حتى الحزن ممنوع...!
«إن ديموقراطية الحكم كأسلوب حياة وعمل تفرض قدراً واسعاً من تنظيم السلطات العامة وتوزيع أدوارها ضمن رؤية واضحة تحقق الهدف منها، وهذه الرؤية تفرض العديد من الضوابط على السلطتين التشريعية والتنفيذية لضمان تقيّدها بأحكامها. هي ضوابط آمرة لا تبديل فيها ولا مهرب منها، وليس لأي جهة أو سلطة أن تبغي عنها حِولاً أو تنتقدها من أطرافها، أو تسعى للتحلل منها، بل هي باقية نافذة لتفرض كلمة الدستور على المخاطَبين بها، ولتكون قواعده ملجأ لكل سلطة وضابطاً لحركتها وتصرفاتها».
(مشعل الأحمد - أمير دولة الكويت).
صاحب السمو أمر بحل مجلس الأمة، وفي خطاب الحل أكد التزامه ومعه جميع السلطات بالديموقراطية وبالضوابط الدستورية التي تحكمها.
ولعل الحرية هي السمة الأساسية للديموقراطية، وحرية التعبير هي الشهادة الحقيقية لديموقراطية النظام... وأعتقد - كما هو واضح وبلا شك على الإطلاق - أن الحكومة خالفت مقاصد صاحب السمو الأمير، ولم تلتزم بالضوابط التي حددها سموه في خطاب الحل، فحل مجلس الأمة لا يلغي هوية النظام ولا قواعد وأصول الحكم، فالدستور الذي علّق صاحب السمو المواد المتعلقة بسلطات مجلس الأمة فيه باقٍ كضابط ومقيّد، حسب وصف صاحب السمو، لجميع السلطات، ومنها السلطة أو الجهة التي منعت إقامة تأبين السيد إسماعيل هنية، حارمةً الآلاف من المواطنين والمقيمين من التعبير السلمي عن حزنهم أو تأييدهم للقضية التي هي أيضاً قضية حكومة الكويت نفسها، ومخالفة لضوابط وقواعد المواد الدستورية التي كفلت حرية الرأي والتعبير.
محزن ألا يتمكن الإنسان من التعبير عن حزنه، أعتقد أن هذه أقصى درجات الكبت والاضطهاد. وهذا ما مارسته حكومة الكويت يوم أمس، حين حرمت طائفة من المواطنين والمقيمين من التعبير عن حزنهم وألمهم، بعد خضوعها لطلبات ونداءات طائفة أخرى من المواطنين... لعلها - والله أعلم - هي الأقلية المناهضة للتأبين.
تأبين السيد إسماعيل هنية ليس من شأن الحكومة ولا المعترضين، لأن النية كانت وربما لاتزال أن يقام في مكان خاص، هو مقر التآلف الإسلامي الوطني، وليس على صدر الحكومة أو أحبابها من المعترضين. المسألة بسيطة جداً... إذا لم يعجبك التأبين فلست مُلزماً بالحضور، ولن تُفرض عليك أيّ من فعالياته... فلمَ الاعتراض ولمَ هذا التصدي العنيف من الحكومة وتوابعها لأمر سلمي وخاص بفئة أخرى من المواطنين؟!