال أكثر من نصف المستجوبين إنهم إما يؤيدون أو غير متأكدين تماماً من مقترح التنازل عن بعض الأراضي، في حين عارض 46 بالمئة أي تنازلات.
وقبل عام، قال 86 بالمئة من سكان هذه المنطقة، التي تضم دنيبروبيتروفسك وزابوريجيا وميكولايف وخيرسون وأوديسا، إنهم يعارضون منح أي أرض لروسيا.
وبرر المدير التنفيذي للمعهد أنطون جروشيتسكي ارتفاع عدد الأوكرانيين المستعدين للتنازل على الأرض مقابل السلام بتحطم آمالهم إزاء الدعم الغربي، وخاصة بسبب التأخير في المساعدات العسكرية الأميركية، فضلاً عن شعورهم بالتوتر بشأن ما قد يعنيه إعادة انتخاب دونالد ترامب، الذي أعلن أنه يخطط لإنهاء الحرب بسرعة، حيث يخشى الأوكرانيون من أنه سيقطع الدعم الأميركي أو يدفع للسماح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي التي تحتلها الآن.
ومع احتدام الصراع، أعلنت القوات الجوية الأوكرانية صد واحدة من أكبر الهجمات الروسية بطائرات مسيرة إيرانية على كييف وأسقطت 89 منها، فيما أكدت الإدارة العسكرية أنه لم تُصب أي بنية تحتية مدنية أو حيوية بشكل مباشر، لكن الحطام ألحق أضراراً بأسقف ونوافذ وواجهات 13 مبنى سكنياً في المنطقة.
كما أعلنت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أنه في أعقاب هجوم أوكراني على منطقة كورسك الحدودية، نشب حريق في مستودع روسي للأسلحة، مضيفة أنه تم تنفيذ الهجوم باستخدام نظام صاروخي بحري أوكراني معدل من طراز نبتون، الذي يصل مداه إلى 300 كيلومتر.