تخوض القوات الروسية قتالاً عنيفاً لليوم الخامس على التوالي في منطقة كورسك الروسية، لصد أكبر توغل أوكراني، استخدمت فيه دبابات ألمانية «عادت إلى الأراضي الروسية بعد 80 عاماً»، حسب وصف صحيفة بيلد الألمانية، فيما حشدت موسكو قوات إضافية لحماية إحدى محطاتها النووية، في وقت بررت واشنطن الهجوم الأوكراني، وسط تقارير عن إرسال إيران صواريخ بالستية لروسيا.
وأعلنت موسكو حشد قوات إضافية لصد التوغل الأوكراني، وأطلقت عملية شاملة «لمكافحة الإرهاب» في بيلغورود وبريانسك وكورسك، تشمل تقييد الحركة ومراقبة المكالمات وإعلان مناطق محظورة وتعزيز الأمن على مواقع البنية التحتية الاستراتيجية، لاسيما محطة كورسك النووية.
وأفادت تقارير غير مؤكدة أمس، بأن قوات أوكرانية اجتازت الحدود في منطقة بيلغورود، ونشرت صوراً لجنود أوكران داخل قرى روسية، إضافة إلى أشرطة مصورة تظهر جنوداً روس يستسلمون في كورسك.
«هجوم إرهابي»
وبينما أجلت موسكو الآلاف من مواطنيها الفارين من القتال، واصفة التوغل الأوكراني بـ«الهجوم الإرهابي»، حذرت الوكالة النووية الروسية «روساتوم» من أن الهجوم «يشكل تهديداً مباشراً» لمحطة كورسك النووية، التي تقع على بعد أقل من 50 كيلومتراً من منطقة القتال.
وفي هجوم هو الأكبر منذ اندلاع الحرب، اجتاحت قوات أوكرانية أجزاء من منطقة كورسك الروسية، وأوشكت على السيطرة على محطة غاز رئيسية، واقتربت لكيلومترات من محطة نووية روسية، فيما رجح مراقبون أن يكسب هذا الهجوم المفاجئ كييف نفوذاً قبل محادثات وقف إطلاق النار قد تجري بعد الانتخابات الأميركية.
ولئن رفضت كييف التعليق رسمياً على العملية، مكتفية بشكر مقاتليها، اعتبرت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن التوغل الأوكراني داخل روسيا «لا يتعارض مع السياسة الأميركية»، التي «تسمح لأوكرانيا بشن ضربات في العمق الروسي بأسلحة أميركية طالما كانت دفاعاً عن النفس ومرتبطة بهجوم عبر الحدود من القوات الروسية».
لكن واشنطن أشارت إلى أنها «لا تدعم هجمات بعيدة المدى على روسيا»، فيما أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سروره بالنجاحات الأولية التي حققتها قواته، معلناً أن روسيا يجب أن «تشعر» بعواقب هجومها الواسع ضد أوكرانيا.
وأعلن الجيش الأوكراني، من جانبه، انخفاض «الاشتباكات القتالية» داخل أوكرانيا، في إشارة محتملة إلى أن توغله في روسيا ينجح في تخفيف الضغط على أجزاء أخرى من خط المواجهة المترامي الأطراف، حيث تسجل القوات الروسية تقدما.
انتقام روسي
في المقابل، ورداً على مقال لصحيفة بيلد الألمانية ابتهجت فيه بعودة الدبابات الألمانية إلى الأراضي الروسية بعد 80 عاماً، تعهد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، بأن تصل الدبابات الروسية إلى مبنى الرايخستاغ في برلين، واصفاً المقال الذي يتحدث «بكل فخر عن عودة الدبابات الألمانية إلى الأراضي الروسية» بأنه انتقامي.
بيلاروس على الخط
في هذه الأثناء، أرسلت بيلاروس، أكبر حلفاء موسكو، قوات إضافية لتعزيز حدودها مع أوكرانيا، قائلة إن طائرات مسيرة أوكرانية انتهكت مجالها الجوي أثناء التوغل العسكري لكييف في كورسك.
وقال رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو، إن قوات الدفاع الجوي دمرت عدة طائرات مسيرة أوكرانية من بين نحو 10 طائرات بعد أن انتهكت المجال الجوي لروسيا البيضاء في منطقة موغيليف الشرقية المتاخمة لروسيا.
وأضاف أن القوات دمرت طائرات مسيرة أخرى في وقت لاحق بالقرب من مدينة ياروسلافل الروسية، فيما شدد وزير الدفاع فيكتور خرينين على أن روسيا البيضاء تعتبر انتهاك مجالها الجوي استفزازاً، وأنها «مستعدة للرد».
صواريخ إيرانية
في سياق متصل، كشف مصدران مخابراتيان أوروبيان، لـ«رويترز»، أن عشرات الأفراد العسكريين الروس يتلقون التدريب في إيران على استخدام أنظمة الصواريخ البالستية قريبة المدى «فتح-360»، وأضافا أنهما يتوقعان تزويد إيران روسيا بمئات الأسلحة الموجهة بالأقمار الصناعية قريبا من أجل حربها في أوكرانيا.
وذكر مسؤولا المخابرات، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما، أن ممثلين من وزارة الدفاع الروسية يعتقد أنهم وقعوا عقدا في 13 ديسمبر الماضي مع طهران للحصول على صواريخ «فتح-360»، وأحد أنظمة الصواريخ البالستية الأخرى، وهي صواريخ «أبابيل».
وقال المسؤولان، نقلاً عن العديد من المصادر المخابراتية السرية، إن عسكريين من روسيا زاروا إيران لتعلم كيفية تشغيل نظام «فتح-360» الدفاعي، فيما أكد أحد المسؤولين أن الخطوة «الوحيدة المحتملة المقبلة» بعد التدريب ستكون الإرسال الفعلي للصواريخ إلى روسيا.
وذكر خبير عسكري أن موسكو تملك صواريخ بالستية بالفعل، لكن توريد صواريخ «فتح-360» قد يسمح لروسيا باستخدام مزيد من ترسانتها في ضرب أهداف خلف خطوط المواجهة، إضافة إلى استغلال الرؤوس الحربية الإيرانية في ضرب الأهداف قريبة المدى.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي وشركاءها في مجموعة السبع «مستعدون لتوجيه رد سريع وشديد إذا مضت إيران قدماً في عمليات النقل هذه»، التي اعتبرها «تصعيداً خطيراً في دعم إيران للحرب العدوانية التي تشنها روسيا على أوكرانيا».
وبينما رفضت وزارة الدفاع الروسية التعليق، نفت بعثة إيران الدائمة لدى الأمم المتحدة هذه التقارير، مشددة على أن «إيران تمتنع عن نقل أي أسلحة يحتمل استخدامها في الصراع مع أوكرانيا إلى حين انتهائه، بما في ذلك الصواريخ». وقالت في بيان إنه «ليس لدى إيران من الناحية القانونية أي قيود أو محظورات على شراء أو بيع الأسلحة التقليدية، لكن من الناحية الأخلاقية ستتجنب إيران نقل أي أسلحة، بما في ذلك الصواريخ، التي قد تستخدم في الصراع مع أوكرانيا، حتى ينتهي هذا الصراع».
من ناحيته، عبر متحدث باسم الحكومة البريطانية عن قلقه العميق إزاء التقارير التي تشير إلى تدريب عسكريين روس في إيران، قائلاً، إنه «يجب على إيران ألا تمضي قدماً» في نقل الصواريخ البالستية.