تحل اليوم الذكرى الأليمة الـ 34 للغزو العراقي للكويت، باستحضار كل التقدير والعرفان للجهود الدولية التي اصطفت مع الحق الكويتي منذ اللحظات الأولى، نظرا إلى مكانة الكويت الدولية ومواقفها المشرّفة وعلاقاتها المتوازنة مع دول العالم.

ومع اللحظات الأولى لوقوع العدوان العراقي على البلاد في الثاني من أغسطس عام 1990 سارعت معظم دول العالم الشقيقة والصديقة إلى إدانة هذا الغزو الهمجي، والتنديد بما تضمنه من أباطيل وادعاءات زائفة، لاسيما أنه يتنافى مع كل القوانين الدولية ومواثيق المنظمات العالمية.

Ad

وستظل ذكرى «الخميس الأسود» في تاريخ البلاد حية في نفوس أبناء الكويت الذين عاشوا مرارة الغزو، كما ستظل حية في نفوس أبناء الجيل الجديد الذين لم يعيشوا تلك الفترة التي مرت على وطنهم، لكنهم عرفوا أحداثها من خلال ذكريات الآباء والأجداد وتضحياتهم وأرواحهم لأجل حرية الوطن.

ففي ذلك اليوم زحفت القوات العراقية باتجاه الكويت واحتلت الطرق والمرافق الحيوية، وبدأت تدمر كل ما استطاعت الوصول إليه من منشآت ومبانٍ حكومية وخاصة، ونشرت نقاط تفتيش في الطرقات على السيارات والأشخاص، ولم تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم الخارجة عن أي قانون أو ميثاق أو عرف.

مرحلة فريدة

وإذا كان ذلك اليوم قد حمل معه كارثة كبرى واختبارا صعبا لإرادة الشعب الكويتي في صموده وتعاضده، فإن مواجهته للغزاة شكّلت مرحلة فريدة في مسيرة الكويت وكفاح أبنائها، إذ تعاونوا معا رافضين الاحتلال ومقاومين له، وأدهشوا العالم بمواقفهم الصلبة ووقوفهم صفا واحدا في مواجهة بطش الغزاة.

وسعى أبناء الشعب الكويتي، إثر وقوع العدوان، إلى تشكيل فصائل ومجموعات عسكرية خاصة لمقاومة المحتل وإلحاق أكبر ضرر ممكن به، في وقت كانت هناك مجموعات أخرى تتولى أمورا مهمة أيضا، كالإعلام والتغذية والنظافة والصحة والدعم اللوجيستي والشعبي.

المقاومة الكويتية

وتم تشكيل مجموعات المقاومة الكويتية حينذاك، لتوجيه ضربات موجعة للقوات الغازية، وبث الذعر والرعب في نفوس عناصرها، علاوة على رفع معنويات الشعب الكويتي وحمايته وتوجيه رسالة للخارج مفادها أن الشعب الكويتي يرفض الاحتلال العراقي ويقاوم وجوده في بلده، ويقاتل من أجل حريته وسيادة أرضه مهما كان الثمن.

ولم تتوانَ القيادة الحكيمة للبلاد حينها، وعلى رأسها الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وولي عهده رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله، طيّب الله ثراهما، في بذل كل الجهود من أجل حشد التأييد العربي والدولي للوقوف مع قضية الكويت العادلة، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحرير البلاد وسيادتها وعودة الأمن والأمان إلى ربوعها.

ووقفت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن موقفا موحدا إزاء العدوان العراقي على أرض الكويت، وظهر ذلك بُعيد وصول أنبائه إلى أروقة مجلس الأمن الذي اجتمع وأصدر بالإجماع القرار رقم 660 الذي دان فيه الغزو، وطالب بانسحاب جميع القوات العراقية الغازية من الكويت فورا ومن دون أي شروط.

تحرير البلاد

وتطبيقا لقرارات مجلس الأمن الدولي، توافدت قوات عربية ودولية إلى الأراضي السعودية لتشكّل التحالف الدولي لتحرير الكويت من القوات الغازية حتى تم ذلك في فبراير1991 بعملية عاصفة الصحراء.

وجاء ذلك الدعم من القوات الشقيقة والصديقة، نتيجة المكانة التي اكتسبتها الكويت من خلال سياستها الحكيمة ومواقفها المشرّفة وعلاقاتها المتوازنة مع دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية وتقديم المساعدات المتنوعة لها.

