إسرائيل تتوقع هجوماً إيرانياً وشيكاً
غالانت يتهم نتنياهو بعرقلة صفقة غزة وبالاتجاه إلى مغامرة في لبنان
• تل أبيب تتخذ إجراءات احتياطية غير عادية وواشنطن ترسل حاملة وغواصة نووية
تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط، وسط تقارير استخبارية تشير إلى احتمال وقوع هجوم وشيك مؤلم ضد إسرائيل، قد يبدأه «حزب الله» وتعقبه ضربة أكبر من إيران.
يأتي هذا في ظل مفاوضات حاسمة مقررة بعد غد الخميس، تهدف إلى التوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة الفلسطيني الذي يتعرّض لحرب إسرائيلية وحشية منذ أكتوبر الماضي.
ورداً على هذه التهديدات الوشيكة، اتخذت إسرائيل تدابير احترازية غير مسبوقة، كما تدخلت الولايات المتحدة، حيث حرّكت أصولاً عسكرية كبيرة، بما في ذلك غواصة نووية تحمل صواريخ توماهوك، للدفاع عن إسرائيل إذا لزم الأمر.
وشهدت الساعات المتقدمة من مساء أمس الأول تطورات دراماتيكية في مسار الأحداث، فقد عدلت الاستخبارات الإسرائيلية تقييماتها، مشيرة إلى أن القرار اتّخذ في طهران لشنّ هجوم مباشر على إسرائيل رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في قلب طهران.
وتمثّل التطور الآخر في إطلاق «حماس» موقفاً قابلاً للتأويل من المفاوضات التي ستعقد بالقاهرة أو في الدوحة، دعت فيه إلى تنفيذ ما تم التوافق عليه في 2 يوليو الماضي.
وسبق موقف الحركة هذا تسريبات إسرائيلية تؤكد أن تل أبيب سمعت من الوسطاء أن رئيس المكتب السياسي الجديد للحركة، يحيى السنوار، يريد إنهاء الحرب في غزة، ومستعد لقبول وقف إطلاق النار.
وقد سمحت هذه المناورة التي أجرتها «حماس» بوضع الكرة في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بات تحت ضغط كبير من واشنطن وحتى من وزير دفاعه يوآف غالانت الذي قال أمس في اجتماع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان) إن «إسرائيل في مفترق طرق أمني، وأمام خيارين، إما التسوية وإما التصعيد»، وأضاف: «موقفي أنا والأجهزة الأمنية الذهاب نحو تسوية تشمل صفقة لاستعادة المختطفين في غزة، وإبعاد قوات الرضوان التابعة لـ «حزب الله» عن الحدود مع لبنان»، مشيراً إلى أن الذهاب إلى حرب مع لبنان الآن «مغامرة»، وهو ما استدعى رداً قاسياً من نتنياهو الذي اتهم غالانت بأنه «يُضعف موقف إسرائيل».
وفي تفاصيل الخبر:
عدلت الاستخبارات الإسرائيلية تقييماتها بشأن رد إيران على اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران، متحدثة عن مؤشرات على هجوم إيراني وشيك قد يسبقه هجوم لحزب الله، قبل انعقاد جولة جديدة من المفاوضات حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة الفلسطيني الخميس المقبل.
وبناء على هذه التقييمات عززت إسرائيل استعداداتها الدفاعية بالبنية التحتية، بما يشمل الاتصالات وأمن الطاقة والخدمات اللوجستية الخاصة بالتعامل مع سيناريو «حرب شاملة»، فيما طالب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الوزراء بعدم الحديث عن الشؤون الأمنية في الأيام القريبة المقبلة، معتبراً أنها «أيام مصيرية».
وبدأت السلطات المحلية تجهيز صافرات الإنذار، التي تعمل بالبطاريات، كما وفرت هواتف تعمل بالأقمار الاصطناعية لفرق الإنقاذ، إضافة إلى خدمة الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، والتي تقدمها شركة «ستارلينك» الأميركية، إلى جانب أجهزة راديو قديمة الطراز، يمكن أن تكون الوسيلة الوحيدة لنقل المعلومات في حالة اندلاع «حرب كبرى»، فضلاً عن رفع كفاءة الملاجئ «تحت الأرض».
