ودّعت الكويت، أمس، رئيس الحرس الوطني، سمو الشيخ سالم العلي، الذي ووري الثرى عقب صلاة المغرب، بعدما نعاه إلى الأمة الديوان الأميري، إثر انتقاله إلى رضوان ربه عن عمر ناهز 98 عاماً.

اقترن اسم الراحل بحفظ أمن البلاد واستقرارها عبر إسهامه في تأسيس مؤسسة الحرس الوطني وقيادته وتطويره وتعزيز مهامه في مساندة الجيش بالدفاع عن الوطن، فضلاً عن دوره البارز في المشروعات الاقتصادية، ودعمه للثقافة والمعرفة من خلال إطلاقه جائزة «مسابقة سمو الشيخ سالم العلي للمعلوماتية» عام 2000، لتصبح أحد الأنشطة المميزة محلياً وإقليمياً.

و«الجريدة» التي آلمها هذا المصاب الجلل، تتضرع إلى المولى العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيج جناته ويلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان و«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ».

وفي تفاصيل الخبر :

ولد سمو الشيخ سالم العلي عام 1926 في فريج الشيوخ، وتلقى علوم القراءة والكتابة منذ الصغر، وحفظ القرآن الكريم على يد الملا حمادة في فريج الخميس، ثم تعلم عند الملا مرشد السلمان، وبعد ذلك دخل المدرسة المباركية، ثم انتقل بعدها إلى المدرسة الأحمدية.

Ad

بدء المسيرة

عمل الراحل الكبير في بداية مسيرته عام 1956 نائباً لرئيس دائرة البلدية ودائرة الأشغال اللتين كان يرأسهما الشيخ فهد السالم، ثم أصبح رئيسا لدائرة الأشغال عام 1959، وهو العام نفسه الذي تولى فيه أيضاً رئاسة مجلس الإنشاء، الذي كان مسؤولا عن تخطيط المشروعات الانشائية الكبرى، مثل تخطيط المدن والقرى والجزر، إلى جانب البرامج العمرانية الخاصة بإقامة المباني والمنشآت وإعدادها للأغراض السكنية والتعليمية والصحية والخدمات الاجتماعية، ومن أهم المشاريع التي تم تحقيقها المساكن الشعبية لذوي الدخل المحدود، وكذلك بناء المدارس والمؤسسات العلاجية من مستشفيات ومستوصفات، إضافة الى شبكات الطرق المزدوجة التي تمر في كل أحياء المدينة، وفي عام 1960 أصبح رئيسا للمجلس البلدي.

أول وزير للأشغال

حين قرر أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم وضع دستور للكويت، أصبح سمو الشيخ سالم العلي عضواً في المجلس التأسيسي الذي عُهد إليه بمهمة وضع الدستور.

وعلى أثر تحول الدوائر الحكومية إلى وزارات مسؤولة بموجب الدستور، الذي صدر في نوفمبر من عام 1962، تولى - رحمه الله - منصب وزير الأشغال في أول حكومة يتم تشكيلها بعد الاستقلال، وحافظ على منصبه في الحكومة الثانية عام 1963.

الحرس الوطني

في عام 1967 تم إنشاء الحرس الوطني كهيئة مستقلة عن القوات المسلحة والأمن العام، واختير- رحمه الله - رئيساً له منذ إنشائه، فكان اختيار سموه لتحمل مسؤولية هذه المؤسسة العسكرية الحضارية نقطة تحوّل بارزة، حيث أثبت كفاءة ملحوظة في تطوير الحرس الوطني، وفق الأساليب العسكرية العصرية، واضعاً كل خبراته واجتهاداته ليصل هذا الجهاز المهم للشكل الذي هو عليه الآن، وليعلن كأول مؤسسة بدولة الكويت عام 1994 في القضاء على محو الأمية لدى منتسبيه.

واستمر التميز بحصول الحرس الوطني على درع جائزة الكويت للتميز المؤسسي بمشروع محو الأمية الأبجدية والمعلوماتية والمهنية.

جائزة سالم العلي للمعلوماتية

تجسد جائزة سمو الشيخ سالم العلي للمعلوماتية الدعم السخي من سموه، رحمه الله، لنشر العلوم المعرفية الحديثة وتشجيعها بين المؤسسات والشباب في دولة الكويت والوطن العربي، وقد شهدت جائزة سمو الشيخ سالم العلي التي حظيت برعاية سامية من سمو امير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، إقبالاً كبيراً منذ انطلاقتها عام 2001، وكانت خطوة رائدة للأخذ بالشباب، سواء في الكويت أو الوطن العربي، إلى عالم المعرفة والتكنولوجيا.

وتمثل الجائزة دعوة صريحة للمؤسسات والوزارات والشركات في القطاع الخاص والجمعيات الأهلية الى التنافس الشريف فيما بينها، من خلال الاشتراك في الجائزة التي استطاعت أن تحقق نجاحات عبر حثها الشباب للسير في خطى المعرفة التكنولوجية والمشاركة فيها، وتتطلع الجائزة الى نشر الثقافة المعلوماتية والرقمية وإبراز الوجه الحضاري للوطن العربي في ميدان المعلوماتية وإيجاد السبل الميسرة للتعامل مع المعلومات الرقمية العامة والمتعلقة بالأفراد والمؤسسات، وجعلها في متناول الباحثين والمهتمين بسهولة ويسر، كما تستهدف تطوير القدرات البشرية والمؤسسية في مجال التقنية المعلوماتية.

