الحسرة ووضع الأولويات

نشر في 14-08-2024
آخر تحديث 13-08-2024 | 19:06
 د. محمد الدويهيس

يزداد الإنسان حزناً وألماً عندما يرى العبث بأموال الدولة ومقدراتها ومواردها البشرية وخططها التنموية المستقبلية من جانب شرذمة من الجهلة والمتنفذين الذين لا يردعهم ضمير ولا رادع! الدول من حولنا تتقدم وتتطور، ونحن - بالرغم من فوائضنا المالية وشبابنا المؤهل وخبراتنا الوطنية - نتأخر!

إنه الإحساس بمرارة العجز عندما ترى الظروف والأحداث والممارسات تسير في عكس التيار من حولك، وأنت خالي الوفاض لا حول لك ولا قوة! فقد قيّدتك الظروف ومنعتك الأعراف والقوانين وشيم الرجال، وهذبتك ومنعتك قيم الآباء والأجداد وعادات المجتمع الكويتي الأصيل من أن تنطق أو تتحرك، حباً لوطنك وتقديراً للكبير، وخوفاً من سوء التفسير وعبث العابثين ومراوغة الفاسدين!

إنه شعور غريب تتصارع به قوى الحق والباطل، وتتشابك فيه المصالح ويحار فيه الحكيم، بسبب تغيّر وتعدد المواقف وتنوعها وتعارضها من أناس كانت مبادئهم ومواقفهم واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار!

نعم يا حسافة!! كنّا نظنهم قيادات سياسية محترفة وقيادات إدارية وطنية محنكة تعمل وتناضل من أجل مستقبل أفضل للوطن والمواطنين، ولم يخطر على بالنا أنهم معوقون للتنمية وحارقون للبشر والحجر والشجر!

نعم نحن كدولة خلال السنوات القليلة الماضية لا تهتم ولا تجيد تحديد أولوياتها في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية المتسارعة، وتسير على البركة، بسبب كثرة التشكيلات الوزارية والتغيرات في المواقف السياسية والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية والتطورات التكنولوجية، وعندما يصرح المواطن البسيط والمصلح والصالح عن المشاكل التي تواجه الدولة بكل صراحة وشجاعة وشفافية، فإنه يتعرّض لسيل من الاتهامات والهجوم من قبل بعض المتنفذين والفاسدين والمفسدين وأتباعهم بجميع وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لأنه صادق وصريح وشفاف، ويضع النقاط على الحروف أمام الشعب وكشف عيوب الفاسدين والمتنفذين.

وعندما يبدأ التشكيك في نزاهة الشرفاء والأحرار والوطنيين، فاعلم أن الدم الفاسد بدأ يسري في أركان الدولة وأجهزتها الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، فإذا لم يبادر أصحاب السلطة ومن بيدهم القرار إلى وقف هذا الهدم السرطاني المستمر، فاعلم أن منهم جهلة أو أنهم محاطون بفاسدين أو أنهم مصابون بالفساد، أو أنهم مصدر الفساد!

وبالرغم من الإحساس بالمرارة والعجز في ظل هذه الظروف والأوضاع، فإن الأمل لا يزال يضيء في آخر النفق! فهل تشرق الشمس من جديد؟!

ودمتم سالمين.

back to top