إنها حالة الانتظار التي تكاد تكون قاتلة، وتعيشها منطقة الشرق الأوسط. الجميع بانتظار ردّ إيران وحلفائها على استهداف طهران، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. يؤكد الإيرانيون أن الردّ حتمي ومحسوم ولا مجال للتراجع عنه، على الرغم من كل المحاولات لضبط الوضع، وثني إيران عن توجيه ضربة. انتظار آخر تعيشه المنطقة هو اختيار حزب الله التوقيت المناسب لتنفيذ عملية ردّ قوي على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال المسؤول العسكري في الحزب فؤاد شكر.
اتصالات مكثفة تدور في محاولة للتهدئة، ومنع انفلات الأوضاع العسكرية وتحولها إلى حرب إقليمية أو حرب شاملة. جهات عديدة تقوم بدور الوساطة، سويسرا كمكتب تمثيلي للمصالح الأميركية في إيران، سلطنة عمان، قطر، والأردن أخيراً من خلال زيارة وزير الخارجية أيمن الصفدي لطهران للتباحث مع الإيرانيين حول المرحلة المقبلة، وسط ترجيحات بأن يكون الصفدي ناقلاً لرسائل دولية، بالإضافة إلى توضيح موقف بلاده، لأن الصواريخ والمسيرات الإيرانية قد تمرّ في الأجواء الأردنية، كما حصل في ضربة منتصف أبريل، وعندها تصدى الأردن للصواريخ والمسيرات. في المقابل، فإن إيران كانت واضحة بأنها لن تتراجع عن الردّ على استهداف هنية في طهران، وأنها مستعدة لكل الاحتمالات والتطورات، داعية مختلف القوى والدول في المنطقة إلى ضرورة ممارسة أقصى أنواع الضغوط على أميركا وإسرائيل لوقف الحرب على غزة، لأنه في حال استمرت فإن الأوضاع ستتفجر في المنطقة كلها.
وبالنسبة إلى حزب الله، فإن ردّه على ضرب الضاحية سيكون مؤكداً، وهذا الردّ سيكون كافياً لإيصال رسالة ردع قوية لنتنياهو ووقفه عند حدّه، كي لا يستمر في مواصلة سياسة الاستفزاز واستهداف من يشاء.
وتقول المصادر القريبة من الحزب إنه أيضاً تلقى رسائل أميركية غير مباشرة بأن واشنطن لم تكن على علم بالنية الإسرائيلية لاستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، وأن اميركا لا علاقة لها بما جرى، لكن الحزب يرفض تصديق ذلك، ويعتبر أن أميركا وحدها القادرة على إجبار إسرائيل على وقف الحرب لو أرادت. وبحسب المعلوما، ت فإن ردّ حزب الله سيركز على الضرب في منطقة لم يستهدفها من قبل وتكون ذات حساسية عالية للإسرائيليين وذات بعد استراتيجي، ولكنه سيستهدف فيها مقرا أو مركزا عسكريا تكون الرسالة واضحة من خلال استهدافه باستعادة الردّع، وعدم تمرير استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، ولكن في نفس الوقت لا يؤدي إلى اندلاع حرب كبرى.
وعلى وقع هذا الانتظار، يرتفع منسوب القلق والتوتر في لبنان، وما يرفع منسوبه استمرار دعوات الدول لرعاياها للمغادرة فوراً، وهو ما شددت عليه «الخارجية» الأميركية، البريطانية، وللمرّة الأولى «الخارجية» الفرنسية التي توجه فيها دعوات إلى مواطنيها لمغادرة لبنان، علماً بأنه طوال الأشهر الماضية لم تلجأ باريس إلى مثل هذه الدعوات، والمفارقة أن النقطة المشتركة بين كل هذه الدول هي دعوة مواطنيها للحجز عبر أي شركة طيران، وإن لم تكن وجهتها البلد الذي يريد المسافرون التوجه إليه، مما يرسي جواً أكثر توتراً. وعليه تشير مصادر متابعة إلى أن نسبة المغادرة من لبنان عبر المطار ارتفعت في الأيام القليلة الماضية.