بلغاريا بلد التسامح... مهد حضارات أوروبا ووجهة سياحية ساحرة

نيسبار... لؤلؤة البحر الأسود «قبضت» على التاريخ وتغلغلت بين حصونه... وأبنيتها ترجع إلى القرن الـ 19
• بلوفديف... التاريخ في كل زاوية ودفء أهلها وكرم ضيافتهم يغمرون السائح في أجواء رائعة خالية من الهموم

نشر في 09-08-2024
آخر تحديث 08-08-2024 | 17:51
هي مهد لبعض أقدم الحضارات في أوروبا، وإحدى اللآلئ اللامعة في جنوب شرق أوروبا، التي تتيح لزائريها أفضل العطلات السياحية، هي دولة أوروبية نابضة تقع في وسط البلقان، وتحيطها رومانيا وتركيا ومقدونيا الشمالية واليونان وصربيا، وترحب على عادتها بالزوار من الشرق الأوسط القادمين للتنعم بطبيعتها الساحرة، وكل ما تقدمه لهم من تجارب حصرية لا تُحصى، فالكثير من الزوار، بمن فيهم القادمون من الكويت، يقصدونها للانغماس في تجربة حصرية لتناول مأكولاتها المحلية المحضرة من المحاصيل والمنتجات الطازجة من مزارعها.
هي من الوجهات السياحية التي تتمتع بثراء ثقافي يعود للعصور القديمة.
تتجاوز كثيراً المدن الأوروبية في نظافتها وهدوئها وحسن تنظيمها، ولباقة أهلها ولطفهم.
كل تلك المقومات السياحية جعلتها من أجمل الوجهات التي تستحق الزيارة والاستكشاف في القارة الأوروبية. إنها بلغاريا، صديقة الكويتيين منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، فبدعوة من هيئة السياحة البلغارية، ومن السفير البلغاري النشيط لدى البلاد، ديميتار ديميتروف، زار وفد إعلامي، شاركت فيه «الجريدة»، بلغاريا للتمتع بأجوائها وبروعة طبيعتها وطيبة أهلها وكرمهم.

انطلقت رحلتنا من مدينة فارنا، ثالث أكبر مدن بلغاريا وأشهرها، والتي تتمتع بمناظر طبيعية ومعالم أثرية فريدة، كما أنها تعد ميناء البحر الأسود، والملاذ الصيفي للسكان المحليين والزوار على حد سواء، وتفيض فارنا بمناطق الجذب السياحي، التي يمكن من خلالها القيام بالكثير من التجارب الفريدة والمغامرات المثيرة، لعل أفضلها الاسترخاء على الشواطئ ذات الرمال الذهبية الناعمة والمياه الفيروزية المتلألئة، والذهاب إلى منتجعات السبا العلاجية والرياضات الجريئة.

وللراغبين في الاستشفاء، تعتبر فارنا منتجعا مهما لسياحة الاستشفاء، حيث يمكن الجمع بين قضاء العطلة على البحر وتلقي الرعاية الصحية والاستجمام، إضافة إلى الحمامات البحرية المركزية على الشاطئ، التي شيد بعضها في بدايات القرن الـ20، وتضم مستشفى، ومركزا للعلاج بالطين، وعددا من المطاعم.

وبسبب أهميتها التاريخية والاقتصادية والثقافية، غالبا ما تسمى «العاصمة البحرية لبلغاريا»، ويبقى الانطباع الأول لدى الزائر لهذه المدينة الكبيرة بمحتواها الساحر، حينما يستقبلك شعبها بالبسمة في معظم أوقاته، وخصوصا حينما يعلم أن الزائر غريب عن البلاد وجاء سائحا، فشعب فارنا الساحلي قريب إلى القلب، اجتماعي الطباع، سهل التعامل، ولربما فرضت عليه الطبيعة الساحرة والأجواء الجميلة طوال العام بدفئها وبرودتها أن يكون هو أول المستمتعين بها.

فارنا مدينة عصرية ذات نشاط سياحي ثقافي غني على مدار العام، وفيها إمكانية لممارسة الصيد البري والبحري، حيث توجد 6 مساحات مخصصة في الغابات و3 عقارات خاصة للصيد.