ونقلت «بلومبرغ» عن مسؤول إسرائيلي مطلع قوله، إنه حال اندلاع حرب شاملة في الشمال ستقرر إسرائيل إغلاق منصات الغاز البحرية والمعرضة لخطر هجمات من «حزب الله»، الذي يستعد هو الآخر للانتقام لمقتل رئيس أركانه فؤاد شكر بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقال موقع «والاه» العبري، إن مستشفيات شمال إسرائيل تستعد للعمل تحت الأرض ومواجهة سيناريو وقوع آلاف الضحايا، فيما أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن سلاح الجو علق سفر أفراده إلى الخارج، بعد توصية للجنود الإسرائيليين الموجودين في إجازات بأذربيجان أو جورجيا بمغادرة هذين البلدين تحسباً لانتقام إيراني.
غالانت ونتنياهو
وفي اجتماع للجنة الدفاع والأمن بالكنيست «البرلمان»، قال وزير الدفاع يؤاف غالانت إن إسرائيل عززت دفاعاتها في الأيام الأخيرة لصد الهجوم الكبير المتوقع من إيران و«حزب الله»، فضلاً عن الاستعداد لهجمات محتملة كرد فعل، أو إجراءات استباقية في أي منطقة إذا لزم الأمر.
وجدد غالانت تأييده لإبرام صفقة الرهائن مع «حماس»، حتى لو كانت على مراحل متعددة، لافتاً إلى أن إسرائيل هي التي يؤخر التوصل إلى اتفاق في اتهام مباشر لنتنياهو.
وأشار الى أن «إسرائيل في مفترق طرق أمني وأمام خيارين، إما التسوية وإما التصعيد» مضيفاً: «موقفي أنا والأجهزة الأمنية الذهاب نحو تسوية تشمل صفقة لاستعادة المختطفين في غزة، وإبعاد قوات الرضوان التابعة لحزب الله عن الحدود مع لبنان».
وأوضح أنه في 11 أكتوبر الماضي، عقب 4 أيام من فتح «حزب الله» ما يصفه بـ«جبهة إسناد ومشاغلة» لغزة، اقترح مهاجمة لبنان، لكن «الكابينت» لم يصدق على الطلب، «والآن لا أنصح بذلك، لأن الحرب ستكون مغامرة، والحديث عن نصر مطلق هو محض هراء».
موقف تكتيكي من «حماس» بشأن مفاوضات الخميس يزيد الشكوك بتحقيق اختراق
وسارع مكتب نتنياهو، المتهم بعرقلة التوصل إلى صفقة لتحرير الرهائن، بالرد على وزير الدفاع قائلا: «عندما يتبنى غالانت الخطاب المناهض لإسرائيل فإنه يضر بفرص التوصل إلى صفقة»، معتبراً أنه كان عليه أن ينتقد قائد «حماس» يحيى السنوار، الذي رفض إرسال وفد لجولة التفاوض التي دعا لها الوسطاء بعد غد الخميس.واعتبر نتنياهو، المحاصر بتهديدات وزراء اليمين المتطرف بنسف الائتلاف الحاكم، إذا أقر صفقة لوقف حرب غزة، أن «أمام إسرائيل خياراً واحداً هو تحقيق النصر والقضاء على قدرات حماس العسكرية»، مؤكداً أن «توجيهات رئيس الوزراء ملزمة للجميع بمن فيهم غالانت»، ومن المتوقع وصول عدة مسؤولين أميركيين إلى المنطقة، لمتابعة التطورات، بمن فيهم بريت ماكغورك كبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط.
ردع وتحذير
وفي تصريحات منفصلة، حذر غالانت، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي لويد أوستن، مساء أمس الأول، من أن الاستعدادات العسكرية الإيرانية تشير إلى أن طهران باتت جاهزة لشن هجوم واسع النطاق على تل أبيب، قد يبدأ قبل مفاوضات الخميس التي دعها إليها ثلاثي الوسطاء، الولايات المتحدة ومصر وقطر.
