بعد شهرٍ من احتجاجات دامية قادها طلبة الجامعة وأسفرت عن مقتل 300 وإصابة واعتقال الآلاف، فرّت رئيسة وزراء بنغلادش الشيخة حسينة إلى الهند المجاورة، قبل أن يقتحم آلاف المتظاهرين قصرها في العاصمة دكا، ويُنهون العهد الطويل لحكم «المرأة الحديدية»، التي ساهمت في إنقاذ شعبها من الحكم العسكري وازدهاره اقتصادياً، لكنها أيضاً استهدفت خصومها السياسيين بالملاحقات والاعتقالات، وسمحت لقواتها الأمنية بالتمادي في انتهاك حقوق الإنسان.
وغداة يوم دامٍ رفع حصيلة الاحتجاجات الطلابية على حصص تقاسم الوظائف الحكومية إلى 300 قتيل، أعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان أمس، استقالة الشيخة حسينة البالغة من العمر 76 عاماً، وتشكيل حكومة مؤقتة بمشاركة جميع القوى السياسية باستثناء حزب «رابطة عوامي» الحاكم سابقاً.
وفي خطابٍ بثه التلفزيون الحكومي، وعد وقر الزمان بمحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين الرافضين لقرار تخفيض حصص التوظيف، وتطورت للمطالبة بإنهاء حكم «المرأة الحديدية» الذي استمر 15 عاماً.
وقال وقر الزمان، إنه «بعد مناقشات مثمرة مع كل الأحزاب السياسية، قررنا تشكيل حكومة مؤقتة، وسنتحدث مع الرئيس محمد شهاب الدين للتوصل إلى حل لهذا الوضع».
وأكد أن الحكومة الجديدة ستضمن تحقيق العدالة لكل مَن لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات، داعياً إلى الثقة بالجيش ومنحه بعض الوقت لإيجاد حل للأزمة.
وأوضح أن محادثات تشكيل الحكومة المؤقتة لم تشمل حزب رئيسة الوزراء «رابطة عوامي»، في حين تأتي استقالة الشيخة حسينة بعد يوم دموي خلّفت فيه الاشتباكات ما لا يقل عن 94 قتيلاً في جميع أنحاء بنغلادش. وتحدثت وسائل إعلام محلية عن نزول 400 ألف متظاهر للشوارع، متحدين حظر التجول الشامل الذي فرضته الحكومة.
من جهتها، نقلت قناة «سي إن إن نيوز 18» عن مصادر استخباراتية، أن حسينة وصلت إلى مدينة أغراتالا شمال شرق الهند «التي ستضمن سلامتها»، في حين حذر مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون بواشنطن، مايكل كوغلمان، من أن رحيل حسينة «سيترك فراغاً كبيراً»، قد يغرق بنغلادش في فترة «من عدم اليقين».
ووسط دعوات دولية إلى «انتقال سلمي» نحو سلطة منتخبة ديموقراطياً في ظل تواصل ارتفاع عدد القتلى، أمر الرئيس محمد شهاب الدين بالإفراج عن الشيخة خالدة ضياء رئيسة الوزراء السابقة زعيمة المعارضة، بالإضافة إلى كل المعتقلين السياسيين.
«الكويتية» تلغي رحلاتها من دكا وإليها
أعلنت شركة الخطوط الجوية الكويتية إلغاء رحلاتها المجدولة أمس من العاصمة البنغلادشية دكا وإليها نظراً للأوضاع الأمنية هناك، مضيفة، في بيان، أنها ستعلن عن أي مستجدات لاحقاً.
وفي تفاصيل الخبر:
استقالت رئيسة وزراء بنغلادش، الشيخة حسينة، من منصبها وغادرت نحو الهند، التي تعهدت بـ «ضمان سلامتها»، لينتهي حكمها الذي استمر 15 عاماً بعد أكثر من شهر على تظاهرات أوقعت مئات القتلى، فيما أعلن الجيش أنه يعمل على تشكيل حكومة انتقالية تضم أهم الأحزاب السياسية بعد احتجاجات «دامية» أسفرت عن مئات الضحايا.
وفي خطاب للشعب، أكد قائد الجيش، وقر الزمان، استقالة الشيخة حسينة (76 عاماً)، التي يصفها مراقبون بـ «المرأة الحديدية» في بنغلادش، مضيفاً أن هناك محادثات جارية مع أهم الأحزاب لتشكيل حكومة مؤقتة تتولى إدارة شؤون البلاد، ودعا إلى الكف عن العنف.
