مع انطلاق مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة الفلسطيني التي يعلق عليها المجتمع الدولي الآمال في خفض التوتر في المنطقة، كشف مصدر رفيع المستوى في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن المرشد الأعلى علي خامنئي بات يميل في الأيام الأخيرة إلى سيناريو الذهاب إلى رد قوي على إسرائيل، وفتح الجبهات بشكل قد يؤدي إلى حرب كبرى بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل من الجهة الأخرى، قد تنجر إليها الولايات المتحدة.

وقال المصدر العضو في «الأعلى للأمن القومي» لـ «الجريدة»، إن خامنئي أصبح أكثر حزماً بعد أن تلقت بلاده قبل يومين تهديداً عبر دولة أوروبية بأن إسرائيل ستشن ضربات نووية ضد إيران قد تستهدف منشآتها النووية، في حال مضت الأخيرة وحلفاؤها بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ورئيس أركان «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر، الذي يعد أحد مؤسسي الحزب، ومهندسي العلاقة مع طهران.

Ad

وكشف أن خامنئي أمر بعد تلقي التهديد، القيادات الأمنية والعسكرية الإيرانية، بالاستعداد لـ «حرب كبرى»، ووجّه بنقل اليورانيوم الإيراني المخصب بنسب عالية وأجهزة الطرد المركزي وكل ما يمكن أن يحتاجه العلماء الإيرانيون إلى مواقع محصّنة وسرية، كما نُقِل كبار العلماء النوويين وكبار علماء تصنيع الصواريخ والأسلحة إلى معسكرات محصنة تحت الأرض.

وأضاف أن من بين أوامر المرشد تفويض القيادات الميدانية المحلية باتخاذ القرارات المناسبة دون الحاجة للرجوع إلى القيادة في حال حدوث طارئ.

وأوضح أن الجانب الإيراني رد على التهديد الأخير بإبلاغ الأوروبيين والأميركيين أنه إذا حاولت إسرائيل استخدام أي نوع من الأسلحة المحرمة دولياً ضد إيران أو استهدفت منشآتها النووية، فإن طهران ستقوم على الفور بتغيير عقيدتها النووية وستصنّع سلاحاً نووياً، ولن تتردد في استخدامه على قاعدة «الرد بالمثل».

ولفت إلى أن إيران أبلغت الدولة الأوروبية الوسيطة، أنها قادرة على تحمل أي ضربة حتى لو كانت نووية، لكن يجب على الأميركيين والإسرائيليين التفكير ملياً في ما إذا كان بإمكان إسرائيل تحمل ضربة مشابهة.

وبيّن أن قوات الجيش والحرس الثوري قامت بتجهيز وتركيب رؤوس آلاف الصواريخ البالستية والكروز خلال الأسبوع الماضي، لكي تكون جاهزة للإطلاق خلال دقائق معدودة، إلى جانب آلاف المسيّرات، موضحاً أن مسألة الهجوم على إسرائيل باتت حالياً بيد خامنئي وحده، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وهناك عدد قليل من القادة العسكريين الذين يجتمعون معه بشكل يومي لاتخاذ القرار النهائي بهذا الشأن.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، أمس، إن واشنطن لديها معلومات تفيد بأن طهران لم تتخلَّ عن تهديدها بمهاجمة إسرائيل، وأنها قد تشن هجوماً باستخدام «حزب الله» أو الحوثيين، معبراً عن أمل إدارة الرئيس جو بايدن عدم حدوث ذلك.

وزعم المصدر أن طهران تسلّمت من روسيا أنظمة رادار وتشويش خاصة بالطائرات الشبحية الأميركية والإسرائيلية، وتلقت تأكيدات من موسكو أنها مستعدة لتزويدها بكل ما تحتاجه من أنظمة دفاعية، وحتى هجومية، خارج إطار الاتفاقيات العسكرية السابقة بينهما، في حال تعرضت لهجوم أميركي ـ إسرائيلي.

وكشف أن الروس كانوا قد أرسلوا عشرات الصواريخ والطوربيدات المتطورة لديهم التي يمكن استخدامها لاستهداف البارجات الحربية وحاملات الطائرات، وأخيراً أعلموا الإيرانيين أنهم مستعدون لإرسال خبراء تحت غطاء مرتزقة «مجموعة فاغنر» الروسية لمساعدة طهران أو أيٍّ من حلفائها في وجه التهديدات الغربية، مضيفاً أن طهران سلّمت «حزب الله» والحوثيين أخيراً بعض هذه الأسلحة بما فيها صواريخ وطوربيدات خاصة لاستهداف القطع البحرية الأميركية والأوروبية.

وأكد أن مئات من الضباط الروس أُرسلوا إلى طهران لتركيب الأنظمة الجديدة، وتدريب الإيرانيين عليها.

وأوضح أن هذا التغيير في موقف موسكو تعزّز بعد هجوم القوات الأوكرانية ضد الأراضي الروسية في منطقة كورسك، والذي حمّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب المسؤولية عنه.

وفي تطور آخر، ذكر المصدر أن الرئيس السوري بشار الأسد أبلغ الإيرانيين أنه في حال واجهت بلادهم أو لبنان حرباً إسرائيلية شاملة فإن استراتيجية تجنب المواجهة التي تتبعها دمشق مع تل أبيب حتى الآن، ستتغير.

جاء ذلك، في حين رفض خامنئي ضمناً، أمس الأول، الدعوات الموجهة لإيران للتراجع عن تهديداتها بالرد على اغتيال هنية في قلب طهران، معتبراً أن التهديدات العسكرية التي توجّه لبلاده مجرد محاولة للتخويف.

وعلق مصدر سياسي على ذلك بالإشارة إلى أن تشديد خامنئي على أن «التراجع غير التكتيكي» أمام «الأعداء» هو أمر محرم شرعاً، يعني أنه على إيران أن ترد، وأن الباب مفتوح أمام أي مناورات تكتيكية بما في ذلك الإيحاء بأن طهران ستتخلى عن الرد لتوجيه ضربة مفاجئة.

لكن المصدر ختم بأن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لا يزال يحاول حالياً إقناع خامنئي بتأجيل أي عملية رد ضد إسرائيل إلى ما بعد نيل حكومته الثقة، ويأمل أن يتم التوصل إلى صيغة لوقف إطلاق النار في غزة خلال هذه الفترة، ما يعني سحب فتيل الحرب الكبرى، والذهاب إلى رد أمني استخباري على إسرائيل مثل الاغتيالات بدلاً من الرد العسكري.