بعد مرور شهرين على انطلاقته، اختتمت أكاديمية لوياك للفنون (لابا) مخيمها الصيفي، الذي حمل عنوان «لتحيا شجرة الزيتون»، من خلال حفل أقيم في مقرهم بالمدرسة القبلية، كان أبطاله مجموعة من الأطفال أعمارهم بين 6 و12 عاماً ممن شاركوا في فعاليات المخيم وأنشطته، مستفيدين من صفوف الموسيقى والمسرح والأداء الاستعراضي والفن التشكيلي والحرف اليدوية والطبخ والرياضة واليوغا والبيئة وصف الثقافة الفلسطينية على يد نخبة من المدربين والمتخصصين، إضافة إلى استمتاعهم بعدد من الرحلات الترفيهية.

وتطابقت ثيمة الحفل مع ثيمة مخيم «لتحيا شجرة الزيتون»، وهي نشر الوعي بالقضية الفلسطينية، وإظهار الدعم والتضامن مع الأطفال الفلسطينيين.
مجموعة من رسومات الأطفال لرمز الصمود حنظلة
وانطلق الحفل مع عرض مسرحي درامي لم يخل من الرقص التعبيري، تناول في مضمونه قضية النكبة الفلسطينية دون نسيان ما يحصل اليوم من أحداث دموية في غزة، حاملاً عنوان «1948». بعدها، تم تقديم ملحمة غنائية من الفلكلور الفلسطيني للفنان الراحل إبراهيم صالح (أبوعرب) بعنوان «يا يما في دقة ع بابنا». وحظيت العروض بالتصفيق الحار من الحضور، حيث إن الأطفال استطاعوا بموهبتهم تقديم رسالة مهمة جداً مفادها أن الشعب كله يقف صفاً واحداً في وجه العدوان. حماس كبير

ووسط حماس كبير تم تقديم العرض الاستعراضي الراقص (الحكاية الفلسطينية)، الذي لامس قلوب كل من شاهده خلال الفترة الماضية، حيث قدمته فرقة «لابا» الاستعراضية ضمن مهرجان العودة الذي راح ريعه كاملاً لفلسطين، لكن الجديد في العرض هذه المرة أنه أتى من أداء الأطفال، فاستطاعوا أن يعبِّروا عن القضية بإحساسهم الذي طغى على المشهد المسرحي ككل.
Ad


جمال الأمسية لم ينته عند هذا الحد عند الجمهور، خصوصاً لدى أولياء الأمور، الذين بدت عليهم الفرحة ونظرات الفخر بأبنائهم وهم يقفون فوق خشبة المسرح بكل ثقة يتحدثون عن قضية فلسطين، إذ قدَّم الأطفال بأصواتهم العذبة أغنية «فلسطين بلادي» للفنان حمود الخضر، ثم عُرض بعدها فيلم وثائقي تضمَّن كل أنشطة المخيم وفعالياته.
فريق «لابا» من المدربين والإداريين
أما الختام، فكان مع تقديم أغنية «سلام لغزة» في اتساق مع رسالة «لابا»، التي تسعى إلى تحقيق السلام من خلال الفنون.

الحفل كان من تقديم الشابة فاطمة الحنيّان، إحدى المرشدات المميزات اللاتي أشرفن على الأطفال خلال المخيم، إذ تؤمن «لابا» بأهمية تمكين الشباب، من خلال إشراكهم بوظائف مؤقتة تُدخلهم سوق العمل، وتُعرّفهم إلى طبيعة الحياة العملية في سن مبكرة، فقد وكّل الإرشاد إلى 6 من الشباب والشابات بين الأعمار 14 و21 عاماً، في تأكيد على ضرورة التفات الشباب إلى استغلال عطلة الصيف في أعمال ونشاطات تساعد في صقل شخصياتهم وشغل وقتهم بطريقة مفيدة.
لوحة من رسم أطفال المخيم تعبِّر عن الثقافة الفلسطينية

فارعة السقاف: «لابا» كانت وستبقى ملاذاً آمناً للأطفال

شاركت المؤسسة ورئيسة مجلس الإدارة التنفيذي بـ «لوياك» و«لابا»، فارعة السقاف، في الحفل عن بُعد، حيث قالت في رسالتها لأولياء الأمور: «يتملكني شعور مزدوج بالرضا والحزن معاً، إذ أشعر بالرضا لأننا اجتهدنا كي نقدم لصغارنا مخيماً صيفياً يليق بهم وبذكائهم. أردنا أن نقدم لهم ما يوسع مداركهم ويضيف لمعلوماتهم ويعزز وعيهم من جهة، وما يرضي شغفهم ويصقل مهاراتهم ويسعدهم من جهة أخرى. القضية الفلسطينية كانت حاضرة بالطبع، تماشياً مع قيمنا ورسالتنا وهدفنا ونهجنا في (لوياك) و(لابا)، ولتكون ترجمة صادقة لشعارنا (لتحيا شجرة الزيتون)، وأعتقد أننا نجحنا في ذلك. حفلنا اليوم حصاد لما زرعناه في يومياتهم بالمخيم الصيفي».

