قافلة العطاء تمر سريعاً لتحمل في ثناياها حكايات كثيرة تنثر العبق غير أنها ترسو لاحقاً على شاطئ الماضي ثم تنقضي بعد حين ولا يبقى منها سوى عطاءات الكبار وآثارهم الخالدة فلا ينساها الناس لأنها تحفر في ذاكرتهم عميقاً.

ومن هؤلاء الذين لا تمحو الايام ذكراهم أيقونة الفن وأبو الكوميديا عبدالحسين عبدالرضا الذي يُعتبر من مؤسسي الفن الكويتي والخليجي والذي رحل عنّا في مثل هذا اليوم قبل سبعة أعوام لتفقد الكويت ودول الخليج كما العالم العربي عملاقاً متواضعاً.

وتزدهي الذاكرة الكويتية بوميض هائل من سيرته العطرة سواءً فنياً أو اجتماعياً فقد كان متميزاً بما قدّمه كما كان قريباً من جمهوره الذي بكاه طويلاً وكان وفياً لعطائه الخصب.

Ad


وهذا الفنان الرائد الذي ولد بمنطقة شرق عام 1939 وتوفي العام 2017 قضى نحو نصف قرن من عمره في بلاط الفن الكويتي منذ بداياته ليبرع بكل الشخصيات التي أداها ويرسخ اسمه في سماء الفن الخليجي والعربي سواءً على خشبة المسرح أو على شاشات التلفاز أو عبر الموجات الإذاعية.

وقبل وفاته بشهور أنشأت الكويت مسرحاً بمنطقة السالمية حمل اسمه ليبقى أثراً حياً وصرحاً فنياً خالداً يتبع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ويُقدّم عروضاً مسرحية وفنية ويستقبل على خشبته أبرز المهرجانات.

ولم تتوان وزارة الإعلام الكويتية بقنواتها المختلفة منذ رحيله في إعادة كثير من المسرحيات والتمثيليات التي أداها واستحق من خلالها بجدارة ما ناله من تقدير خلال سنوات حياته ومن خلود بعد وفاته.

وفي شهر مايو الماضي شهدت الكويت على مسرح الشيخ جابر الثقافي عرضا متألقاً تحت عنوان «عالم عبدالحسين» وكان إقبال الجماهير واسعاً بحيث لم تستوعب صالة العرض كل الراغبين بحضور هذا العمل الوفي لأسطورة الفن الكويتي.

وجسّد العرض استعراضاً كبيراً قوامه نحو 80 فناناً شاركوا مجتمعين في تناغم بديع غناء وأداء وموسيقى وتمثيلاً إلى جانب مواد أرشيفية مسجلة مصحوبة بتقنيات نقلت المشاهدين إلى عالم عبدالحسين الأسطوري.

وبهذا العرض أكد أبناء الكويت من جديد أنهم لم يتخطوا رحيله رغم مرور سبعة أعوام على وفاته ليس بإعادة مشاهدة أعماله فقط بل بإعادة إحيائها أيضاً بإنتاج وتنظيم عروض فنية ومسرحية باسمه وتقليد مظهره واستحضار أعماله كما في العرض المسرحي «عالم عبدالحسين» فيما نُظّم كثير من الفنانين معارض فنية عدة مستذكرين عطاءه وفنه الخالد.

ولا تزال أعمال عبدالحسين عبدالرضا حاضرة ومتداولة ولا يكتفي المشاهدون بحضورها مرة واحدة بل إن الإقبال على تكرار مشاهدة أعماله يثبت حضور فنه وتواجده ليواكب الأجيال ويتعرفوا جميعهم على أيقونة الكوميديا الكويتية عبدالحسين عبدالرضا.

فقد تنوع إرثه ما بين مسلسلات ومسرحيات وعروض وطنية وأعمال اذاعية وسينمائية وغيرها من الأعمال الفنية وبلغ عدد مسلسلاته نحو 30 مسلسلاً ومنها «درب الزلق» و«قاصد خير» و«سوق المقاصيص» و«الحيالة» و«الأقدار» كما أبدع في تقديم المسرح.

كما قدّم «أبو الكوميديا» نحو 33 عملاً مسرحياً منها «باي باي لندن» و«على هامان يا فرعون» و«فرسان المناخ» و«مراهق في الخمسين» و«سيف العرب» وغيرها كثير.

ولم تقتصر جهود عبدالرضا على التمثيل وحده فقد ساهم أيضاً في تأسيس «فرقة المسرح العربي» و«فرقة المسرح الوطني» و«مسرح الفنون» وشركة مركز الفنون للانتاج الفني والتوزيع.

ويستذكر الكويتيون اليوم هذا الفنان الكبير الذي لم ينسوه يوماً بكل تاريخه الطويل وعطائه الخصب شاهدين على رحلة فنية ستبقى بصماتها خالدة على مدى تاريخ الفن الكويتي العريق.