بورغاس... «لؤلؤة البحر الأسود»

محطتنا الثانية كانت في مقاطعة بورغاس على ساحل البحر الأسود، وهي رابع أكبر مدينة في بلغاريا، في جنوب شرقي البلاد، هذا الموقع يجعل من المدينة وجهة مهمة للسياحة وخصوصاً في فصل الصيف، إذ إنها موطن لعدد كبير من المنتجعات والفنادق الفخمة التي تجعل السفر إلى بلغاريا رحلة لا تُنسى، هذه المدينة صغيرة بالحجم، لكنها مليئة بالتاريخ والثقافة والشواطئ وأماكن التسوق.

في بورغاس، زرنا مدينة نيسبار التي «قبضت» على التاريخ قبل مئات السنين، فاحتوت على إرث كبير من بداية الزمن، وتغلغلت في التاريخ بين الحصون والقلاع، وعند زيارتك لنيسبار ستقع في شباك غرام هندستها المعمارية الفريدة وأبنيتها التاريخية التي ترجع إلى القرن 19.

واستطاعت نيسبار، ذات الشهرة العالمية، مواكبة العصر، فأصبحت إلى جانب تاريخها العريق مقصداً لمحبي الأماكن التاريخية القديمة، وتقع في شبه جزيرة صخرية شاسعة تمتد إلى البحر الأسود، وتتمتع بالشوارع الضيقة المرصوفة بالحصى والمنازل التاريخية الرائعة، الأمر الذي يجعلها مكانا مثاليا للاسترخاء واكتشاف روعة أجواء بلغاريا التقليدية، ويعود تاريخ المدينة التاريخية، التي يطلق عليها اسم «لؤلؤة البحر الأسود»، إلى العصور القديمة. عبر التاريخ مر من هذه المدينة كل من الإغريق والرومان والبيزنطيين والصليبيين والعثمانيين.

وتقع الطاحونة القديمة في نيسبار على الجسر الذي يربط بين المدينة القديمة والجديدة، وتمثل أحد الرموز السياحية المهمة في هذه الوجهة السياحية الرائعة، خاصة أن هناك العديد من المقاعد التي تقع بجانب الطاحونة والتي تمنح الزائرين الفرصة للاستمتاع بروعة الأجواء في الهواء الطلق لاسيما في المساء، إضافة إلى ذلك تشمل المدينة أحدث وأكبر الفنادق والشواطئ الرئيسية التي تسمح بممارسة الرياضات المائية الممتعة، إلا أن أغلبية معالمها السياحية المهمة موجودة في البلدة القديمة.

صوفيا... مركز ثقافي واقتصادي ويجتمع فيها المسجد والكاتدرائية والكنيس في مكان واحد

بلوفديف... أقدم المدن

إلى جانب كونها واحدة من أفضل الوجهات الأوروبية، بلوفديف هي من أقدم المدن في أوروبا، وواحدة من أقدم المدن في العالم، وكانت واحدة من المدن الرئيسية في الإمبراطورية الرومانية، لذلك هناك الكثير من الآثار الرومانية، مثل المدرج الروماني، الذي لا يزال يعمل كمسرح في الهواء الطلق، والاستاد الروماني، والمنتدى الروماني. في هذه المدينة أيضاً وجدنا منازل ملونة ومتاحف وأسواقا ومطاعم، والكثير من الأماكن المناسبة للسياحة.

وتنقسم المدينة إلى جزأين، بلوفديف القديمة وبلوفديف الحديثة، وتقدم المدينة القديمة في بلوفديف، المبنية حول سبع تلال، أفضل المشاهد للعمارة التقليدية في جنوب شرقي أوروبا، فمن يريد أن يعرف كيف كانت مدن البلقان قبل القرن العشرين فهذا هو المكان المناسب، حيث الشوارع الضيقة المرصوفة بالحصى، والمنازل المؤسسة على مزيج غني من الأساليب الشرقية والغربية، فهنا سيتجسد التاريخ حاضرا أمام عيني السائح في مشاهد رائعة.

