بداية، قال الخبير والاستشاري النفطي، د. عبدالسميع بهبهاني، إن المنطقة البحرية ليست جديدة علينا، فقد قمنا بالحفر بها في ستينيات القرن الماضي، واكتشفنا فيها 3 حقول، منها هامور ورغوة والمدينة (امتداد حقل بحرة).
وأضاف: لدينا حاليا حقل النوخذة، وكما صرح المسؤولون، فإنه يحتوي على 5 تريليونات قدم مكعبة من الغاز، فضلا عن ملياري برميل نفط خفيف، وبهذا يكون الحقل أقرب الى أنه حقل غاز مسال وغاز حر أكثر منه نفط، ويُعد ذلك مكسبا كبيرا، لكوننا في حاجة ماسة الى الغاز، فبجانب كمية المخزون الضخمة تعد نقلة نوعية في تعدد المنتجات الهيدروكربونية للبلاد، بما يوجب وضع خطة استراتيجية تتجاوز بيعه كلقيم خام!
ولفت بهبهاني الى أن المدة التي استغرقها حفر البئر تعد طويلة جدا، إذ تصل الى 700 يوم، مما زاد الكلفة، معتبرا ذلك عمل غير مهني، حيث كان يفترض أن يكون أسرع من ذلك بكثير، ولافتا الى أن خبرة المقاول المستشار في الحفر البحري عالمية وكبيرة!
وقال إنه في العرف الاستكشافي التشغيلي، فإنه يلي البئر المكتشفة، حفر آبار تقييمية، حينها ننتقل الى التطوير (ويمكن الجمع بين المرحلتين في مناطق المخاطرة المنخفضة كحقل النوخذة)، وحينها يصبح هناك المخزون مؤكدا، خاصة أن الشركة اعتمدت على المسوحات الزلزالية الثنائية الأبعاد، لافتا الى أن هناك 3 مستويات حسب المخزونات، وهي مؤكد، ومحتمل، وممكن، وحاليا نحن مازلنا في مرحلة الممكن.
وتطرق بهبهاني الى أن الاستثمار في قطاع النفط بالبلاد غير مقنع، فضلا عن أن لدينا مشاكل في تسويق النفط بمنتجاته، وتضخم كلف مشاريع القطاع، مما يفقد جدواها الاقتصادية، وتعقيدات التشغيل لكونه أصبح مكلفا، حيث إننا لدينا موظفون في القطاع النفطي يبلغ عددهم 14 الف موظف، وننتج نحو 2.6 مليون برميل يوميا (أي 192 موظفا لإنتاج برميل النفط السهل نسبيا)، بينما في الولايات المتحدة الأميركية العدد أقل من الموظفين في القطاع النفطي لإنتاج 13 مليون برميل يوميا، بمعدل 34 موظفا لإنتاج برميل النفط الصعب، فضلا عن ارتفاع كلفة إنتاج برميل النفط في البلاد الى نحو 14 دولارا للبرميل، مشيرا الى أن ذلك لا يلائم خبرة 90 عاما من عمل شركة نفط الكويت، ومؤكدا ضرورة نقل التكنولوجيا الحديثة وخلق الخبرات في النفط الى الكويت، والنشاط الاستكشافي الحالي فرصة.
من ناحيته، أكد الخبير النفطي كامل الحرمي أنه لا فائدة من المشاريع النفطية الكبرى من دون مشاركة شريك أجنبي، لافتا الى أنه سيعمل على استخراج النفط بشكل سريع، لكونه يبحث عن الفائدة، أما إذا اعتمدنا على أنفسنا، فسوف يستغرق استخراج النفط أزمنة طويلة. وتساءل: متى سنستخرج النفط ومتى نلمس النفط في فيلكا والنوخذة؟ مطالبا المسؤولين عن النفط بتحديد موعد زمني لاستخراجه من المناطق الجديدة.
وقال إنه من الضروري أن يشجع القطاع النفطي دخول الشركات العملاقة الى البلاد للمشاركة في تلك المشاريع، لكونها تمتلك تكنولوجيا حديثة تسرع من عمليات الإنتاج، مشيرا الى أن البلاد في حاجة الى إنشاء شركة نفطية متخصصة في أعمال النفط البحرية.
وأضاف أن هذا الاكتشاف الجديد يزيد من سعة الاحتياطي من النفط لتصل إلى أكثر من 95 مليار برميل، إلا أن حجم الاحتياطي من النفط الخام لا يتواكب مع الإنتاج الفعلي من النفط الخام، ولهذا نرى أن مصافي الكويت المحلية تشتغل بأقل من طاقتها، لعدم وجود كميات من النفط الخام للأسواق العالمية، أو حتى مثلاً تزويدها لمصافيها في الخارج.
وتابع الحرمي قائلا إنه على المدى القريب قد تواجه الكويت تحديات كبيرة مع اكتشافات جديدة وحقول نفطية معمرة وبحاجة إلى تقنيات متقدمة، وإنتاج النفط الخام إلى تراجع بسبب زيادة كميات المياه المصاحبة وصعوبة التعامل معها.