وهدفت جائزة سمو الشيخ سالم العلي للمعلوماتية منذ انطلاقها الى تطوير القدرات البشرية والمؤسسية في مجال الثقافة المعلوماتية، وتنمية المجتمع على المستويين الوطني والعربي، حيث اتجهت الجائزة بفعالياتها عام 2007 الى الدول العربية.

وفي سبيل دعم قدرات المؤسسات المختلفة والأفراد في الوطن العربي للإسهام في تطوير الثقافة المعلوماتية، قام مجلس أمناء جائزة الشيخ سالم العلي للمعلوماتية باستحداث الجائزة - فرع الوطن العربي، بالتعاون مع الاتحاد العربي للإنترنت، حتى يتمكن الوطن العربي من القيام بدور بارز في مسيرة الحضارة الإنسانية.

... وفي «التأسيسي» مع الراحلَين صباح السالم وعبدالعزيز الصقر

واتخذت الجائزة منهجية في العمل عبر ثلاثة مسارات رئيسية، هي جوائز المعلوماتية والمشاريع التنموية والمعلومات الرقمية، وتتضمن جوائز المعلوماتية جائزة دولة الكويت وجائزة الوطن العربي والجائزة التقديرية، وعلاوة على كونها تحظى باسم سمو الشيخ سالم العلي الصباح ودعمه فإنها تتميز بكونها الأولى من نوعها في الوطن العربي والأعلى بين مثيلاتها، حيث بلغت قيمتها 100 ألف دينار، لاختيار أفضل المواقع والصفحات على شبكة الانترنت، إضافة الى أفضل المشاريع المعلوماتية.

أعماله الخيرية

كان للراحل مشاركات في أعمال خيرية عديدة، فقد قام بدور بارز في تأسيس مبرة آل الصباح عام 1988، التي كان من أهدافها رعاية عائلات شهداء الكويت والمصابين.

كما قام، رحمه الله، بالإنفاق على مشاريع خيرية عديدة داخل الكويت وخارجها، وقد تعددت تلك المشاريع في مجالات الخير والبر كالمساجد والمكتبات والمستشفيات والمرافق الاجتماعية والثقافية والتربوية مثل بناء عدد من المساجد، وبناء مستشفى لعلاج النطق والسمع في منطقة الصباح الصحية حمل اسمه، وإنشاء صالات اجتماعية تصلح للمناسبات والأفراح.

وأنشأ مكتبة متخصصة في قاعدة علي السالم الجوية، وأخرى حملت اسمه وأصبحت فيما بعد المقر الرئيسي للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، كما ساهم، رحمه الله، مع محسنين آخرين في الكويت، من خلال تبرعهم للهيئة الخيرية الإسلامية، في إنشاء مستشفى الرعاية الصحية عام 2011، بالإضافة إلى تخصيصه جوائز تشجيعية لعدد من المناسبات الاجتماعية والدورات.

التبرعات المالية

قام الراحل، رحمه الله، عام 2007 بالتبرع بمبلغ مئة مليون دينار تم تخصيص 80 مليوناً منها للمحتاجين من أهل الكويت، و20 مليوناً لأسر شهداء الكويت، ويعتبر هذا أكبر تبرع شخصي للمحتاجين في تاريخ البلاد، وقد تم إيداع المبلغ لدى بيت الزكاة الذي تولى الإشراف على صرفه للمستحقين.

الفقيد خلال زيارة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد للحرس الوطني... ويبدو الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد وصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد

وقال، رحمه الله، في بيان صحافي، إنه قرر التبرع بمبلغ مئة مليون دينار بمناسبة احتفال دولة الكويت بمرور عام على تولي الأمير الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم، وقرب حلول العيد الوطني وعيد التحرير، كما يأتي ذلك تقديراً لما قدمه الآباء والأجداد من تضحيات جسام دفاعاً عن الوطن.

وفي عام 2008، وبمناسبة شهر رمضان المبارك وعيد الفطر، تبرع، رحمه الله، بمبلغ 500 دينار لكل متقاعد كويتي يبلغ معاشه التقاعدي أقل من ألف دينار، وكلّف بيت الزكاة بتنفيذ صرف هذه المنحة.

كما تبرع بمبلغ 30 مليون دينار لصندوق الأسرة، و10 ملايين لصندوق شهداء الحروب في الكويت، وكان لهذه المبادرة الكريمة دور كبير في تعميق مشاعر الود والتلاحم بين أفراد الأسرة، وثمن المراقبون هذه المبادرة السخية من سموه في الكويت، واعتبروها بمثابة دعوة لرجال المال والأعمال والمحسنين لتقديم التبرعات لأهل الحاجة والعوز والمسارعة إلى بناء المشاريع الخيرية في الكويت، ومشاركة الحكومة في تحمل جزء من الواجب الوطني لخدمة الشعب الكويتي.

