فوضى وارتباك داخل حكومة ماركوس في الفلبين
حين سُئِل فرديناند ماركوس عن إنجازاته في أول مئة يوم له كرئيس للفلبين، أجاب بأنه تمكن من تشكيل «حكومة فاعلة»، فقال خلال خطاب ألقاه أمام نادي الصحافة الخارجي في مانيلا، في شهر أكتوبر: «أظن أننا نجحنا، في أول مئة يوم، في تأليف حكومة فاعلة ومُطّلعة على ما ننوي تحقيقه من أهداف اقتصادية بحت»، لكن ألمح قرار مرّره «الحزب الفدرالي الفلبيني» الذي ينتمي إليه الرئيس إلى تعدد الاضطرابات داخل القصر الرئاسي.
وتم التوقيع على القرار في 11 نوفمبر، لكن حصلت عليه وسائل الإعلام في 22 نوفمبر، وهو يقضي بطرد السكرتير التنفيذي السابق، فيك رودريغز، من «الحزب الفدرالي الفلبيني» بسبب «قلة كفاءته كموظف حكومي، وتصرفاته التي تسيء إلى مصالح الحزب، وخيانة الأمانة والثقة التي منحه إياها الرئيس والحزب»، وأعلن «الحزب الفدرالي الفلبيني» أن ماركوس لم يشارك في المداولات المرتبطة بالقرار لكنه لم يعترض عليه.
كان رودريغز المتحدث باسم ماركوس ومدير حملته الانتخابية وتم تعيينه سريعاً كسكرتير تنفيذي بعد الانتخابات، حيث استقال من منصبه في سبتمبر لأنه يريد أن يمضي المزيد من الوقت مع عائلته كما يقول، لكن يظن المحللون أنه اضطر للتنحي بعد موافقته على صفقة لاستيراد السكر من دون عِلْم ماركوس الذي أصبح وزير الزراعة أيضاً.
قد يركّز القرار على رودريغز، لكنه يكشف بطريقة غير مباشرة «الفوضى» التي طبعت أول ثلاثة أشهر من حُكم ماركوس، ويذكر القرار ما يلي: «ترافقت ولاية رودريغز التي امتدت 77 يوماً مع مظاهر الفوضى، والارتباك، والاضطرابات، والمكائد، وغياب الاستقرار، والمحسوبيات، والتعيينات المعروضة للبيع، وجهود (بناء الإمبراطورية) والتآمر ضد المنتقدين، كان قراره التنفيذي الأول، الذي يقضي بطرد نحو 4 آلاف موظف حكومي من دون استبدالهم بآخرين، كارثياً، حيث سادت في المرحلة اللاحقة حالة من الارتباك والشلل في جهاز الحكومة».
يُعرَف السكرتير التنفيذي باسم «الرئيس الصغير» نظراً إلى حجم صلاحياته في الحكومة، لكن كان لافتاً ومُحرِجاً ألا تشتق الجماعة التي فضحت حجم «الارتباك» داخل الحكومة الجديدة من صفوف المعارضة بل من داخل حزب الرئيس.
لم يُعَلّق ماركوس بعد على هذه المسألة، لكنه ذكّر الموظفين الحكوميين الآخرين، في خطاب ألقاه أمام زملائه، بأهمية مقاومة الفساد، فقال: «تذكّروا أننا لا نعمل لتحقيق مكاسب شخصية، فنحن نعمل لتقديم حكومة قادرة على تلبية حاجات الشعب، والأهم من ذلك هو الانتباه من الإغراءات والفساد وأي أعمال أخرى قد تُضعِف ثقة الرأي العام بنا».
في مقابلة مع وسائل الإعلام، اعتبر رودريغز القرار الأخير بمنزلة «نشر الغسيل المتّسخ علناً»، وهو نهج لا يساعد الرئيس برأيه، وقد اعترف رودريغز أيضاً بأنه عجز عن تعيين أفراد غير مؤهلين في الحكومة، حتى لو كان قراره يعني اعتباره غير وفيّ للحزب، كما أنه استخف بمفعول قرار «الحزب الفدرالي الفلبيني»، فقال: «لا أفهم السبب الذي يبرر كشف عملية بسيطة لإعادة تنظيم حزب صغير جداً أمام وسائل الإعلام».
ربما يحاول رودريغز بكل بساطة أن يدافع عن نفسه، لكنه استخف في الوقت نفسه بالتأثير السياسي لحزب الرئيس، ومع أن ماركوس حصد 31 مليون صوت، لكن حزبه يملك عضوَين مُنتخبَين فقط في الكونغرس. لم تنتهِ عملية «إعادة تنظيم» حكومة ماركوس مع استقالة رودريغز، فقد قرر أشخاص يُعتبَرون في صفّه الاستقالة من مناصبهم في الحكومة، بما في ذلك السكرتير الصحافي، كذلك ذكرت تقارير أخرى احتمال أن يُعدّل السكرتير التنفيذي الجديد 1500 تعيين قام بها رودريغز.
لطالما دعا ماركوس، على مر حملته الانتخابية وبعد استلامه الرئاسة، إلى توحيد الصفوف لتطوير البلد، لكن يبدو أن مرؤوسيه وأعضاءً من حزبه يحققون هذا الهدف عبر طرد خصومهم من الخدمة العامة.
* مونغ بالاتينو