وفي وقت تتكتم إيران على موعد وشكل وطبيعة هجومها الانتقامي، وإذا ما كان سيتم بشكل متزامن مع ثأر «حزب الله»، أمر وزير الدفاع الأميركي أسطول حاملة الطائرات «يو إس إس ابراهام لينكولن»، الذي يضم مقاتلات من طراز «إف 35 سي»، بالتحرك بشكل أسرع، والوصول إلى المنطقة، لينضم إلى حاملة طائرات أميركية أخرى موجودة في شرق المتوسط حالياً، كما أمر بإرسال الغواصة النووية «يو إس إس جورجيا»، التي تحمل صواريخ توماهوك بالتوجه إلى المنطقة.
وأفاد «البنتاغون» بأن الوزيرين ناقشا «أهمية الحد من الأضرار التي قد تلحق بالمدنيين، وإحراز تقدم نحو التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والإفراج عن الرهائن المحتجزين»، إضافة إلى ردع الجماعات المدعومة من إيران عن شن هجمات.
بيان ثلاثي
في موازاة ذلك، دعا زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في بيان مشترك، أمس، إيران والمجموعات المسلحة الموالية لها، إلى الإحجام عن شن هجمات على إسرائيل من شأنها أن تصعد التوتر في الشرق الأوسط، وتعرض فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتحرير الرهائن للخطر.
وأضافت الدول، في بيان نشرته الحكومة البريطانية، أن القتال يجب أن يتوقف الآن، وكذلك يتعين الإفراج عن كل الرهائن الذين تحتجزهم «حماس»، مشددة على أن سكان القطاع الفلسطيني المنكوب يحتاجون إلى «إيصال وتوزيع المساعدات بشكل عاجل ودون عراقيل».
وحمّل قادة الدول الأوروبية الكبرى إيران والجماعات الموالية لها مسؤولية «أي أفعال من شأنها تعريض هذه الفرصة لتحقيق السلام والاستقرار للخطر»، مشيرين إلى أنه لا مستفيد من التصعيد في الشرق الأوسط.
بدوره، أجرى المستشار الألماني أولاف شولتس اتصالاً بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، طالبه فيه بعدم التصعيد.
رد مناسب ورادع
وكان القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني، علي باقري كني، أكد لوزير الخارجية الصيني وانغ يي، في اتصال أمس الأول، أن طهران لها الحق في «رد مناسب ورادع» على إسرائيل «لضمان الاستقرار الإقليمي»، فيما تحدثت منصات عبرية عن قيام «حزب الله» بإخلاء مقره الرئيسي في الضاحية الجنوبية لبيروت.
رفض تكتيكي
من ناحيتها، أعلنت حركة حماس، أمس الأول، رفضها الضمني للمشاركة في مفاوضات الخميس، والتي تهدف إلى سد ثغرات الاتفاق بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وطالبت حماس، في بيان مقتضب، الوسطاء «بتقديم خطة لتنفيذ ما وافقنا عليه في 2 يوليو، استناداً إلى رؤية الرئيس جو بايدن، وقرار مجلس الأمن، وإلزام الاحتلال بذلك بدلاً من الانخراط في مفاوضات جديدة».
ورأت مصادر إسرائيلية أن رفض «حماس» هو موقف تكتيكي للاستفادة من الهجوم المرتقب لإيران وحزب الله على طاولة المفاوضات. بدورها، أشارت الأوساط المقربة من حماس إلى أن رفضها «تكتيكي»، في ظل قناعة قادتها بأن نتنياهو يراوغ لكسب الوقت، وأن الدفع المتجدد للمفاوضات «محاولة لردع ردود الفعل من إيران وحزب الله». وقالت مصادر سياسية إن موقف «حماس»، إضافة إلى تعنت نتنياهو يزيدان الشكوك في إمكانية تحقيق اختراق ملحوظ الخميس.