وسط تقديرات إسرائيلية وأميركية بأن طهران اتخذت قراراً بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب طهران، لكنها لم تحدد بعد زمان ومكان وشكل هذا الرد، وجدل داخلي إيراني حول خطر الانزلاق إلى حرب مدمرة، في حال أقدمت إيران على رد غير محسوب، حذر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، اليوم، من «التراجع غير التكتيكي» عن الرد على إسرائيل، واصفاً التهديدات التي توجه لإيران بأنها تهويل.

وقال خامنئي، في تصريحات اليوم، «هدف العدو من الحرب النفسية في المجال العسكري هو إثارة الخوف والتراجع»، مضيفاً: «وفق تعبير القرآن الكريم يستتبع التراجع غير التكتيكي في أي ميدان عسكري أو سياسي أو إعلامي أو اقتصادي يجلب الغضب الإلهي»، واضاف: «التهويل بقدرة الأعداء هدفه بث الخوف بين أبناء شعبنا من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل. قبضة الأعداء ليست قوية وعلينا الاعتماد على أنفسنا».

Ad

وبعد أيام من كشف مصدر مطلع، لـ«الجريدة»، أن الرئيس الجديد مسعود بزشكيان يدفع باتجاه رد مماثل لعملية الاغتيال، وتجنب توجيه ضربة صاروخية مباشرة يحضر لها «الحرس الثوري»، رأى خامنئي أن «الحكومات التي تستسلم لمطالب المستكبرين، إذا اعتمدت على شعوبها وقدراتها الحقيقية، وابتعدت عن تضخيم قدرات العدو، يمكنها أن ترفض مطالبهم».

وتشير تصريحات خامنئي ضمناً إلى التعزيزات التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى المنطقة، وتهديدات إسرائيل برد غير مسبوق يطال إيران، رداً على أي هجوم يستهدفها.

وتزامنت أوضح إشارة إلى رفض طهران التراجع بمواجهة التحذيرات الغربية المكثفة لها، والتي تحملها مسؤولية أي تدهور إقليمي، مع إعلان بعثتها لدى الأمم المتحدة أن إيران لم ولن تشارك في المفاوضات غير المباشرة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، والتي من المقرر أن تنعقد جولة جديدة لها اليوم في الدوحة، بوساطة من مصر وقطر والولايات المتحدة.

تأهب وتفاوض

وعلى وقع تقييمات متشائمة بشأن فرص نجاح جولة التفاوض الجديدة التي تستضيفها الدوحة، وسط اتهامات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعمد وضع المزيد من الشروط لعرقلة التوصل إلى اتفاق، لفتت أوساط عبرية إلى أن إسرائيل تحافظ على تأهبها العسكري الداخلي لصد الرد الإيراني، الذي تشير تقديرات إسرائيلية جديدة إلى أنه بات وشيكاً أو في غضون 3 أيام.

وبينما وافق نتنياهو على إرسال طاقم المفاوضات كاملاً إلى الدوحة، عقب جلسة مشاورات وصلت إلى نقطة غليان بينه وبين أعضاء بالفريق يعارضون فرض شروط جديدة، أكدت «حماس» أنها لن تشارك في أي لقاءات تفاوضية، سواء في الدوحة أو القاهرة، لكنها ستسمع إلى أي تحديث أو رد إسرائيلي.

بايدن وبلينكن

ورغم عدول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن القيام بزيارة كانت مقررة إلى الشرق الأوسط، للمساهمة في جهود وقف إطلاق النار واحتواء التصعيد الإقليمي في ظل حالة الضبابية التي تخيم على الوضع، رأى الرئيس الأميركي جو بايدن أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قد يدفع إيران إلى الامتناع عن شن هجومها الثأري.

وأكد الرئيس الأميركي أنه «لن يستسلم في وقت تتكثف المفاوضات لإطلاق الرهائن ووقف الحرب لتحقيق هذا الهدف». وجاء ذلك في وقت أفادت تقارير عبرية بأن إدارة بايدن ستقدم مقترحاً جديداً بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح المحتجزين بالقطاع.

وذكر موقع «واي نت» أنه من المتوقع أن تمارس إدارة بايدن ضغوطاً كبيرة على جميع الأطراف، للموافقة على الإطار المقترح على الفور، على الرغم من أن البيت الأبيض والوسطاء مستعدون أيضاً لاحتمال فشله.

من جانب آخر، وافقت إدارة بايدن على صفقات أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار، متجاهلة ضغوطاً تمارسها منظمات حقوقية تدعو إلى وقف إمداد الدولة العبرية بالأسلحة على خلفية ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين بغزة.

مشاورات إقليمية

في هذه الأثناء، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي مشاورات مع وزراء خارجية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، والإمارات، عبدالله بن زايد، وتركيا، هاكان فيدان، لاحتواء التصعيد الإقليمي الراهن، والحيلولة دون خروج الأوضاع عن السيطرة بشكل يزيد من حالة عدم الاستقرار والانفلات في المنطقة.

وفي أنقرة، التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد يوم من لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. وأمس الأول، أكد عباس رفض فلسطين استبعاد روسيا من عملية التسوية الشرق أوسطية.

ضحايا واستيطان

ميدانياً، واصل الجيش الإسرائيلي قصفه المدفعي والجوي لعدة مناطق في غزة، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى، فيما قتل 5 فلسطينيين بضربة من طائرة مسيرة إسرائيلية في طمون وطوباس بالضفة الغربية المحتلة.

من جانب آخر، أقر وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش مشروع إنشاء مستوطنة جديدة في بيت لحم، بذريعة الرد على خطوات السلطة الفلسطينية ضد ممارسات الاحتلال، وعلى اعتراف دول بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، واعتبر سموتريتش، زعيم حزب «الصهيونية الدينية»، أن ربط الكتلة الاستيطانية «غوش عتصيون»، في جنوبي الضفة الغربية، بالقدس هي «مهمة وطنية».