استبق الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس أول رحلة انتخابية مشتركة حسّاسة سياسياً واقتصادياً، بإعلانهما أمس، انتصاراً كبيراً على جبهة القدرة الشرائية، التي تشكّل إحدى أهم نقاط الضعف السياسية للديموقراطيين.

وبعد مفاوضات استمرت أشهراً بين نظام التأمين الصحي الفدرالي لكبار السن المسمّى «ميديكير» ومختبرات إنتاج الأدوية، أعلن بايدن ونائبته، التي حلّت مكانه مرشّحة عن الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية المقبلة، عن اتفاق «تاريخي» يخفض أسعار 10 أدوية رئيسية ضدّ مرض السكري والتجلّطات الدموية ومشاكل القلب.

وسيسمح هذا البرنامج اعتباراً من العام الأول لبدء تطبيقه في 2026، بتوفير 1.5 مليار دولار للمُؤمَّنين المعنيين والأميركيين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً وستة مليارات دولار للمكلفين، وفقاً للبيت الأبيض.

ويشكّل ذلك خطوة مهمّة، لا سيما أنّ أسعار الأدوية في الولايات المتحدة، التي تعدّ أعلى من أسعارها في البلدان المتقدّمة الأخرى، قد أفلتت تاريخياً من أي تنظيم أو رقابة عامة.

كذلك، تشكّل هذه الخطوة انتصاراً كبيراً كان يمكن لبايدن أن ينسبه لنفسه فقط لأنّه ناتج عن أحد قوانينه الرئيسية «قانون خفض التضخّم»، وهو خطّة كبيرة تركّز على التحوّل في مجال الطاقة وعلى القوة الشرائية.

غير أنّ الديموقراطي البالغ من العمر 81 عاماً ربط هذا الإنجاز بالمرشّحة البالغة من العمر 59 عاماً، قبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي ستتواجه خلالها مع الجمهوري دونالد ترامب.

رغم أنّها لم تتول دوراً بارزاً في الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة التي سعى إليها بايدن، قالت هاريس: «لن نتوقف عند هذا الحد».

وشدّد البيت الأبيض على أهمية الدور الذي لعبته هاريس خلال التصويت على «قانون خفض التضخّم» في مجلس الشيوخ، مشيراً إلى أنها استخدمت صوتها كنائبة للرئيس لتمرير الخطة.

نقاط الضعف

وفي أول مشاركة لهما في الحملة الانتخابية، توجّه بايدن وهاريس أمس، إلى ميريلاند قرب واشنطن لإلقاء خطابات مخصّصة للقوة الشرائية وهي من نقاط الضعف الأساسية لدى الديموقراطيين.

ومن المقرّر أن تقدّم هاريس اليوم الخطوط العريضة لبرنامجها الاقتصادي. وقد تراجع التضخّم في الولايات المتحدة بينما يبقى النمو قوياً، غير أنّ ذلك لم يمنع المرشّح الجمهوري دونالد ترامب من اتهام خصومه بسحق الأُسر من خلال تكاليف معيشية لا يمكن تحمّلها.

ومن الناحية البروتوكولية، لا يزال بايدن يحظى بالأولوية بحكم موقعه. لكنّ انسحابه من السباق الانتخابي في 21 يوليو أفقده كلّ رصيده السياسي، خصوصاً في ضوء الزخم الذي اكتسبته نائبته، التي تمكّنت من اللحاق بترامب أو حتى تجاوزه قليلاً في استطلاعات جرت في بعض الولايات الرئيسية، الأمر الذي لم يتمكّن هو من تحقيقه في مواجهة المخاوف بشأن كبَر سنّه.

وحتّى الآن، بقي بايدن بعيداً عن الحملة الانتخابية، فيما يتعين على هاريس أن تخط نهجها الخاص من دون أن تنأى بنفسها عن السياسات التي اعتمدها الرئيس.

ولا تريد هاريس على الأرجح أن تعتمد كثيراً على رئيس لا يحظى بشعبية لكنه رغم ذلك يتمتّع بتعاطف نسبي في صفوف الديموقراطيين، غير أنه عاجز على بث الحماسة عبر خطاباته مثل باراك أوباما. وسيتحدّث الرئيسان السابق والحالي خلال مؤتمر الحزب الديموقراطي الذي يُعقد الأسبوع المقبل في شيكاغو.

