«إن الحل ليس في إيجاد رؤية، فمن السهولة أن نجد رؤية تتمحور حول الاستدامة، ولكن هناك مشكلة فيمن سيدير هذه الرؤى، ويجعل تطبيقها على أرض الواقع حقيقة. فالحكومة تأخد قراراً وتتراجع عنه»... كانت هذه وجهة نظر جاسم السعدون، عرضها في «الجريدة» عام 2017، فهل حدث أمر جديد بعد سبع سنوات من ذلك التاريخ؟! أنتم أبخص، ويمكن عندكم الإجابة النافية، يقولون «المياه تكذب الغطاس»، واليوم مع أن المياه ضحلة وسهلة مع غواصي الحكومة إلا أن الأمور مازالت كما كانت على طمام المرحوم، ولا جديد تحت الشمس.
لكن هنا حتى الرؤية غائبة وليس التطبيق فقط، أين هي رؤية هذه الحكومة، بصرف النظر عن ثرثرة الوعود التي تنسج أحلاماً عن الغد، مثل تطوير المنطقة الشمالية ومدينة الحرير ومصادر دخل رديفة، لا نجد أي شيء، غير لغة الوعيد والتهديد الأمنية، مثل بلغونا عن مزوري الجنسية، وسنكبس السيارات، وإذا لم تبصموا على البارومتر فسنوقف كل معاملاتكم! ما هذا الذي يحدث في بلد البصمات؟ لا معاملة إلا ببصمة، لا دوام إلا ببصمة، لا إنهاء قضية معلقة إلا بتوقيع أو ببصمة وبعد مراجعة المسؤول... ماذا بقي لا يحتاج بصمة؟! هل نحتاج دورات مياه تفتح بالبصمة؟!
الكون تحكمه قواعد عدم الاستدامة، وأبسط حكاية في الاقتصاد تقول لنا إن عدم استدامة الشروط الاقتصادية هي الأساس، فما كان يصلح لزمان ومكان لا يصلح لزمان آخر، وأيام الرخاوة وقلة عدد السكان وتوزيع الأراضي في الخمسينيات والتثمين والرواتب الجزيلة، ثم مرحلة الكوادر الاسترضائية والأجور الخيالية لبعض العاملين في المؤسسات حين تكون بحدود الخمسة عشر ألف دينار وأكثر، يفترض أنها انتهت، لكن الكثير ما زال باقياً، ولا كأن هناك زيادة رهيبة في عدد السكان وزيادة الخريجين لمئات الآلاف وعجز مالي تجاوز المليار دينار.
وأخيراً يا جبل ما يهزك ريح، فصفر بطالة كما روجت لنا الحكومة، وعشرة أصفار لإنجازات هائلة وعدت بها الحكومة، لكنها وعود، أما الواقع فلا شيء غير زيارات مواقع العمل للاطمئنان على حسن سير المرفق العام، وصور كراتين الخمور التي كشفتها الجمارك ويتم تحضيرها للدهس بالبلدوزرات... أما سرعة تخليص المعاملات للمواطنين في هذه الإدارة وغيرها... فانسوها... ما هذه الديرة يا تكبس يا تدهس.