فالكويت، ومع أولى سنوات استقلالها، تتصدر الدول التي تقدم المساعدات والقروض في مجال التنمية للدول الأخرى، فيما كان حجم تلك المساعدات يشكّل أعلى المعدلات بالنسبة للناتج القومي الإجمالي لأي دولة في العالم، إذ بلغ في تلك الفترة 8.3 بالمئة.

كما كان للكويت دور بارز في مد يد العون للمتضررين والمحتاجين من الفقراء في كل أنحاء العالم، وتقديم المساعدات العاجلة لتخفيف الكوارث التي لحقت بالعديد من دول العالم من خلال الهيئات والمؤسسات الخيرية الكويتية.

محافظ العاصمة: استخلاص الدروس والعبر لتعزيز الوحدة الوطنية

محافظ العاصمة الشيخ عبدالله العلي

استذكرت محافظة العاصمة الذكرى الرابعة والثلاثين للغزو العراقي الغاشم على الكويت عام 1990، والتي تحمل في صفحاتها الكثير من أسمى الصور التي جسدها الشعب الكويتي في بذل الكثير من البطولات والتلاحم من خلال المقاومة الوطنية والتضحيات المشرفة، فكانت الدرع الحصينة للوطن، مدفوعة بجهود القيادة الحكيمة التي جمعت العالم ليكون داعماً للحق الكويتي.

وقال محافظ العاصمة، الشيخ عبدالله العلي، في تصريح صحافي بهذه المناسبة، إن الشعب الكويتي جميعه يستحضر أهمية المحافظة على الوطن، والتضحيات التي قدّمها إبان تلك المحنة الأليمة، وقيم الصمود والبطولات التي قدّمها شهداء الكويت الأبرار في الدفاع عن الأرض والحرية في وجه الاستبداد والظلم.

ودعا الشعب الكويتي إلى الالتفاف صفاً واحداً خلف القيادة الحكيمة، للمحافظة على أمن واستقرار وازدهار الوطن، والتكاتف والتلاحم لتعزيز الوحدة الوطنية، والعمل لبناء المستقبل، واستخلاص الدروس والعبر من جريمة الغزو العراقي الغاشم، التي أظهرت للعالم أجمع قدرة الكويت على تجاوز الشدائد والمحن.

«أهالي الشهداء»: ملاحم وطنية تجسّدت بالكويت في مواجهة الغزو

رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي الشهداء والأسرى والمفقودين فايز العنز

الجمعية دعت إلى عدم نسيانها وترسيخها في أذهان الشعب

أكد رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي الشهداء والأسرى والمفقودين فايز العنزي، انه لن ينسى المعاني الرائعة والملاحم الوطنية التي تجسدت أثناء الغزو العراقي الغاشم للبلاد، آملا «عدم نسيانها، وترسيخها في أذهان شعبنا جيلاً بعد جيل».

وقال العنزي، في تصريح: «لن ننسى خلال فترة الغزو على الكويت عام 1990، تكاتف الكويتيين وتعاضدهم وتكافلهم ضد الاحتلال، والعصيان المدني الذي نفذه الصامدون أمام أوامر المحتلين، وما قاموا به من أعمال بشتى أنواعها لتحفيز بعضهم بعضا على الصمود والمقاومة».

ولفت إلى انه «لن ننسى شهداءنا الأبرار ودماءهم الزكية التي قدموها فداء لهذا البلد، وسيرهم في هذا المجال خير دليل على ذلك، والتي لا يتسع المجال لشرحها».

وأشار إلى «الوحدة الوطنية التي تغنّى بها الشعب الكويتي قبل الاحتلال وبعده، وقد تجسّدت على أرض الواقع في أزهى صورها، ولمن أراد أن يتأكد، فلن يستغرق منه ذلك سوى المرور بسرعة على أسماء أسرانا وشهدائنا الأبرار ليرى حجم التنوع في الأسماء بين سائر فئات المجتمع بلا استثناء».

وأضاف ان هناك جهودا واضحة ممن خرج من أهل الكويت مع من بقي في الداخل، في نشر القضية، وتوضيح عدالتها، وحشد الرأي العام الدولي لتأييد الحق الكويتي الواضح.