فجأة وبلا تحضير، أو إنذار، أو مقدمات، قررت وزيرة الدولة لشؤون البلدية إنهاء خدمات جميع - عليك أن تقرأ جميع أكثر من مرة للتأكيد - جميع موظفي البلدية غير الكويتيين من حاملي الشهادات الجامعية.
كل شيء يبدو خطأ في هذا القرار، وكل شيء يدعو إلى التساؤل حلم ولا علم...؟ كيف استيقظت الوزيرة وبشخطة قلم قررت البلدية أن لديها اكتفاء بالموظفين، وأن مئات الموظفين غير الكويتيين لا حاجة للبلدية بهم؟! أمر غريب عجيب... فعلى حد علمنا أن القضية معكوسة.
فالوافد هو الذي يتحمل أعباء العمل، وهو الذي يُنجز المطلوب، بينما أغلب الموظفين الكويتيين يوقّعون ويغادرون... والبصمة الوسطى أو الثالثة التي أُقرت أخيراً تؤكد ذلك.
ثم أليس من العدل والإنسانية أن يكون هناك تحذير أو إعلام مسبق حتى يستعد الوافد الذي ستُنهي البلدية خدماته كي يعدل وضعه، وأن يستعد للمصيبة التي ستقع أو هي وقعت عليه؟ فقرار الوزيرة ينص على أن الأمر يجب أن يُنجز خلال ثلاثة أيام. يعني البلدية ستكون «وافد فري» قبل نهاية الأسبوع.
ثلاثة أيام وبعدها يقلع الوافد من عمله... معقولة. والذي أخذ قرضاً يوم أمس أو الأسبوع الماضي... كيف سيسترجع المقرض أو البنك أمواله؟! والذي استأنس على قرار الداخلية وأحضر قبل أيام عائلته إلى الكويت، حرق مدخراته على شقة أكبر وأثاث جديد.
واللي موقع عقد مع البلدية لسنوات إن كانت البلدية تعمل بالعقود... ما مصير عقده؟!
ثلاثة أيام... ويتقرر مصير عشرات وربما مئات العوائل وآلاف الأفراد. ثم مَن قال إن الكويتي الذي كان بالكاد يداوم بالأمس جاهز اليوم أو في الأيام الثلاثة القادمة ومهيأ للقيام بمهام الوافد.
فهو عملياً لم يتدرب عليها، ولم يتكيف ويتآلف معها... لديه الشهادة الجامعية نعم... ولكن ليست لديه الخبرة والإحساس بمتطلبات العمل.
أخيراً والأهم، قرار مثل هذا يجب أن يكون قراراً حكومياً... بل لا مبالغة إن اشترطنا أن يكون قراراً مشتركاً، يبحث ويهيأ له كل الكويتيين، وليس كل وزارة على حدة وعلى مزاج مختلف.
إنه في الواقع «سياسة» وأمر يجب أن تمهد له الكويت بأكملها وليس البلدية منفردة.