في حين أمّ المرشد الإيراني علي خامنئي صلاة الجنازة على جثمان رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية، في طهران، بحضور آلاف المشيعين، عقد مسؤولون إيرانيون اجتماعاً مع ممثلي حلفاء بلدهم في المنطقة، من لبنان والعراق واليمن لمناقشة توجيه «ردّ منسق» على اغتيال إسرائيل لزعيم الحركة الفلسطينية في العاصمة الإيرانية، ورئيس أركان «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وقبل نقل جثمان هنية من طهران إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث يوارى الثرى بها اليوم، أكد القيادي بـ «حماس» خليل الحية أن الحركة ستسير على درب القائد الراحل، ولن تعترف بإسرائيل، ولن تستسلم للاحتلال.
جاء ذلك بعد ساعات من نقل «نيويورك تايمز» عن 3 مسؤولين إيرانيين مطلعين أن خامنئي أوعز بضرب إسرائيل مباشرة.
وذكر المسؤولون الإيرانيون للصحيفة الأميركية أن المرشد أصدر أوامره في اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي، وأن القادة يدرسون شنّ هجوم بمسيّرات وصواريخ على أهداف عسكريّة في محيط مدينتَي تل أبيب وحيفا.
في موازاة ذلك، أكد رئيس هيئة الأركان محمد باقري أن إيران تدرس الرد الحتمي مع «محور المقاومة»، مشيراً إلى وجوب اتخاذ إجراءات متعددة «والكيان الصهيوني سيندم على فعلته».
وأجرى القائم بأعمال الخارجية، علي باقري كني، سلسلة اتصالات بالمسؤولين في السعودية ومصر وتركيا، لبحث آخر مستجدات التصعيد، مؤكدا أن طهران لن تتنازل عن حقها في الرد.
وأمس ، طالب السفير الإيراني أمير سعيد إيراواني مجلس الأمن الدولي بأن «يتّخذ خطوات فورية لمحاسبة إسرائيل على العمل العدواني، بما في ذلك النظر في فرض عقوبات وغيرها من التدابير اللازمة لمنع مزيد من الانتهاكات والأنشطة الخبيثة».
تأهب وتعويل
على الجهة المقابلة، رفعت إسرائيل حالة التأهب تحسباً للرد المشترك، وأمرت بإغلاق العديد من المصانع التي تستخدم مواد كيميائية سامة، خاصة بالمناطق المتاخمة لجنوب لبنان.
وقالت هيئة البث الرسمية، إن منظومة الدفاع الجوي في حالة تأهب قصوى، لافتة إلى أن الطائرات المقاتلة تقوم بدوريات لا تتوقف في السماء، وبالإضافة إلى ذلك زادت القوات البرية على طول الحدود من حالة التأهب.
وذكرت أوساط عبرية أن إسرائيل تعوّل على القوات الأميركية في التعامل مع الهجوم الإيراني المحتمل، والذي سيحدد ما إذا كانت الأمور ستسير نحو حرب شاملة أم مواصلة تبادل الضربات وموجات التصعيد والهدوء التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع حرب غزة التي اتمت يومها الـ 300 اليوم .
وأفادت بأن مشاورات تجرى بين مسؤولين إسرائيليين وأميركيين؛ مشيرة إلى أن الاتجاه الحالي هو تكرار التعاون الذي حدث بين الجانبين إبان الهجوم الإيراني بالمسيّرات والصواريخ البالستية، حيث شاركت الدفاعات الأميركية في اعتراض نحو 85 في المئة من الصواريخ والمسيرات التي أطلقتها الجمهورية الإسلامية والجماعات المتحالفة معها منتصف أبريل الماضي. ويأتي التأهب في ظل تقليل إسرائيل لاحتمال تأخر الرد على اغتيال هنية وشكر لمدة أسبوعين، أسوة بالرد على قصف القنصلية الإيرانية بدمشق والذي تم بعد أسبوعين.
تجنب وتعطل
وفي مواجهة التهديدات بالانتقام، أصدر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تحذيراً بالقول: «تنتظرنا أيام صعبة، لكننا مستعدون لأي احتمال. سنرد بحزم على أي عدوان، أينما أتى».
وأصر نتنياهو على رفض الدعوات لوقف إطلاق النار بغزة «قبل الأوان»، لكنه تجنب التطرق مباشرة لاغتيال هنية.
وسرد نتنياهو ما وصفه بالنجاحات في القضاء على قيادات «حماس»، والاستيلاء على نقاط استراتيجية مثل محور «فيلادلفيا» الفاصل بين القطاع الفلسطيني ومصر.
وفي محاولة للتأكيد على نجاعة إصرار الائتلاف اليميني المتشدد على القضاء على «حماس» عسكرياً، أعلن وزير الدفاع يوآف غالانت بناء على «معلومات استخباراتية وثيقة» تأكيد مقتل قائد كتائب القسام محمد الضيف بالضربة التي أدت إلى مذبحة في منطقة المواصي منتصف يوليو الماضي.
وقال غالانت، إن مقتل الضيف الذي وصفه بأنه «بن لادن غزة» يشكّل خطوة كبيرة على طريق «القضاء على الحركة وتفكيكها»، لكن القيادي بـ «حماس»، محمد مرداوي، أكد أن قائد الجناح العسكري بخير، ويتابع مزاعم الاحتلال.
ورغم ذلك، انتقد زعيم المعارضة يائير لابيد رئيس الوزراء، متهماً إياه بأنه يعد الإسرائيليين بـ «حرب تلو الأخرى» دون الاكتراث لحياة الرهائن بغزة.
وفي ظل مناخ التوتر، ذكرت «واشنطن بوست» أن الولايات المتحدة قامت بتجميع 12 سفينة حربية وحاملة الطائرات «يو إس إس ثيودور روزفلت» وفرق حرب برمائية وأكثر من 4000 من مشاة البحرية والبحارة بالخليج وشرق البحر المتوسط.
إلى ذلك، ذكرت وزارة الخارجية الصينية التي ترعى المصالحة الفلسطينية أن بكين تأمل أن تتمكن الفصائل الفلسطينية من إقامة دولة مستقلة في أقرب وقت ممكن.