أوكرانيا تواصل قضم كورسك وتعتزم إعلان حكم عسكري

كييف وموسكو تتبادلان أسر الجنود... وبايدن يتحدث عن معضلة حقيقية أمام بوتين

نشر في 15-08-2024
آخر تحديث 14-08-2024 | 19:57
أوكرانيون يعدون مدفع قيصر لقصف القوات الروسية في دونيتسك أمس الأول (رويترز)
أوكرانيون يعدون مدفع قيصر لقصف القوات الروسية في دونيتسك أمس الأول (رويترز)
في أكبر توغل أجنبي بروسيا، منذ الحرب العالمية الثانية، حققت أوكرانيا المزيد من التقدم في منطقة كورسك، ووسعت نطاق سيطرتها لتشمل 74 قرية، بمساحة إجمالية تزيد على ألف كلم، وتمكنت من أسر أكثر من 100 جندي.

مع مواصلة الجيش الأوكراني تقدمه التاريخي وغير المسبوق منذ الحرب العالمية الثانية داخل الأراضي الروسية، وقيامه بتنفيذ عمليات تفتيش وإجراءات لإرساء الاستقرار في 74 بلدة سيطر عليها خلال 7 أيام، أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي، أمس، استعداده لاتخاذ خطوات تالية تشمل فرض الحكم العسكري بمقاطعة كورسك الروسية، وفتح ممرات إجلاء منها إلى روسيا وأوكرانيا.

وفي اليوم السابع من الهجوم المباغت، الذي وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه معضلة حقيقية لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، قال زيلينسكي: «نحقق مزيداً من التقدم في كورسك، وقد نضطر إلى فرض حكم عسكري في هذه المقاطعة»، مضيفاً: «سيطرنا من كيلومتر إلى اثنين في مناطق مختلفة منذ مطلع اليوم، وأسرنا أكثر من 100 عسكري روسي إضافي في نفس الفترة، وهذا سيسرع عودة شباننا وشاباتنا إلى الوطن»، في إشارة لتبادل الأسرى.

ولاحقا، قالت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتشوك إن أوكرانيا تعمل على إقامة «منطقة أمنية» في كورسك، وتعتزم تنظيم مسألة المساعدات الإنسانية وفتح ممرات لإجلاء المدنيين الراغبين في الذهاب إما إلى روسيا أو أوكرانيا.

وبعد مكالمة بالفيديو مع القائد العام للقوات المسلحة أولكسندر سيرسكي، كتب زيلينسكي، على «تلغرام» أمس الأول، «على الرغم من المعارك الصعبة والمحتدمة، تواصل قواتنا التقدم في منطقة كورسك، وينمو صندوق الصرف في دولتنا»، موضحاً ان قواته أسرت «مئات» الروس، وسيطرت على 74 مستوطنة، وتقوم بتنفيذ «عمليات تفتيش وإجراءات لإرساء الاستقرار» فيها، وتتخذ الآن استعداداتها لـ«الخطوات التالية».

وفي ظل مواصلة قصف كورسك بالصواريخ والطائرات المسيرة، أبلغ سيرسكي زيلينسكي أن القوات سيطرت على 40 كلم من المنطقة الروسية خلال الـ24 ساعة الماضية وألف كيلومتر يوم الاثنين.

ممرات إجلاء

ووسط تواصل القصف المركّز على منطقة بيلغورود المجاورة، التي أعلن حاكمها حال الطوارئ، قال الناطق باسم الخارجية الأوكرانية جورجي تيخي إن «كييف لا تود ضم أراض في منطقة كورسك» معتبراً الهجوم «مشروعاً تماماً» بوجه الاحتلال الروسي لنحو 20% من أوكرانيا، مؤكداً أن الهجوم سيتوقف إذا وافقت موسكو على شروط أوكرانيا، و«كلما سارعت إلى الموافقة على إحلال سلام عادل عجّلت في وقف التوغل بأراضيها».

وفي أول تعليق له على العملية الأوكرانية المباغتة، اعتبر الرئيس الأميركي أمس الأول أنها «تطرح معضلة حقيقية» لبوتين، الذي أمر بمواجهة هذه النكسة غير المتوقعة، واتهم الغرب بالوقوف خلفها.