وأشار إلى أنه بلغة الأرقام، فإن التراجع ووفق ما هو مدون قد يصل إلى 2.600 و2.700 مليون برميل في اليوم، والهدف الاستراتيجي كان مبنياً على معدل ثابت مستمرعند 3 ملايين برميل يومياً، مضيفا أن نفط حقول الشمال، كان من المفترض الوصول إلى مليون برميل من النفط الخام بشكل متواصل، وحتى الآن لم يزد الإنتاج من النفط أكثر من 700 ألف برميل.
من ناحيته، قال المحلل النفطي، د. خالد بودي، إنه بالرغم من أن الكويت لديها طاقة إنتاجية فائضة تقدر بحوالي 300 ألف برميل يوميا، فإن حقل النوخذة يعزز إنتاج الكويت من النفط الخفيف المطلوب عالميا، كما أن الحقل يعزز احتياطيات النفط الكويتية، ويجعل البلاد أكثر استعدادا لتلبية احتياجات السوق المتزايدة مستقبلا.
وأضاف: أما بالنسبة إلى الغاز، فإن الاكتشاف الجديد يساعد في تغطية جزء مهم من حاجة الكويت للغاز، حيث تستورد البلاد الغاز حاليا لتفي بالاحتياجات المحلية، ومع زيادة الآبار الإنتاجية، سواء من النفط أو الغاز، فإن الحاجة تزداد إلى الكوادر المحلية المدربة للمشاركة في عمليات الحفر والإنتاج والعمليات الصناعية وعمليات النقل التي تتبع الإنتاج.
ولفت بودي الى أنه يجب العمل في خطين متوازيين، الأول تطوير عمليات الاستكشاف والإنتاج والتكرير للنفط والغاز، والخط الآخر التوسع في الاستعانة بالطاقة المتجددة لخفض الانبعاثات الضارة وخفض تكاليف إنتاج واستهلاك الطاقة محليا، مشيرا الى ضرورة مواكبة الكويت التوجه العالمي للتوسع في الاستعانة بالطاقة المتجددة، خاصة أن الكويت تتمتع بشمس ساطعة معظم فترات السنة، لافتا الى أن هذه الطاقة من السهل الاستفادة منها، لكون التكنولوجيا أصبحت متاحة وتكلفتها منخفضة، كما أن طاقة الهيدروجين تمر بمرحلة تطور، وقد تمت الاستفادة منها حاليا بشكل محدود، مشيرا الى أن بعض دول الخليج بدأت بتطوير مرافق إنتاج الهيدروجين حتى تكون مستعدة لتلبية الطلب المحلي والخارجي، حيث يتوقع أن يكون للهيدروجين مكانة مميزة في سوق الطاقة العالمي، لكونه طاقة نظيفة وسهلة الاستخدام، وما يحد من استخدامه حاليا هو تكلفة إنتاجه، ولكن مع مرور الوقت، يتوقع أن تنخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين ويصبح أكثر انتشارا.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد، أمين سر الجمعية الاقتصادية الخليجية، د. عبدالمحسن المطيري، إن هذه الاستكشافات مهمة جدا في تعزيز موقع الكويت كمنتج رئيسي للنفط ويمكن للاحتياطيات الكبيرة أن تدعم الموقف الجيوسياسي للدولة، مما يعني نفوذا أكبر في أسواق الطاقة العالمية ويجذب المزيد من الاستثمارات لهذا القطاع الحيوي.
وأضاف أن هذا الاستكشاف تكمن أهميته في حاجة البلاد إلى الغاز في توليد الطاقة الكهربائية وتقليل الاعتماد على استيراد الغاز من خارج الكويت، لذلك نحتاج إلى المزيد من الاستثمارات في استكشاف وإنتاج الغاز.
وأشار المطيري الى أن الاستفادة من المنطقة البحرية الكويتية للموارد الهيدروكربونية تتطلب نهجاً متعدد الأوجه يركز على الاستكشاف والتنمية المستدامة من حيث تبنّي ممارسات صديقة للبيئة لتقليل تأثير الاستكشاف والاستخراج على النظم البيئية البحرية واستخدام التقنيات لمراقبة الانبعاثات والنفايات والتسربات النفطية المحتملة والشراكة مع شركات الطاقة العالمية ومؤسسات البحث لجلب الخبرة والتكنولوجيا المتقدمة وأفضل الممارسات حتى يتم الإنتاج بأقل التكاليف والمشاركة في مبادرات تبادل المعرفة لتحسين القدرات المحلية في إدارة الموارد البحرية، لافتا الى أنه حتى تكون هذه المشاريع مجدية اقتصاديا، يجب السيطرة على تكاليف الإنتاج وكفاءة الإنتاج العالية.
وشدد المطيري على ضرورة الاستثمار في البحث والتطوير للتكنولوجيات الجديدة التي يمكن أن تعزز كفاءة استخراج النفط والغاز والحد من التأثير البيئي، والاستفادة بشكل فعال من الموارد الهيدروكربونية البحرية، ، موضحا أنه كلما زادت الاستثمارات في القطاع، فإن ذلك يسهم في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.