بلوفديف القديمة هي واحدة من أكثر الأماكن المدهشة، وقد جعلت المدينة من أجمل مدن بلغاريا، المنازل القديمة بشرفاتها الصغيرة، وعدد من المعالم المهمة مثل برج الساعة، الكنيسة التراقية والحمامات الرومانية والكنائس السلافية ومساجد المسلمين أيضا.

وتضم بلوفديف العديد من المعالم الأثرية الرومانية الفريدة، في مقدمتها الاستاد الروماني القديم في ساحة دجومايا، والذي يعتبر من المعالم الرومانية البارزة على مستوى العالم، هذا إلى جانب المدرج القديم، والبناء السكني إيريني والشوارع المعبدة والأسوار والمباني ذات التصميمات المميزة.

وفي أحياء بلوفديف ستعود إلى العصور القديمة ما بين الشوارع المرصوفة بالحصى، ومحال الحرفيين التي طالما تميزت بها منطقة البلقان، هذا جنبا إلى جنب مع مجموعة من المقاهي والنوادي والحياة الليلية الصاخبة، فستشعر بروعة المكان وتميزه، فالجميع هنا يجد مبتغاه.

تركت خمسة قرون من الحكم العثماني إرثاً من الهندسة المعمارية الجميلة في بلوفديف، بما في ذلك مآذن المساجد ذات التصميم الرائع، ما يؤكد على روعة هذه المدينة المتنوعة. وبفضل ما تتمتع به من المناظر الطبيعية الخلابة والآثار التاريخية والمؤسسات الثقافية، استطاعت بلوفديف أن تخلق جوا ساحرا ومثيرا للإعجاب.

صوفيا

هي عاصمة جمهورية بلغاريا الجميلة، وتحمل طابعاً تاريخياً، وتعد من أهم مدنها السياحية وأكبرها وأكثرها زيارة، لما تضمه من الوجهات الرائعة للزيارة، بداية من الحدائق الممتعة ومرورا بالمشاهد الطبيعية الخلابة وحتى المعالم السياحية التاريخية التي تستحق الاكتشاف، ولعل أكثر ما يميز صوفيا أنها مدينة متنوعة نابضة بالحياة تمزج بين القديم والجميل في أبهى صورة، وتعتبر مركز بلغاريا الثقافي والاقتصادي، وفيها أكثر من 16 جامعة حكومية (من بينها جامعة صوفيا التي تأسست عام 1888)، كما يوجد فيها العديد من الجامعات الخاصة.

وتقع صوفيا في موقع مميز عند سفح جبل فيتوشا العظيم، وتعد مركزا رئيسيا للفنون في أوروبا، وتتيح لزائريها إمكانية القيام بمجموعة متنوعة من أمتع الأنشطة الترفيهية، كالتنزه وسط العديد من المعالم الأثرية التاريخية، وأبرزها المتحف التاريخي الوطني، والحدائق الخضراء المنتشرة في المدينة، والمشي في الشوارع المرصوفة بالحجر، وهناك الكثير من المطاعم والأسواق الجميلة والشوارع الساحرة المرصوفة بالحصى وغيرها العديد من الأشياء الأخرى.

تاريخ صوفيا غني وطويل، فقد تأسست منذ نحو 2500 سنة، وتغير اسمها كثيرا كما تغير دورها على خريطة أوروبا، فكانت عاصمة الإمبراطورية الرومانية لفترة من الوقت، ثم خضعت للإمبراطورية العثمانية، وفي وقت لاحق سيطر عليها السوفيات، ويمكنك أن تتخيل كيف تبدو الحياة في هذه المدينة ومدى تنوعها الآن ثقافيا ومعماريا.

وفي إشارة إلى التسامح الديني الموجود في صوفيا، تبعد كاتدرائية ألكسندر نيفسكي عن الكنيس اليهودي وعن مسجد بنيا باشي، أمتاراً قليلة عن بعضها البعض، وبني مسجد بنيا باشي أثناء الحقبة العثمانية في بلغاريا، وتحديدا عام 1576، ويشتهر بقبته الضخمة ومنارته العالية، كما يوجد مسجد السلطان مراد الذي بني في 1358.

