عشية انعقاد جولة جديدة من المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة ومصر وقطر، بهدف إبرام اتفاق لتبادل إطلاق سراح المحتجزين، وإقرار هدنة قد تفضي إلى وقف حرب غزة وتبريد التوتر الإقليمي على عدة جبهات، قام وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير باقتحام باحات المسجد الأقصر في ذكرى «خراب الهيكل»، في وقت تقاطرت وفود أميركية إلى المنطقة تضم وزير الخارجية أنتوني بلينكن وكبير مستشاري الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، ومدير وكالة المخابرات المركزية (CIA) ويليام بيرنز، ومبعوث الرئيس آموس هوكشتاين.
شروط... وشروط مضادة
وعشية انعقاد المفاوضات التي يخيم عليها التوتر بسبب احتمالات شن إيران وحزب الله هجمات على إسرائيل، انتقاماً لاغتيال رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، إسماعيل هنية، في طهران ورئيس أركان حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، كشفت وثائق مسربة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع سراً شروطاً إضافية لمطالبه السابقة بشأن الصفقة، فيما ربط زعيم «حماس» الجديد يحيى السنوار التوصل إلى الاتفاق بـ «وقف النار أولاً».
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن الوثائق التي كشف عنها اليوم تظهر أن «مناورات حكومة نتنياهو وراء كواليس المفاوضات توحي أن الاتفاق قد يكون بعيد المنال في الجولة الجديدة» التي أعلنت «حماس» أنها لن تحضرها.
وقالت إن «أعضاء بفريق التفاوض الإسرائيلي يخشون أن تتسبب شروط نتنياهو في إفشال التوصل إلى صفقة مع حماس».
في هذه الأثناء، نقلت «وول ستريت جورنال» عن مصادر أن السنوار قال في رسالة تم نقلها إلى الوسطاء العرب إنه إذا كانت إسرائيل جادة بشأن المفاوضات وتريد مشاركة «حماس»، فعليها وقف عملياتها العسكرية في غزة أولاً.
وأوضح قيادي في الحركة أن موقف السنوار «مؤيد لاتفاق يضمن وقفاً لإطلاق النار، وسحب قوات الاحتلال من القطاع، بما في ذلك الشريط الحدودي مع مصر، وعودة النازحين، وتبادل الأسرى، وإعمار القطاع، وهذا هو موقف المكتب السياسي للحركة».
وذكر أن السنوار «مستعد للتوصل إلى تفاهم، لكن الاحتلال هو الذي يعطّل ويخرّب كلما اقترب التوصل إلى اتفاق».
بلينكن وفيدان
وفي ظل استعصاء حلحلة مواقف طرفي المفاوضات غير المباشرة، ناقش وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع نظيره التركي، هاكان فيدان، أهمية عودة «حماس» إلى طاولة المفاوضات المرتقبة غداً.
وأعرب بلينكن، في اتصال هاتفي مع فيدان، عن امتنانه للشراكة مع أنقرة ودعمها للبيان المشترك الصادر عن واشنطن والقاهرة والدوحة لحث الأطراف على استئناف محادثات السلام إما في مصر أو قطر. كما أفيد بأن بلينكن حث تركيا على مطالبة إيران بالتراجع عن توجيه ضربة انتقامية لإسرائيل رداً على اغتيال هنية في طهران، قبل أن يبدأ جولة إقليمية جديدة تشمل مصر والدوحة وإسرائيل.
وفي وقت يتوج وصول بلينكن للمنطقة الجهود الدبلوماسية والأمنية المكثفة التي يبذلها البيت الأبيض، بهدف احتواء الأزمة ومنع تحولها إلى صراع إقليمي، نقلت «رويترز» عن مصدرين إيرانيين أن طهران تبحث إرسال ممثلين إلى المفاوضات بشأن غزة لأول مرة.
وكان بن غفير ومستوطنون اقتحموا باحات المسجد الأقصى في القدس، بمناسبة ما يعرف بـ «ذكرى خراب الهيكل». وأكد بن غفير، من داخل المسجد أن سياسته تتمثل في السماح لليهود بالصلاة في الموقع التابع للأوقاف الإسلامية الأردنية بالقدس الشرقية المحتلة.
وقال الوزير المثير للجدل في رسالة مصورة: «نحن في جبل الهيكل، هناك تقدّم كبير جداً هنا في الحكم والسيادة. وكما قلت، فإن سياستنا هي تمكين الصلاة».
في المقابل، سارع نتنياهو للتبرؤ من تحرّك بن غفير، وقال إن «الحدث الذي وقع هذا الصباح في الحرم القدسي يشكل استثناء للوضع الراهن. إن سياسة إسرائيل التي تخضع حصرا لرئيس الوزراء بشأن جبل الهيكل لم تتغير».
وأظهرت مقاطع فيديو اليهود بصحبة بن غفير وهم يؤدون طقوساً وصلوات تتضمن السجود في باحات الأقصى، مما تسبب في موجة إدانات عربية وإسلامية.
ونددت الرئاسة الفلسطينية بالخطوة، وحمّلت الاحتلال مسؤولية الاستفزازات الخطيرة، فيما حذرت «حماس» من أن الخطوة «تصب الزيت على النار».
كما دانت دول ومنظمات عربية، بينها الكويت والسعودية والأردن ومصر وجامعة الدول العربية، الاستفزاز.
على الصعيد الميداني، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية بعموم مناطق القطاع، فيما استهدفت «كتائب القسام» تل أبيب وضواحيها بصاروخين انطلقا من خان يونس لأول مرة منذ مايو الماضي.