ونقلت صحيفة ديلي أوبزيرفر البنغالية عن الجنرال وقر الزمان قوله، إن الحكومة المؤقتة ستضم كل الأحزاب، وسيتم تشكيلها على نحو سريع، مضيفاً أنه «بعد عقد مناقشات مثمرة مع كل الأحزاب السياسية، قررنا تشكيل حكومة مؤقتة، وسنتحدث مع الرئيس محمد شهاب الدين للتوصل إلى حل لهذا الوضع».
كما طالب الزمان بوضع حدّ للعنف، مشدداً على أن الحكومة الجديدة ستضمن تحقيق العدالة لكل من لقوا حتفهم خلال احتجاجات حركة الطلبة المناهضة للحكومة. وأضاف: «البلد عانى كثيراً والاقتصاد تضرر، وعدد كبير من الناس قتلوا، حان الوقت لوقف العنف... آمل بعد خطابي أن يتحسّن الوضع»، داعياً الطلاب للعودة إلى بيوتهم، ووعد بأن الجيش سيجري تحقيقاً في كل عمليات القتل التي حدثت على مدى الأسابيع الماضية.
ودعا إلى الثقة في الجيش، ومنحه بعض الوقت لإيجاد حل للأزمة، وتعهد باستعادة السلام في بنغلادش، غير أنه استدرك «ساعدونا في هذه الخطوة، إننا لن نتمكن من تحقيق أي شيء آخر عن طريق القتال والعنف، إنني أحثكم على التوقف عن كل الصراعات والتدمير».
وأوضح أنه عقد اجتماعاً مع قادة الحزب الوطني البنغالي، وحزب جاتيا، والجماعة الإسلامية، مؤكداً أن محادثات تشكيل الحكومة المؤقتة لم تشمل حزب رئيسة الوزراء «رابطة عوامي».
واقتحم آلاف المتظاهرين مقر رئيسة الوزراء في العاصمة دكا، بعدما أفاد مصدر مقرب منها بأنها غادرت على متن مروحية نحو الهند، ترافقها شقيقتها الصغرى الشيخة ريهانا، مشيراً إلى أنها «كانت تنوي تسجيل خطاب، لكنها لم تحصل على فرصة»، في إشارة إلى أن الجيش دفعها للمغادرة، وفق ما ذكرت صحيفة دكا تريبيون.
من جهتها، نقلت قناة «سي. إن. إن نيوز 18» عن مصادر استخباراتية قولها، إن الشيخة حسينة وصلت إلى مدينة أغراتالا شمال شرق الهند «التي ستضمن سلامتها»، فيما اقتحم المتظاهرون أيضاً منزل وزير الداخلية البنغلادشي، أسد الزمان خان كمال، وقاموا بتخريبه، وفقاً لوسائل إعلام محلية.
وقبل مغادرتها مقر إقامتها، دعا نجل حسينة قوات الأمن إلى منع أي انقلاب على حكمها. وقال سجيب واجد جوي، المقيم في الولايات المتحدة في منشور على «فيسبوك»: «واجبكم هو الحفاظ على سلامة شعبنا وبلدنا والحفاظ على الدستور»، مضيفاً أن «هذا يعني عدم السماح لأي حكومة غير منتخبة بالوصول إلى السلطة لدقيقة واحدة، هذا واجبكم».
300 قتيل
وبلغت الحصيلة الإجمالية للتظاهرات المناهضة للحكومة 300 قتيل على الأقل، وفق مصادر أمنية وطبية، بعد مقتل 100 شخص الأحد، وهي الحصيلة اليومية الأعلى، خلال أسابيع من الاحتجاجات، فضلاً عن اعتقال المئات.
وفيما قدّرت وسائل إعلام محلية نزول 400 ألف متظاهر للشوارع، قال آصف محمود، (أحد قادة الاحتجاج الرئيسيين في حملة العصيان المدني) إنه «حان الوقت للتظاهرة النهائية»، فيما لم يتدخل رجال الشرطة والجيش في أوقات كثيرة، الأحد، لقمع الاحتجاجات واكتفوا بالمراقبة، خلافاً للشهر الماضي.
وفي توبيخ بالغ الدلالة للشيخة حسينة، طالب القائد السابق للجيش، إقبال كريم بويان، الذي يحظى باحترام البنغلادشيين، الحكومة بسحب قواتها من الشوارع والسماح بالتظاهرات، مؤكداً في تصريح: «هؤلاء المسؤولون عن دفع شعب هذا البلد إلى حالة من البؤس الشديد يجب تقديمهم إلى العدالة».
وكانت الشيخة حسينة قد تسلمت الحكم في بنغلادش عام 2009، فيما تتهم منظمات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.