بوروفيتس

مدينة بوروفيتس هي واحدة من أكبر المنتجعات الجبلية في بلغاريا، وتقع على ارتفاع 1300 متر على المنحدرات الشمالية لجبل ريلا، على بعد حوالي 70 كم من صوفيا، ونحو 130 كم من بلوفديف.

إنها مدينة جبلية رائعة وموطن لأكبر منتجع للتزلج في بلغاريا، في فصل الشتاء تشكل المدينة وجهة سياحية لمحبي ومحبات التزلج من خلال النشاطات الكثيرة التي يمكن القيام بها: التزلج على الجبال، والتزلج الريفي على الثلج، والتزلج على الجليد، والغطس في الينابيع الساخنة الطبيعية، الجلوس في المطاعم.

تأسس المنتجع في نهاية القرن التاسع عشر، وكان يعرف باسم «غابة الصنوبر» حتى منتصف القرن العشرين. وخلال الأشهر الدافئة من العام، يوفر منتزه خاص للدراجات الهوائية ظروفاً ممتازة لراكبي الدراجات المتحمسين مع أكثر من 20 مساراً محدداً بمستويات صعوبة مختلفة.

وتتعدد الفنادق وأماكن الإقامة في بوروفيتس، وتتنوع من الفنادق الفاخرة إلى الكبائن المريحة المزودة بحمامات الساونا.

السفير الفضلي: أبواب سفارتنا في بلغاريا مفتوحة لجميع الكويتيين


السفير الفضلي وبشرى الطراح وبدر العازمي خلال استقبال الوفد الإعلامي السفير الفضلي وبشرى الطراح وبدر العازمي خلال استقبال الوفد الإعلامي
هو ليس سفيراً فقط، بل إنه يعرّف نفسه بأنه «مسؤول عن مساعدة أي كويتي يأتي إلى بلغاريا ويرغب في مساعدة السفارة له»، ويشدد على أن «أبواب سفارتنا مفتوحة لكل كويتي، وأرقام هواتف السفارة وتلفون الطوارئ جاهزة لتلقي أي اتصال أو استفسار أو مساعدة لأي مواطن، وعلى مدار الساعة وأيام الأسبوع السبعة».

إنه سفير الكويت في بلغاريا غازي الفضلي، الذي استضاف في سفارة الكويت بصوفيا وفداً إعلامياً كويتياً يزور بلغاريا، ومن ضمنه «الجريدة»، والذي دعا من خلاله «جميع السائحين الكويتيين إلى زيارة بلغاريا والاستمتاع بجمال طبيعتها الخلابة»، مشيرا الى أنها «بلد آمن وشعبها مسالم ومضياف وودود، وخال من المشاكل وملائم للعيش فيه».

وأشاد الفضلي بعمق العلاقات الثنائية والتاريخية التي تربط بين الكويت وبلغاريا، مستذكراً موقف بلغاريا تجاه الكويت إبان الغزو العراقي للدفاع عن الحق الكويتي.

وأشاد الفضلي بـ «التسامح والتعايش بين الأديان والثقافات المختلفة الذي تشتهر به بلغاريا، والذي يمثل نموذجاً فريداً، حيث يمارس الجميع الشعائر الدينية بحريّة، كما يجتمع كل من المفتي والبطريرك والحاخام في المناسبات كل الدينية».

وكشف أن «إجمالي عدد الكويتيين الذين زاروا بلغاريا بغرض السياحة الصيفية والترفيهية في 2022 بلغ نحو 300، فيما زاد العدد خلال 2023، ليصل إلى أكثر من 1700 سائح».

الفضلي الذي يستعد قبل نهاية العام لإقامة «الأسبوع الكويتي الثقافي» في صوفيا، عبّر عن تقديره لنشاط وحماس نظيره البلغاري لدى الكويت، ديميتار ديميتروف، «الذي يسعى دائماً للارتقاء بالعلاقات بين بلدينا إلى مستوى أرفع وأعلى»، كما عبّر عن إعجابه بديميتروف «الذي تعلّم اللغة العربية منذ ثمانينيات القرن الماضي من خلال استماعه الى إذاعة دولة الكويت التي كانت تصل إلى بلغاريا».

back to top