في المقابل، أعلنت القوات الروسية «إحباط» هجمات أوكرانية جديدة في منطقة كورسك، حيث أفادت بإرسال تعزيزات وإلحاق خسائر بالقوات الأوكرانية، مؤكدة وقوع مقاتلين أوكرانيين من لواء الهجوم الجوي المنفصل الـ80، التابع للجيش الأوكراني في الأسر بقرية أولانوك.

وبينما شن الجيش الروسي هجوماً مضاداً باستخدام صاروخين و23 طائرة مسيرة من طراز شاهد، أعلن حاكم منطقة بيلغورود المجاورة فياتشيسلاف غلادكوف حال الطوارئ، وكتب على تلغرام: «لا يزال الوضع في المنطقة بالغ الصعوبة ومتوترا، بسبب القصف الذي تقوم به القوات المسلحة الأوكرانية»، مشيرا إلى «منازل دمّرت ومدنيين قتلوا وجرحوا».

وأفادت سلطات مناطق كورسك وفورونيج ونيجني نوفغورود وبريانسك بأن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت خلال الليل مسيّرات أطلقت من أوكرانيا.

من جانبها، أقرت السلطات الروسية الاثنين بأن القوات الأوكرانية توغلت في المنطقة على عمق 12 كلم على الأقل وعرض 40 كيلومترا، وسيطرت على 28 بلدة.

وتسبب الهجوم الأوكراني حتى الآن في فرار أكثر من 120 ألفاً من سكان المنطقة، بحسب السلطات الروسية، وأسفر عن مقتل 12 مدنياً على الأقل وإصابة أكثر من 100 بجروح.

حيلة خفية

ومع احتدام الحرب، تسعى روسيا إلى اتباع استراتيجية جديدة لتعزيز ترسانتها العسكرية، وتعمل على استغلال حيل خفية وطرق غير تقليدية لتأمين المزيد من الأسلحة والعتاد لدعم قواتها.

ووفق مجلة ناشيونال إنتريست الأميركية، فإن روسيا تعتمد بشكل متزايد على حلفائها، مثل إيران وكوريا الشمالية، للحصول على دعم عسكري، بما في ذلك الصواريخ البالستية والمركبات المدرعة. وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بمساعدات كبيرة لمواجهة هذه التطورات، وتعهدت بأكثر من 55 مليار دولار كمساعدات أمنية.

وتسلط التحالفات العسكرية المتعمقة بين روسيا وإيران وكوريا الشمالية الضوء على التداعيات العالمية للصراع. وفي أوكرانيا، تواجه القوات الروسية أكبر تحد لها منذ الفشل في احتلال أفغانستان بالثمانينيات. وتقترب «العملية العسكرية الخاصة»، التي كان من المفترض أن تستمر من ثلاثة أيام إلى أسبوعين، الآن بسرعة من 900 يوم من القتال الشديد.

وخلال هذه الفترة، فقدت القوات الروسية ما يقرب من 600 ألف قتيل وجريح أو أسير، إضافة إلى عشرات الآلاف من أنظمة الأسلحة الثقيلة، ويقول أتلاماز أوغلو إنه رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومستشاريه في الكرملين تمكنوا من تلبية الطلبات الكبيرة على القوى البشرية في الجيش الروسي، فهم يواجهون صعوبة أكبر في توفير الأنظمة العسكرية الثقيلة. ومن الأسهل إرسال المرتزقة والمجرمين والفقراء الروس ليلقوا حتفهم بدلا من إنتاج أنظمة الأسلحة المتقدمة الضرورية لمواجهة خصم مزود بأسلحة وذخائر من الولايات المتحدة وحلف الناتو. لذلك، يتجه بوتين والكرملين بشكل متزايد إلى حلفاء غير تقليديين لتلبية متطلبات المعدات الحربية.

ووفقا لأجهزة الاستخبارات الأوروبية، تستعد روسيا لإدخال صواريخ بالستية إيرانية إلى ترسانتها، ويبدو أن أفرادا روس موجودون حاليا في إيران، ويتلقون تدريبا على استخدام سلاح الصواريخ البالستية قصيرة المدى الموجهة بالأقمار الاصطناعية «فاتح 360»، وتتوقع موسكو الحصول على مئات من هذه الصواريخ بعيدة المدى لمهاجمة أوكرانيا.

back to top