لا يقبل العقل ولا الضمير أن كل مجرم أو إرهابي قذف له صاروخين على إسرائيل فيصبح واجباً علينا غفران ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولنعدّه بعدها من الرموز والقديسين، ويحرم علينا حتى التذكير بجرائمه وخطاياه.

رحم الله الشهيد إسماعيل هنية الذي يحق له ولكل فلسطيني التحالف مع الشيطان لتحرير أرضه، مثل ما كان من حقنا الاستعانة بـ «الشيطان» الأميركي لتحرير بلادنا من العدوان العراقي بقيادة صدام حسين، الذي قام بدوره أيضاً - في محاولته الأخيرة اليائسة لخلط الأوراق وغسيل سمعة جرائمه - بضرب إسرائيل بصواريخ أكبر وأقوى مما فعلت إيران وأذرعها، ولكن كما طال التشكيك بنوايا الأميركان وأهدافهم حينها - وهو بالمناسبة أمر طبيعي في السياسة والحروب - فلا يمكن التغاضي وتبرئة إيران اليوم وتنزيهها عن المطامع والمصالح، لمجرد تصدّرها في مواجهة العدو الإسرائيلي، فمن يسعى للسيطرة على اليمن وسورية ولبنان وغيرها، فبالتأكيد لو كان فعله بحجم كلامه وتمكّن من تحرير الأرض لن يسلّم مفاتيح عكا للفلسطينيين بامتنان وسلاسة وسرور.

Ad

لسنا هنا بصدد شيطنة إيران وأذرعها وقياداتها الذين لم يتوقف الإسرائيليون عن اصطيادهم، ولم يتوقفوا هم في المقابل عن تهديدها حتى الآن، فهي قائمة بدورها على أكمل وجه، ولا نحتاج لشيطنة الشيطان أصلاً، أما من يخشى ذكر أو تذكّر ذلك، خوفاً من الوصم بـ «التصهين»، فليعلم أنه ليس بأسوأ كثيراً من «التأيرُن» جهلاً أو عمداً، لذا فالواجب علينا حين تفيض العواطف وتغشى الذاكرة التنبيه للقواعد السياسية الثابتة على مر العصور والأمكنة بأنه لا شيء مجاني في السياسة، ولا ملائكة في الحروب، ولا نغفل أبداً عن أن من توغل بدم أطفال سورية صعب عليه أن يتوضأ بدم أطفال غزة.