غداة إقراره للمرة الأولى بأن التوغل المفاجئ في منطقة كورسك هدفه نقل المعركة إلى داخل روسيا، طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، حلفاءه بالسماح له بضرب عمق الأراضي الروسية، فيما هددت «الخارجية» الروسية برد قاس لن يطول انتظاره.

وفيما تواصل القوات الأوكرانية لليوم السادس الاحتفاظ بالأرض، التي استحوذت عليها خلال أول توغل أجنبي تشهده روسيا منذ الحرب العالمية الثانية، أعلنت «الدفاع» الروسية أنها أفشلت محاولات تقدم الوحدات المعادية في عمق 3 مناطق بمقاطعة كورسك باستخدام الضربات الجوية والطائرات المسيّرة والمدفعية، إضافة الى الدفع بقوات احتياطية من «مجموعة الشمال» المنتشرة في خاركيف.

Ad

وفي إقرار بتوغل القوات الأوكرانية عشرات الكيلومترات، أوضح الجيش الروسي أنه أفشل «محاولات اختراق» نفذتها «مجموعات مدرعة» قرب بلدتي تولبينو وأوبشتشي كولوديز على بعد نحو 25 و30 كلم من الحدود.

وأكد الجيش كذلك إفشال محاولة اختراق أوكرانية في مقاطعة بيلوفسكي الواقعة الى الشرق. وفي تأكيد لخطورة الموقف، فرضت روسيا نظاماً أمنياً شاملاً في المناطق الثلاث وأطلقت «عمليّة لمكافحة الإرهاب، مع إجلاء عشرات الآلاف من السكان نحو «أماكن آمنة».

وفي حين أرسلت حليفتها بيلاروسيا المزيد من القوات والدبابات إلى الحدود، واتهمت أوكرانيا بانتهاك مجالها الجوي، قال مجلس قادة مجموعة فاغنر العسكرية إن القوات التابعة له مستعدة لمساعدة روسيا وتشكيل ما سماها «وحدات قتالية» للدفاع عن مقاطعة كورسك.

وفي وقت سابق، أفاد مسؤول أوكراني كبير بأن التوغل، الذي فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، «شارك فيه آلاف الجنود» الأوكرانيين.

وقال المسؤول الأمني الذي فضّل عدم الكشف عن هويته «نحن في حالة هجوم. الهدف هو تشتيت مواقع العدو وإلحاق أكبر قدر من الخسائر وزعزعة الوضع في روسيا - لأنهم غير قادرين على حماية حدودهم - ونقل الحرب إلى الأراضي الروسية».

وأكد القائم بأعمال حاكم كورسك، أليكسي سميرنوف، إصابة 13 شخصاً بعد سقوط حطام صاروخ أطلقته أوكرانيا على مبنى سكني من 9 طوابق في المدينة. وذكرت وكالة «تاس» أنه تم إجلاء أكثر من 76 ألف شخص.

وأشارت مجلة «فورين بوليسي» إلى أن «ما كان ينظر إليه في الكثير من النقاشات السابقة باعتباره خطوطا حمراء مفترضة للكرملين، التي من شأن تجاوزها أن يؤدي لاندلاع حرب عالمية ثالثة ونهاية العالم، حدث الآن مع نقل الحرب إلى روسيا بأسلحة غربية».

وأضافت: «قد يكون جزء من تأثير وهدف عملية كورسك إثبات مغالطة حجة الخط الأحمر مرة أخرى، التي كانت سببا في تقييد مساعدات الأسلحة الغربية لأوكرانيا ومدى استخدامها».

بدورها، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن الملحق العسكري البريطاني السابق في روسيا، جون فورمان، قوله: «يتعين علينا أن نرى كيف سيرد الروس، لكن هذا يشكل اعتداء على سلامة أراضيهم وسيادتهم في نهاية المطاف، لذا فإن السؤال هنا ما هو الخط الأحمر؟».

ولا يزال من المبكر الحديث عن الأهداف الاستراتيجية التي تأمل أوكرانيا تحقيقها، وفق تحليل «فورين بوليسي»، التي قالت إن «من بين التكهنات التي تكتسب قدرا كبيرا من الزخم أن هذا قد يؤدي إلى نهاية أسرع للحرب».

وتوضح العملية أن أوكرانيا تحتفظ بإمكانات كبيرة لإلحاق الأذى بموسكو، وإذا تمكنت القوات الأوكرانية من الصمود والحفاظ على السيطرة على الأراضي الروسية، فقد يعزز ذلك من نفوذ كييف في أي مفاوضات محتملة لإنهاء الحرب، وفقا للتحليل.

لهذا «يمكن مقايضة روسيا المحتلة بأوكرانيا المحتلة»، كما اقترح رئيس الوزراء السويدي السابق، كارل بيلت، عبر منصة «إكس»، بعد أن قال متسائلا: «هل ستكون الفكرة أن تنسحب كلتا الدولتين إلى داخل حدودهما المعترف بها؟».