خلال استقباله يوسف الجاسم بمناسبة الذكرى الـ 65 لتأسيس «الكويتية»

وتقديراً لجهوده البنّاءة، أصدر الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد في الأول من ديسمبر عام 2004 الأمر الأميري بمنحه لقب سمو.

حياته العائلية

هو ابن الشهيد الشيخ علي السالم الصباح، الذي استشهد في موقعة الرقعي دفاعاً عن الكويت عام 1928، وكان قد رُزق قبلها بعامين بالشيخ سالم العلي، الذي عاش طفولته محتضناً ذكرى الأب الشهيد.

تزوج، رحمه الله، من كل من الشيخة منيرة صباح الصباح، والسيدة بدرية عبدالرحمن الرومي، والشيخة العنود الأحمد الجابر، وله 15 ابناً وبنتاً هم: علي وعذبي ومبارك وفهد وأحمد وعبدالله ونوف وألطاف ونادية وعالية وعايدة وعواطف وانتصار وعبير وعهود.

محمد الصباح



محمد الصباح: آخر رجال وزارة الاستقلال الأولى

أبّن رئيس الوزراء السابق، سمو الشيخ د. محمد الصباح، الراحل سمو الشيخ سالم العلي.

وقال د. الصباح في حسابه على "إنستغرام": رحل رجل حكيم إلى جوار ربه الرحيم... العم سالم العلي الصباح، أسكنه الله فسيح جناته. رحل آخر رجل في أول وزارة بعد الاستقلال. الرجال الذين وضعوا دستور الكويت وأساس نهضتها وتقدّمها. صباح السالم الصباح؛ نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وعبدالله الجابر الصباح؛ وزير التربية والتعليم، ومحمد الأحمد الجابر الصباح، وزير الدفاع، ومبارك الحمد الصباح، وزير الأوقاف، وجابر الأحمد الجابر الصباح، وزير المالية والاقتصاد، وسالم العلي السالم الصباح، وزير الأشغال العامة، وجابر العلي السالم الصباح، وزير الكهرباء والماء، وصباح الأحمد الجابر الصباح، وزير الإرشاد والأنباء، وسعد العبدالله السالم الصباح، وزير الداخلية، وخالد العبدالله السالم الصباح، وزير الجمارك والموانئ، ومبارك عبدالله الأحمد الصباح، وزير البريد والبرق والهاتف، وحمود الزيد الخالد، وزير العدل (عضو منتخب في المجلس التأسيسي)، وعبدالعزيز حمد الصقر، وزير الصحة العامة (عضو منتخب في المجلس التأسيسي) ومحمد يوسف النصف، وزير الشؤون الاجتماعية والعمل (عضو منتخب في المجلس التأسيسي).

فهد اليوسف



اليوسف: أعماله جليلة وخدماته عظيمة

أبّن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، أمس رئيس الحرس الوطني سمو الشيخ سالم العلي طيب الله ثراه.

وتقدم الشيخ اليوسف، في بيان صادر عن "الدفاع" بخالص العزاء وصادق المواساة لمقام سمو أمير البلاد القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ مشعل الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، وإلى عموم أسرة آل الصباح الكرام بوفاة المغفور له بإذن الله، سائلاً المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الأبرار والصالحين والصديقين وحسن أولئك رفيقا، وأن يجزيه الجزاء الأوفى على ما قدم من أعمال جليلة وخدمات عظيمة وإسهامات مميزة في خدمة وطنه وأمته.

فيصل النواف



نائب رئيس الحرس الوطني ينعى العلي

نعى نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ فيصل النواف، ووكيل الحرس الوطني الفريق الركن هاشم الرفاعي، والقادة والقوات أمس، رئيس الحرس الوطني سمو الشيخ سالم العلي، طيب الله ثراه، وجعل الجنة مثواه.

واستذكر الحرس، في بيان أمس، بكل فخر واعتزاز المسيرة الحافلة والبصمات المضيئة لسمو الشيخ سالم العلي في تأسيس الحرس الوطني، وبناء دولة المؤسسات، داعيا الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته.

جاسم البديوي



البديوي: رمز مشهود في التنمية والعطاء

أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي عن أصدق مشاعر التعازي والمواساة لسمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد وأسرة آل الصباح في وفاة المغفور له بإذن الله تعالى سمو الشيخ سالم العلي رئيس الحرس الوطني.

وقال البديوي، في بيان، إن الفقيد كان أحد رجالات بناء دولة الكويت الحديثة ورمزاً مشهوداً في العطاء والخير داخل دولة الكويت وخارجها، وله إنجازات وإسهامات كبيرة في خدمة وطنه وأمته، إذ ترك بصمات واضحة في مسيرة التنمية والعمل الخيري.

وتضرع إلى الله العلي القدير أن يشمل الفقيد بواسع رحمته وغفرانه وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم عائلة الفقيد الصبر والسلوان وحسن العزاء.