وتابعت: «ما يحزنني، أنه بعدما يقارب 300 يوم، ما زلنا نشهد جرائم الاحتلال من تدمير وقصف وحشي يومياً في غزة والضفة الغربية، يحصد أرواح الأبرياء، ولا يزال العدو يُمعن في غيّه وبطشه وعدوانه وتعذيبه لأهل فلسطين الحبيبة، فيما نحن هنا لا نملك لهم سوى الدعاء والتذكير بصمودهم وصبرهم. أعزائي أولياء الأمور، أشكركم على ثقتكم بنا، وأؤكد لكم أن (لابا) كانت وستبقى ملاذاً آمناً للصغار، ليجدوا فيها كل ما تتوق عقولهم وأرواحهم، وما يعود عليهم بالمنفعة والفائدة».

أهمية المخيم وأهدافه

عن أهمية المخيم وأهدافه، أفادت ابتسامة عرفة، قائدة مخيمات «لابا» الصيفية والشتوية، بأنه «في الوقت الذي يواجه أطفالنا صوراً مؤلمة ومشاهد عنف يومية على شاشات التلفزيون ومواقع التواصل، نرى أهمية كبيرة في توفير مساحة بديلة آمنة وإبداعية لهم، تمكّنهم من تحويل الصور السلبية إلى لوحات من الأمل، المحبة، والسلام».

وأضافت عرفة: «نهدف في (لابا) إلى تعزيز فكرة مفادها أن الفن وسيلة قوية لتغيير العالم، ففي أحلك الأوقات يمكن للجمال والإبداع أن يزدهرا وينيرا الطريق نحو مستقبل أفضل للطفل العربي، بل ولأطفال العالم أجمع كما نتمنى».

واختتمت: «مثَّل مخيم (لتحيا شجرة الزيتون) فرصة فريدة للأطفال للتعبير عن أنفسهم بثقة وقوة من خلال الفنون المختلفة، وتعزيز وعيهم بالقضية الفلسطينية، ونقل رسائل الحرية والعدالة بطريقة إبداعية وجذابة».

تطوير مهارات

وفي هذا السياق، قالت لطيفة الوزان، والدة الطفلة المشاركة في المخيم سارة الوزان: «لقد رأينا كيف أن الوقوف على المسرح والمشاركة في العروض الفنية يعزز ثقة الأطفال بأنفسهم، ويساعدهم على تطوير مهارات التواصل والإبداع. هذه التجربة تمنحهم شعوراً بالفخر والانتماء، وتجعلهم أكثر وعياً بجذورهم وهويتهم».

شخصية متوازنة وقوية

من ناحيتها، قالت إسراء العوضي، والدة الطفلة المشاركة ماريا حسن: «نحن ممتنون لهذا التكامل الرائع بين جهود (لابا) وما نقدمه في المنزل، لأن هذه التجربة تؤكد لنا أن أطفالنا ينمون ويتطورون في بيئة تقدِّر الفنون، وتعتبرها جزءاً أساسياً من بناء شخصية متوازنة وقوية. شكراً لكم على هذه الرحلة الجميلة التي نعيشها معاً، وعلى كل ما تقدمونه لأطفالنا من دعم وإلهام».

هوية عربية

بينما عبَّرت والدة الطفل هاشم المذكور عن رضاها بمشاركة ابنها في المخيَّم، قائلة: «نحن فخورون بجهود أطفالنا، وبالأثر الذي نراه في نفوسهم من خلال هذه الأنشطة. نحن على ثقة بأن هذه التجربة ستُكوِّن لهم ذكريات مميزة وحافزاً لمواصلة التعلم والنمو كأفراد مبدعين وفخورين بهويتهم العربية والفلسطينية. نشكركم على ثقتكم ودعمكم المستمر، ونتطلع إلى رؤيتكم في العروض القادمة».