عكّر المغرب صفو المنتخبات الكبرى، عندما حشر نفسه في ربع نهائي مونديال قطر 2022 لكرة القدم، محققاً مفاجأة كبرى بتخطيه إسبانيا القوية فأصبح أول دولة عربية تبلغ دور الثمانية.

وفيما كانت المنتخبات الكبرى تقوم ب«تصفية» من هم أقل مكانة كروياً، كان للمغرب كلمة مختلفة، عندما صدم إسبانيا بطلة 2010 وأوروبا 2008 و2012 بركلات الترجيح الثلاثاء، وأعادها مبكراً إلى مدريد.

Ad

تصفية ممثلي القارات «المغمورة» بدأت في ثمن النهائي مع إقصاء هولندا الوصيفة 3 مرات للولايات المتحدة (3-1) والأرجنتين لأستراليا (2-1) دون مقاومة كبيرة.

وفيما تلاعبت فرنسا بطلة 1998 و2018 بمنتخب من القارة العجوز عندما خاضت نزهة أمام بولندا (3-1)، استمتع الإنكليز أبطال 1966 بثلاثية أمام بطل إفريقيا السنغال 3-0.

وكانت اليابان الوحيدة التي قاومت من قارة آسيا، لكن ركلات الترجيح لم تسعفها أمام كرواتيا وصيفة 2018، وخصوصاً حارسها دومينيك ليفاكوفيتش الذي صد ثلاث كرات.

وأجهزت البرازيل، حاملة اللقب 5 مرات آخرها في 2002، على كوريا الجنوبية 4-1، وسحقت البرتغال سويسرا 6-1 في نزال أوروبي.

لكن الخرق الوحيد في ربع النهائي لممثل إفريقي أو آسيوي أو أميركي شمالي، جاء من المغرب البعيد كيلومترات قليلة عن إسبانيا التي جرّها إلى ركلات ترجيح كان بطلها حارسه ياسين بونو (3-0).

إزاء هذا الخرق المفاجئ، كان مدرب المغرب وليد الركراكي صريحاً بعد إقصاء إسبانيا بركلات ترجيح تلت التعادل السلبي في استاد المدينة التعليمية.

وبعد دور أول خارق تصدر فيه مجموعة نارية، بتعادل سلبي مع كرواتيا، وفوز على بلجيكا القوية 2-0 ثم كندا 2-1، هكذا تخلص «أسود الأطلس» من نجوم «لا روخا»: «عملنا أربعة أيام على خطة اللعب هذه. كنا نعرف أن بوسكيتس، غافي وبيدري هم المفتاح. أغلق مهاجمونا ولاعبو وسطنا كل زوايا التمرير. كان علينا أن نعرف إلى متى نحن قادرون على الاستمرار. احتُرمت خطة اللعب، ثم جاءت ركلات الترجيح، اليانصيب».

منتج محلي

مع إقصاء ممثلي آسيا وأميركا الشمالية وإفريقيا، بقي المغرب ممثلا وحيداً لقارات لعبت دوما الأدوار الثانوية في كأس العالم.

من أصل 21 نسخة في المونديال، توجت أوروبا 12 مرة وأميركا الجنوبية 9 مرات.

وينطلق ربع النهائي غدا الجمعة، مع تأهل 5 منتخبات أوروبية، و2 من أميركا الجنوبية، والمغرب.

ومنذ 2002، لم يتذوق منتخب من خارج أوروبا طعم اللقب، فتوجت إيطاليا في 2006، إسبانيا في 2010، ألمانيا في 2014، وأخيراً فرنسا في 2018.

لكن مع العطش الكبير لأرجنتين ليونيل ميسي أو برازيل نيمار، أو حتى برتغال المنبوذ راهنا كريستيانو رونالدو، تبدو المعادلة أصعب هذه المرة، ولم لا مفاجأة بحجم الجبال وقوة «الأسود» يكون بطلها المغرب ليمنح القارة السمراء أول لقب في تاريخها.

وليد الركراكي مدرب منتخب المغرب

الركراكي: نمتلك أحد أفضل الحراس

أكد وليد الركراكي، مدرب منتخب المغرب، أن التأهل لدور الثمانية في مونديال 2022 بقطر للمرة الأولى في تاريخ المنتخب العربي «أمر رائع للشعب المغربي».

وفي أول رد فعل له خلال المؤتمر الصحافي عقب التأهل على حساب إسبانيا، قال: «إنه أمر رائع للشعب المغربي. نريد تقديم المزيد لهم. أقصى شيء ممكن في هذه المسيرة. جلالته (يقصد ملك المغرب محمد السادس) فخور بلاعبينا، وهذا يحفزنا لكي نكون أفضل».

وأضاف: «الأمر كان ليبدو مستحيلاً من دون جماهيرنا. ما فعله اللاعبون أمر استثنائي. لم ندخر أي طاقة أو مجهوداً أمام أحد أفضل منتخبات العالم، الأفضل في البطولة من حيث الاستحواذ على الكرة. لقد أجبرونا على الركض كثيراً. كنا نعرف هذا مسبقاً، لكننا نجحنا في الدفاع، ولدينا أحد أفضل حراس المرمى في العالم».

رامون سايس قائد ومدافع منتخب المغرب

سايس: أردنا كتابة التاريخ

أكد رامون سايس، قائد ومدافع منتخب المغرب، الثلاثاء، أن منتخب بلاده كان يبحث عن «كتابة التاريخ» في كأس العالم، وهو ما تحقق بالتأهل لدور الثمانية للمرة الأولى في تاريخه على حساب إسبانيا في مونديال 2022 بقطر.

