الأردن ليس ملزماً بالدفاع عن إسرائيل
عندما هاجمت إسرائيل وتحالفها الغربي دولة اليمن، وأشعلت ميناء الحديدة، ادّعى اليمنيون وقتها أن دولاً مجاورة سمحت للأسلحة الغربية المدمرة بأن تعبر أراضيها لتصل إلى أهدافها في اليمن. وأنه كان على هذه الدول المجاورة، كما يرى اليمنيون، أن تتصدى لهذا الاختراق الغربي لأراضيها، وتُسقِط أو تحاول أن تُسقِط وتوقف الأسلحة العابرة لحدودها.
كتبنا وقتها أن هذا ربما لم يحدث، وحتى إن حدث، فإن هذه الدول ليست ملزمة بالدخول في حرب «خاسرة» مع الغرب وآلياته المدمرة دفاعاً عن سياسة اتخذها اليمنيون وحدهم. أي في حالة أن هذه الدول اختارت السلامة والنأي بنفسها عن الصراع وتجنيب شعوبها ويلاته المدمرة، فهذا من حقها. خصوصاً أن اليمنيين لم يشاوروا ولم ينسقوا مع هذه الدول في حربهم مع أعدائهم.
اليوم تنقلب الصورة، إذ يهدد الأردن بإسقاط الأسلحة الإيرانية إن استخدمت مجاله الجوي لضرب أهدافها في إسرائيل. في رأينا هنا أن الأردن ليس ملزماً بالدفاع عن إسرائيل. وأن على الإسرائيليين الذين اختاروا الحرب، بل ويصرّون عليها منذ عقود، أن يحموا أجواءهم بأنفسهم. الأردن، وهو البلد محدود الموارد، ليس ملزماً بأن ينفق مدخرات الشعب الأردني لحماية التعنت والتنمر الإسرائيلي، وليس ملزماً أيضاً بأن يصطف عنوة مع إسرائيل للتصدي لإيران وحلفائها من العرب.
وإذا كان الأردن يتعذر بأن الأسلحة الإيرانية قد تضل طريقها وتستهدف بالخطأ مواقع أردنية مسالمة، ومع أن في هذا بعض الاحتمالات الحقيقية، إلا أن التصدي لهذه الأسلحة سيزيد من مخاطر سقوطها في نصف الطريق، وسيحوّل أرض الأردن إلى أرض معركة فعلية.
على الإسرائيليين أن يحموا أجواءهم، وهم ليسوا أكثر تأهيلاً من عرب اليمن في الدفاع عنهم، بل إن الوقائع والشواهد تدلل على أن الإسرائيليين بقيادة رئيس الوزراء الحالي يتمادون في العدوان ويغالون في العربدة، وعليهم وحدهم - وليس الأردن - دفع ثمن هذه العربدة وهذا العدوان.