حينما يتم التعامل مع الهوية الوطنية ومكوناتها، وكذلك مع التركيبة السكانية، بمنظور الجشع والطمع والمتاجرة والتكسب، أو التدثر بردائها والتسلل إليها، ولأجل حلب الجنسية لتدر على صاحبها أموالاً طائلة أو ضئيلة، فقد صار العبث بالهوية الوطنية ومكوناتها غاية فاسدة ومشروعاً تجارياً إجرامياً، وهو ما تم وحدث فعلاً منذ أن غدت شهادة الزور وسيلةً لذلك، أو نسبة الشخص أو انتسابه لغير أبيه أو لغير أهله أو لغير عائلته أو لغير قبيلته، مقابل مبلغ مالي يتقاضاه العابثون، وكذلك حينما استمرأ البعض، وتدافع إلى تغيير البيانات وتزويرها وطمسها أملاً في أن يحصل أشخاص أو عائلات أو قبيلة على الجنسية نظير مبلغ مالي يحصل عليه من زوّر البيانات ومَن غيّرها ومَن طمسها! فذلك عمل إجرامي أساء للوطن والوطنية، يستحق مرتكبه أشد العقاب والسجن وتغريمه أضعاف ما تكسّبه في هذا الباب.
ولما كان التزوير وتغيير البيانات أو طمسها أو ادعاؤها أو الدفع لشهود الزور أو التواطؤ مع من نسبهم إلى أبيهم أو لعائلة أو لقبيلة غير صحيح، وجريمة مستمرة تتجدد كل يوم ولا تسقط بالتقادم، كما انتهت محكمة التمييز إلى ذلك، ولئن كانت القاعدة القانونية والشرعية الأصولية تقرر أن ما بُني على باطل فهو باطل فإن تلك القاعدة المستقرة قانوناً وشرعاً وقضاءً تكون سنداً لسحب أو فقد أو إسقاط الجنسية.
وبالتمعن والتدقيق في حالات الحصول غير المشروع على الجنسية، بكل أنواعها وأساليبها من تزوير وادعاء وازدواج وغيرها، يتضح أن أنماط وطرق حدوث العبث عبر كل الطرق غير المشروعة للحصول على الجنسية الكويتية، هي نتيجة تواطؤ وتآمر إجرامي محوره الأساسي الحصول على المقابل المالي عن كل مزوّر أو منتحل أو مدلس أو مغيّر لبياناته، واستفادة مَن يحصل على الجنسية من مزاياها ومن حقوق المواطنة، وقد تم ذلك من خلال شبكة إجرامية متعددة الأطراف، فهناك من يزوّر، وهناك من يعبث بملفات الجنسية، وهناك من غيّر معلومات وأخفى أخرى، وهناك من أضاف لملفه مَن ليسوا أبناء له ونسبهم إلى نفسه، وهناك مَن أدلى ببيانات كاذبة لدور الأيتام، وهناك مَن تزوجت صورياً للحصول على الجنسية.
وهناك مَن ادّعى ميلاده بالكويت، وآخر ادّعى أنه أكمل مراحل الدراسة حتى الثانوية في الكويت!
وكل ما سبق هو تزوير وتدليس وتغيير للبيانات وادّعاء كاذب لها بنماذجه المتعددة، غايته الدخول خلسة للجنسية الكويتية للحصول على حقوقها ومزاياها، وقد سهّل تلك الأعمال الإجرامية مسؤولون أو متنفذون أو موظفون لأجل التكسب المنفعي أو المالي، وهم جميعاً مجرمون، أعمى أبصارهم وطمس ضمائرهم الطمع والجشع فتعاملوا مع الوطن على أنه فرصة تجارية، ومع الجنسية على أنها بضاعة رائجة للمتاجرة، وجميعهم مجرمون ومذنبون ويستحقون العقاب، وإجراءات معاقبتهم وتعقبهم وتجريدهم من الجنسية، يجب أن تتم بعيداً عن العاطفة والشفاعة المضرة بالبلد.
وقد منّ الله على البلد بنعمة قيادة سياسية أدركت كل ذلك، فوضعت تطهير هذه الملفات وإعادة الأمور إلى نصابها أمام نظرها، وبدأت خطواتها الواثقة بكل عزم وحزم بشكل نظامي وقانوني عادل وبإجراءات وفقاً للوثائق والمستندات، فكان ذلك إيذاناً بالانتقال إلى مرحلة تقضي على الجشع والطمع المبني على المتاجرة بالوطن وبالجنسية.