تكشف لنا الأيام يوماً بعد يوم سوء الأسلوب، وضعف النهج، اللذين تقوم بهما السلطة التنفيذية بمجال التعيين واختيار القيادات الإدارية، فمنذ صدور قانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 لم تكن هناك معايير علمية واضحة ودقيقة تحدد متطلبات وشروط شغل الوظيفة القيادية في الجهاز الحكومي بدولة الكويت! واستمر هذا الوضع الإداري والوظيفي السيئ إلى ما يزيد على 45 عاماً، مما أوجد وضعاً إدارياً متخلفاً وغير صحي بمعظم الوزارات والأجهزة والإدارات الحكومية! وفشل معظم جهود الإصلاح والتطوير الإداري لسوء النهج والأسلوب الإداري المتبع بالتعيين بالوظائف القيادية الحكومية، والذي كان يتم في أغلب الأحوال بأساليب شخصية بعيدة عن الأسس العلمية والمهنية والإدارية ومعتمدة على المعرفة الشخصية والقرابة العائلية والحزبية والقبلية والطائفية ممزوجة بالنهج السياسي وأسلوب «المحاصصة».
إن نظريات القيادة التي جاءت بها الدراسات والبحوث العلمية بمجال الإدارة والعلوم الاجتماعية بالدول الغربية خلال القرن الماضي استطاعت هذه الدول أن تستثمرها وتستفيد منها في تطوير كل مؤسساتها الخاصة والحكومية والإدارية والتربوية والصناعية وتقود مجتمعاتها لِغَد أفضل وحياة أسعد!!
إن التطور التكنولوجي الحديث والعصر الرقمي Digital الذي نعيشه قد غيّر ليس فقط النظم الصناعية والإدارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية بل تعدى إلى حياة الفرد اليومية.
ووسط عصر التجارة والصناعة والمجتمع الرقمي المتسارع، أصبح العالم بحاجة لقيادة جديدة ذات رؤية علمية ونهج جديد يتناسب مع هذا العصر الرقمي والمجتمع التكنولوجي المتسارع بالتنمية والتغيير والتطوير. نعم نحن بأشد الحاجة للقيادي الرقمي وللوزير الرقمي والمدير الرقمي والموظف الرقمي، فالمستقبل أصبح لمن يستطيع أن يتعايش مع التطور التكنولوجي ويستثمر العصر الرقمي لمزيد من التطوير والتقدم وسعادة الشعوب!
لقد ذهب عصر مجرد الحصول على درجة علمية عليا في تخصص علمي محدد! فإذا لم تكن هذه الشهادة العلمية العليا مقترنة بالعصر الرقمي التكنولوجي المتطور والمتسارع والمهارات المتقدمة، فمن الممكن أن تكون مع مرور الزمن عائقاً للتنمية والتطوير!!
نعم نحن نعيش عصر تحولات اقتصادية وتكنولوجية واجتماعية هائلة ومتسارعة تتميز باعتمادها على عصر الإنترنت واقتصاد المعرفة والتأقلم مع عصر العولمة والانفتاح في نظم الاتصالات والمواصلات ونظم المعلومات ومعتمدة على التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي Artificial intelligence في مختلف النظم والأساليب الإدارية والعلمية والتنظيمية.
فهل نتخلى عن الأساليب البالية التي تتبناها أجهزتنا الحكومية والخاصة في عملية اختيار القيادات الإدارية أم نتمسك بها ونعيش في تخلف دائم وفي ظلام دامس يقودنا لمزيد من التخلف والضياع والتشتت؟!
يجب أن ننظر لهذه التحولات الجذرية كفرص يمكن الاستفادة منها واستثمارها لمصلحة مؤسساتنا الأهلية والحكومية، فالأمل والتفاؤل لايزالان موجودين في تبديد الظلام وإنارة الطريق أمام شبابنا ليتولى الشباب المدرب والمؤهل القيادة في العصر الرقمي، إذ نملك كل المقومات المطلوبة من وفرة مالية وشباب طموح ونظام سياسي واقتصادي واجتماعي منفتح على العالم وجيل طموح مستعد للتكيف والتعامل مع عصر التحولات التكنولوجية الحديثة في نظم العلم والمعرفة والاقتصاد والإدارة والسياسة، مما يؤهلنا للنجاح ومنافسة دول العالم المتقدمة في التنمية في العصر الرقمي.
ودمتم سالمين...