احتمالات متزايدة لدخول الاقتصاد الأميركي في ركود
التضخم ارتفع على مدار 12 شهراً إلى 2.9%
تشير الأسواق المالية إلى احتمال متزايد لدخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، بعد الاضطرابات التي شهدتها الأسواق، وأثارت مخاوف قصيرة الأمد في وول ستريت الأسبوع الماضي.
ورغم أن الاحتمال لا يزال ضئيلا فإن مجموعة من البنوك الكبرى، ومنها غولدمان ساكس، وجي بي مورغان، تظهر أن احتمالات حدوث تراجع اقتصادي قد ارتفعت بشكل ملحوظ، بناء على إشارات من سوق السندات الأميركية، وأداء الأسهم التي تتأثر بشكل كبير بتقلبات الدورة الاقتصادية.
وتسعر أسواق الأسهم والسندات احتمالية حدوث ركود اقتصادي بنسبة 41% في الولايات المتحدة، ارتفاعا من 29% في أبريل الماضي، وفقا لبنك غولدمان ساكس، وذلك تزامنا مع مراهنة السوق على وتيرة أسرع لخفض أسعار الفائدة من قبل «الفدرالي». ورفع بنك جي بي مورغان أيضا توقعاته لحدوث ركود إلى 31% من 20% سابقا.
يذكر أن مؤشر S&P 500 لا يزال منخفضاً بأكثر من 4% عن أعلى مستوى سجله في منتصف يوليو، في حين تراجع مؤشر ناسداك 100 الذي يركز على التكنولوجيا، بأكثر من 8% عن ذروته، وارتفع التضخم كما كان متوقعاً في يوليو، وفقاً لتقرير وزارة العمل الصادر أمس، والذي من المرجح أن يبقي على خفض أسعار الفائدة على الطاولة في سبتمبر.
مسؤول في «الاحتياطي الاتحادي»: يتعين توافر بيانات أخرى لخفض الفائدة
وارتفع مؤشر أسعار المستهلك، وهو مقياس واسع النطاق لأسعار السلع والخدمات، بنسبة 0.2% خلال الشهر، مما يضع معدل التضخم على مدار 12 شهراً عند 2.9%، وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت آراءهم شركة داو جونز يتوقعون قراءات على التوالي بنسبة 0.2% و3%. وباستثناء الغذاء والطاقة، جاء مؤشر أسعار المستهلك الأساسي بزيادة شهرية بنسبة 0.2% ومعدل سنوي بنسبة 3.2%، بما يتوافق مع التوقعات.
وقال كبير استراتيجي الأسواق في «Squared Financial»، في مقابلة مع «العربية Business»، نور الدين الحموري، إن أرقام أسعار المنتجين في الولايات المتحدة، أعطت إشارات على تباطؤ التضخم الأصعب وهو قطاع الخدمات، مضيفا أنها «المرة الأولى التي نشهد فيها تباطؤا أكبر من المتوقع في قطاع الخدمات، مع توقعات بأن يشهد أرقاما أقل من التوقعات مستقبلاً، وهو ما سيعيد الحديث عن أن الفدرالي قد يجبر على تخفيض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في سبتمبر المقبل».
وارتفع مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة بأقل من المتوقع في يوليو، إذ خفف انخفاض أسعار الخدمات من وطأة ارتفاع أسعار السلع، مما يشير إلى استمرار تباطؤ التضخم.
وذكر مكتب إحصاءات العمل، التابع لوزارة العمل الأميركية، أمس الأول الثلاثاء، أن مؤشر أسعار المنتجين للطلب النهائي ارتفع 0.1% الشهر الماضي بعد صعوده 0.2% في يونيو على أساس غير معدل، وتوقع خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم ارتفاع المؤشر 0.2%.
وقال رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في أتلانتا، رافائيل بوستك، إن البيانات الاقتصادية في الآونة الأخيرة جعلته «أكثر ثقة» في قدرة مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) على إعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2%، لكنه يريد الاطلاع على «بيانات أكثر قليلا»، قبل أن يكون مستعدا لدعم خفض أسعار الفائدة.
وأشار بوستك، خلال حدث بأتلانتا، إلى أن تحقيق توازن المخاطر بين التضخم وسوق العمل أصبح قريبا، لكنه يريد التأكد من تجنب خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر جدا حتى لا يضطر مجلس الاحتياطي لاحقا إلى رفعها إذا تسارع التضخم مرة أخرى. وإذا تطور الاقتصاد كما يُتوقع فستنخفض أسعار الفائدة بحلول نهاية هذا العام. وقال: «أنا مستعد للانتظار، ولكن الأمر قادم... قادم».
وتتوقع الأسواق المالية على نطاق واسع أن يخفض الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة في اجتماعه يومي 17 و18 سبتمبر، وهو ما يمثل أول خطوة من نوعها في دورة التشديد النقدي الحالية. وبدأ المركزي الأميركي رفع معدل سعر الإقراض القياسي لليلة واحدة في مارس 2022 ليزيد من مستوى قريب من الصفر إلى النطاق الحالي بين 5.25 و5.50%. وظل على هذا المستوى منذ يوليو 2023.
وبدأ التضخم هذا العام أقوى من المتوقع، مما دفع صناع السياسات مثل بوستك إلى تغيير توقعاتهم بشأن مدى سرعة بدء خفض أسعار الفائدة، وتحسنت بيانات التضخم في الأشهر القليلة الماضية، لكن بيانات الوظائف تراجعت إلى حد ما، مع تباطؤ خلق فرص العمل وارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى بعد الجائحة عند 4.3% الشهر الماضي.