الصين ستعمل على توسيع انفتاحها على الخارج وتسلك طريق التنمية السلمية

نشر في 07-08-2024 | 18:13
آخر تحديث 07-08-2024 | 18:13
No Image Caption
• بقلم سعادة السيد تشانغ جيانوي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة الكويت

انعقدت الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني في بكين مؤخراً، والتي جذبت اهتمام العالم.

تركز هذه الدورة على دفع عجلة التحديث الصيني النمط، حيث تم إطلاق مبادرات استراتيجية لمواصلة تعميق الإصلاحات بطريقة شاملة، فلم تشكل الدورة أهمية بعيدة المدى للتنمية المستقبلية للصين فحسب، بل ستوفر مزيداً من الإمكانيات للعالم أجمع، وأود أن أشرح ذلك بإيجاز لأصدقائنا في الكويت بكلمتين مفتاحيتين.

إن الكلمة المفتاحية الأولى هي «الانفتاح».

قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، «يُعد الانفتاح قوة دافعة ومهمة لتقدم الحضارة الإنسانية والسبيل الوحيد لازدهار العالم وتطوره».

في الوقت الحاضر، تتصاعد التيارات المناهضة للعولمة وترتفع الاتجاهات الحمائية والأحادية، كما أن زخم الانتعاش الاقتصادي العالمي غير كاف، هذا يتطلب من جميع البلدان التمسك بروح التعاون والانفتاح للحفاظ بشكل مشترك على النظام الاقتصادي العالمي وأمن واستقرار سلاسل الصناعة والتوريد.

يُعد الانفتاح رمزاً مميزاً للتحديث الصيني النمط. في السنوات الأخيرة، فتحت الصين بابها للخارج على نطاق أوسع، بدءاً من إنشاء 22 منطقة تجارة حرة تجريبية وبناء ميناء هاينان للتجارة الحرة، حتى دفع التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) ودخولها حيز التنفيذ؛ من التخفيض المستمر للقائمة السلبية لوصول الاستثمار الأجنبي، حتى تخفيف حواجز الدخول إلى صناعات الخدمات مثل الاتصالات والرعاية الطبية؛ من تعزيز البناء المشترك عالي الجودة لـ«الحزام والطريق»، حتى بناء منصات التعاون الاقتصادي والتجاري الدولي مثل معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات ومعرض الصين الدولي للمنتجات الاستهلاكية... ظلت الصين منفتحة على الاقتصاد العالمي، وتجاوز متوسط مساهمة الصين في النمو الاقتصادي العالمي 30%، لتصبح محركاً مهماً لازدهار العالم.

وأكدت الدورة على تمسك الصين بالسياسة الوطنية الأساسية المتمثلة في الانفتاح على الخارج، ومثابرتها على تعزيز الإصلاح من خلال الانفتاح، ورفع قدرتها على الانفتاح في عملية توسيع التعاون الدولي اعتماداً على تفوق الصين من حيث السوق البالغة الضخامة، وبناء نظام اقتصادي جديد منفتح على مستوى أعلى.

اتخذت الدورة الترتيبات الشاملة لتحسين النظام والآلية للانفتاح الرفيع المستوى على الخارج من 5 جوانب وهي: توسيع الانفتاح المؤسسي بخطوات راسخة، تعميق إصلاح نظام التجارة الخارجية، تعميق إصلاح نظام إدارة الاستثمار الأجنبي والاستثمار في الخارج، تحسين تخطيط الانفتاح الإقليمي، وتحسين آلية دفع البناء المشترك لـ«الحزام والطريق» بجودة عالية، مما بعث إشارة واضحة أن الصين ستوسع انفتاحها رفيع المستوى على العالم الخارجي وستوفر فرصاً جديدة للانتعاش والتنمية المستقرة للاقتصاد العالمي.

والكلمة المفتاحية الثانية هي «التنمية السلمية».



كان الرئيس الصيني شي جين بينغ يشير إلى طريق التنمية السلمية على أنه استجابة الصين لاهتمام المجتمع الدولي باتجاه تطور الصين، وانعكاس ثقة الشعب الصيني بنفسه ووعيه في تحقيق التنمية.

وتأتي هذه الثقة والوعي من المنابع العميقة للحضارة الصينية، ومعرفة الشعب الصيني بظروف بلده وأهداف التنمية، ومن فهمه لاتجاه التطور العالمي.

إن التنمية السلمية هي الخيار الحتمي للتحديث الصيني النمط.

كما يقول المثل الصيني القديم: النتيجة الحتمية لدولة داعية للحرب هي الهلاك حتى ولو قوية، وعلى عكس بعض الدول الغربية التي حققت التحديث من خلال الحرب والاستعمار، يسير الشعب الصيني على طريق التحديث ذات الخصائص الصينية تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني من خلال الاستكشاف الجاد والسعي إلى السلام والتعاون والتنمية، في يومنا الذي تعتمد فيه الدول على بعضها البعض، تدعو الصين إلى مفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، مما جعل كرة الأرض مسرحاً كبيراً للتنمية المشتركة بدلاً من ساحة للتنافس المتبادل.

وفي الشرق الأوسط، لا تسعى الصين إلى تحقيق مصالح أنانية، ولا تقوم بالتنافس الجيوسيايي، ولا تقسم مناطق النفوذ، بل تتمسك بروح الشراكة المتساوية والودية وتحترم الخيارات المستقلة لدول المنطقة، مستعدة لتقديم مساهماتها في التنمية السلمية للمنطقة من خلال التعاون الصادق.

والجدير بالذكر أن الوساطة الصينية قد نجحت بتحقيق مصالحة تاريخية بين المملكة العربية السعودية وإيران، ودفعت مؤخراً إلى توقيع الفصائل الفلسطينية الـ14 على «إعلان بيجينغ لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية»، مما يضخ طاقة إيجابية جديدة في تحقيق الأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط.

شددت هذه الدورة على أن الصين ستنتهج بدأب وثبات سياسة خارجية مستقلة سلمية، وستدفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتطبق القيم المشتركة للبشرية جمعاء، وتنفذ مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية وتدعو إلى تعددية الأقطاب العالمية المتصفة بالمساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية المتسمة بالشمول والمنفعة للجميع، وتشارك في قيادة إصلاح منظومة الحوكمة العالمية وبنائها، وتحمي سيادة البلاد وأمنها ومصالحها التنموية بحزم.

إن التحديث الصيني النمط هو تحديث يسير على طريق التنمية السلمية وسيقدم مساهمات جديدة لقضية السلام والتنمية في العالم.

سيجلب تعميق الصين الشامل للإصلاحات والتحديث الصيني النمط مزيدا من التأثيرات الإيجابية على العلاقات الصينية الكويتية.

في ظل القيادة الحكيمة لقيادتي البلدين، قد دخلت العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة. ويتمتع الجانبان بإمكانات كبيرة في توسيع الانفتاح على بعضهما البعض وتعميق التعاون العملي، ويشتركان في نفس الأهداف المتمثلة في الالتزام بالتنمية السلمية وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين.

يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب الكويتي لتنفيذ التوافقات المهمة بين زعيمي البلدين وتعزيز المواءمة بين استراتيجيات التنمية، ودفع التعاون متبادل المنفعة في مختلف المجالات، وتكثيف التواصل والتنسيق بين الجانبين في الشؤون الدولية والإقليمية، وبذل جهود حثيثة من أجل توطيد علاقات الشراكة الاستراتيجية الثنائية وتعزيز رفاهية الشعبين، وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط.

back to top