وقال مدافع بشكتاش التركي، عقب المباراة التي شهدها ملعب المدينة التعليمية، «كنا نرغب في كتابة التاريخ، والآن لدينا رغبة في مواصلة توسيع آفاقنا».

وأكد صاحب ال32 عاما أنهم «أدوا المطلوب» أمام إسبانيا، و«كان من المذهل مشاهدة الجميع يقدمون هذا العمل داخل المستطيل الأخضر».

وتأهل المغرب للمرة الأولى في تاريخه، وفي تاريخ أي منتخب عربي لدور الثمانية، حيث سيواجه في هذا الدور البرتغال، الأحد المقبل، على ملعب الثمامة.

احتفالات مدينة الرباط

احتفالات في مراكش والرباط بالتأهل التاريخي

سادت حالة من البهجة، وارتسمت البسمات على الوجوه، وتعالت صيحات الفرح في ساحة جامع الفنا الشهير بمدينة مراكش المغربية، احتفالا بالتأهل التاريخي لمنتخب المغرب لربع نهائي مونديال قطر 2022 بعد الفوز على إسبانيا.

ولأن كلمة التاريخ هي الأكثر تكرارا بين المغاربة، اختار موقع Le360 الإخباري عنوانا في صفحته الرئيسية بهذا الشكل «H-I-S-T-Ó-R-I-C-O» باللغة الإسبانية، وتعني «تاريخي»، في إشارة إلى أنها المرة الأولى التي يتأهل فيها منتخب المغرب لربع نهائي كأس العالم، مما أثار حالة من النشوة الوطنية.

ووضعت شاشة عملاقة في مراكش، جلس أمامها مئات المغاربة مع مشجعين من جنسيات أخرى، بينهم بعض الإسبان، ومن بين هؤلاء، باولا وفاطمة زوجة خيسوس، وهي مغربية تحمل الجنسية الإسبانية.

ويقول خيسوس: «أنا حزين جدا، لم أتوقع ذلك حقا. أنا سعيد من أجلها (زوجته)، لكن هذا هو ما حدث على أي حال»، ويرتدي خيسوس قميص المنتخب المغربي، ويوضح أنه اشتراه من أجل «التخفي».

بينما تضحك زوجته فاطمة، التي تشعر بسعادة غامرة للمغرب: «لأنهم لعبوا بشكل جيد للغاية ويستحقون ذلك»، لكنها تأسف لخسارة إسبانيا، بلد زوجها، مؤكدة أن المغاربة «لا يصدقون ذلك»، ولم تكن تتوقع ذلك، مثل كثير ممن شاهدوا المباراة في الساحة، حيث التفوا حول الشاشة العملاقة.

ويرى أحمد، الذي يملك متجرا في مراكش، أن الفريقين لعبا بشكل جيد للغاية ولعب الحظ دورا كبيرا. وقال ل «إفي»: «لم يحالف الحظ إسبانيا والمغرب محظوظ».

وبالنسبة لمصطفى، الذي يعمل في أحد متاجر بيع اللحوم بالساحة، فهذا ليس انتصارا للمغرب فحسب، بل انتصار للعالم العربي وافريقيا. وللاحتفال به ينوي عدم التوقف عن الغناء والرقص طوال الليل. يقول: «اليوم لا أنام، وغدا لا أعمل».

وامتدت الاحتفالات لتشمل جميع مدن المغرب، ومن بينها العاصمة الرباط، حيث اكتسى شارع محمد الخامس باللونين الأحمر والأخضر، واحتشد المغاربة من جميع الأعمار بالأعلام والأبواق.

وتقول عائشة، البالغة 60 عاما، «إنني سعيدة جدا بهذا النصر وهذا الإنجاز»، مشيرة إلى أن المغاربة لم يتوقعوا هذه النتيجة، مما يدل على أن المدرب وليد الركراكي، الذي أصبح بطلا قوميا، «يعرف كيف يضع استراتيجية فعالة واختار اللاعبين بشكل جيد»، وتتفق معها في رأيها أيضا، ريتا (51 عاما) لأن فريقها، كما تقول، «قاتل بشكل جيد» وتوقعت أنه «سيذهب بعيدا»..

كازابلانكا حاضرة

ديما المغرب

من جهة أخرى، احتفل أربعة آلاف مغربي يعيشون وفقا للأرقام الرسمية في سبتة المنطقة القريبة جدا من الحدود الإسبانية، واختار عدد كبير من المغربيين متابعة المباراة من بيوتهم، ثم انطلق كثير منهم بعد تأهل «أسود الأطلس» عبر شوارع المدينة للاحتفال بسياراتهم.

وردد المحتفلون عبارات مثل «ديما المغرب» و«المغرب الأفضل»، وهيمن الهدوء على محيط الحدود مع البلد العربي، لكن بعيدا، في الأراضي المغربية، سمع إطلاق الصواريخ والألعاب النارية، احتفالا بتأهل أسود الأطلس.

وقالت مصادر من الشرطة، ل«إفي»، إن المباراة تزامنت مع كونها عطلة في المدينة، ما دفع عدد كبير من المغربيين الذين يدخلونها يوميا للعمل، إلى البقاء عند الناحية الأخرى، ولهذا كان الوضع عند الجمارك أهدأ من المعتاد، وربما أيضا بسبب الأمطار التي تتساقط على المدينة، وتأثر النشاط التجاري في المدينة بالموقف، خاصة بالنسبة للمتاجر التي قررت أن تفتح أبوابها على الرغم من كونها عطلة.