لن نتسرع مثل الآخرين، ونُصدر الأحكام القاسية على حكومة الشيخ أحمد العبدالله، فنحن والكل يعلم أن ثلاثة أشهر ليست بالوقت الكافي، وأن اختلال الأوضاع السياسية والاجتماعية وحتى الإدارية الناتج عن السياسات الخاطئة للحكومات السابقة كبير وعميق، بسبب مجاملة تلك الحكومات ومسايرتها لمجالس الأمة المتعاقبة، وخضوعها غير المحسوب لابتزاز أعضاء مجالس الأمة، وتغاضيها عن التخريب المتواصل الذي كان يمارسه النواب في الأجهزة والمؤسسات الحكومية.

الحكومة لا تملك عصا سحرية أو أدوية خارقة تُصلح بها ما أفسده الفاسدون، أو توقف العبث الذي سنّه سياسيو وإداريو السنوات بل العقود التي مضت، لكن الحكومة تملك الصبر والتأني والمراجعة الدقيقة للسياسات والقرارات السابقة، وبالتالي احتواء الأخطاء، ووقف الانحدار والعبث الذي تسيّد خلال السنوات والعقود السابقة.

Ad

نحن نتوقع أن تُصدر الحكومة أو مجلس الوزراء القرارات أو السياسات «الجديدة» بعد اجتماعات ودراسات لها، وتحديد الوسائل والطرق الملائمة والممكنة لتطبيقها. حالياً وكما هو واضح... كل وزارة أو إدارة تعمل منفردة وتجتهد وحيدة، وعلى ما يبدو دون رقابة أو وصاية. صحيح أن المركزية بغيضة ومقيدة للأعمال النافعة، ولكن تبقى الرقابة أو الرعاية بالأحرى هي الأجدى والأكثر فاعلية في العمل والإنتاج.

نعتقد أن على الحكومة أن تعمل مجتمعة، وأن يتولى مجلس الوزراء بشكل جماعي قيادة الأوضاع وتحديد السياسات، وأن تتوقف القرارات العشوائية والسياسات الفردية، فمثل هذه القرارات والسياسات تحدد مصير بلد ومستقبل أجيال، ويتأثر بها اليوم الآلاف، وفي القادم من الأيام أو السنين الملايين من الناس.

إن السياسة الريعية التي استنّها بحسن نية مَن سبق من إداريين وقادة خلقت أوضاعاً بل مجتمعاً جديداً من الصعب تصحيح اعوجاجه في أشهر، بل حتى في سنوات قليلة، والعداء للديموقراطية الذي أبداه بعض أقطاب النظام نتج عنه أو هو خلف آثاراً ومؤسسات عطلت النمو وأهدرت ثروات البلد، وخلقت، مع الأسف، نائباً وناخباً همهما التخريب وديدنهما التسول ورائدهما المنفعة الخاصة والمكاسب الآنية.

تصحيح كل هذا يحتاج وقتاً، ويحتاج صبراً... ولكن قبل كل شيء يحتاج دراسة وجهداً جماعياً وليس عجالة وقرارات فردية.