مهمة صعبة

ووسط صعوبات يواجهها لفتح صفحة جديدة في مهمة صعبة لتولي الرئاسة، حط ترامب وحملته في ولاية نورث كارولاينا المتأرجحة.

وقال ترامب، خلال فعالية في آشفيل أمس الأول، «خلال أربعة أعوام، لم تفعل كامالا شيئاً سوى الضحك، بينما كان الاقتصاد الأميركي يغرق في الأزمة»، معتبراً أن «سياساتها الليبرالية المتطرفة تسببت في تضخم مروع وتدمير الطبقة المتوسطة والقضاء على أموال ملايين الأسر الأميركية».

وأغضب ترامب، بعض الحلفاء والمانحين والمستشارين بمهاجمته هاريس في أمور شديدة الخصوصية مثل لونها وهويتها بدلاً من التركيز على ما يقولون إنها سياسات فاشلة روّجتها خلال توليها المنصب.

وفاجأت الأرقام الكبيرة في حملة هاريس لجمع الأموال بعض حلفاء ترامب بعد انسحاب بايدن. وعبّر آخرون سراً عن غضبهم إزاء عدم قدرة حملة ترامب على الاستقرار على خط هجومي ثابت يقولون إنه سيجذب طائفة كبيرة من الناخبين.

وتسببت انتقادات الرئيس السابق ذات الصلة بهوية هاريس العرقية في إثارة مخاوف. وكثيراً ما يلمح ترامب إلى أن هاريس، التي وُلدت أمها في الهند ووُلد أبوها في جامايكا، لم تتقبل هويتها كونها صاحبة بشرة سوداء إلا مؤخراً.

وقال بيل بين، أحدث المانحين الكبار، إنه تحدث مع نائبه المحتمل دي فانس ومع مايكل ويتلي رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية عن الحاجة إلى مهاجمة هاريس بسبب سجلها في وضع السياسات، لا بسبب هويتها.

ولم توجه كارولين ليفيت المتحدثة باسم حملة ترامب هذه الانتقادات مباشرة، لكنها قالت إن ترامب سيفوز على هاريس بسبب سجلها خلال توليها منصبها الحالي. وأضافت «كاميلا ضعيفة وغير صادقة وليبرالية إلى حد خطير، لذلك سيرفضها الشعب الأميركي في الخامس من نوفمبر».

مناظرة وقرصنة

في غضون ذلك، وافق مرشح الحزب الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس تيم والز أمس الأول على مناظرة منافسه الجمهوري فانس في الأول من أكتوبر، وهو أحد أربعة مواعيد اقترحتها شبكة سي.بي.إس نيوز لمناظرة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس.

وقالت الشبكة إنها أعطت الحملتين أربعة مواعيد للمناظرة، وهي 17 سبتمبر و24 منه وأول أكتوبر والثامن منه.

وعندما سُئل فانس عن إمكانية إجراء مناظرة، قال لفوكس نيوز: «أشك بشدة في أننا سنكون هناك في الأول من أكتوبر». كما قال فانس إنه يريد مناظرة والز أكثر من مرة.

من المقرر أن تخوض هاريس، المرشحة للرئاسة عن الحزب الديموقراطي، والمرشح الجمهوري مناظرة على إيه.بي.سي نيوز في العاشر من سبتمبر.

إلى ذلك، كشفت شركة غوغل أمس عن قيام مجموعة قرصنة تعرف باسم APT42 مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني بمحاولات اختراق حملتي هاريس وترامب وشخصيات مرتبطة ببايدن ومنظمات رفيعة في إسرائيل والولايات المتحدة، بمن في ذلك مسؤولون حكوميون.

ووفق قسم تحليل التهديدات في غوغل، فإن مجموعة القرصنة تعمل عبر جمع معلومات عن الأهداف ووضع خطط «تصيّد» لخداع الضحايا لكشف كلمات المرور الخاصة بحساباتهم مثل البريد الالكتروني «جيميل».

Ad