برنامج عمل الحكومة المنشور، غير مسبوق شكلاً ومضموناً، ويقدم مبادرات شجاعة بالتزامه تفاصيل واضحة ومواعيد محددة ونهايات مستهدفة في الصحة والتعليم والإسكان والتوظيف وغيرها، إضافة إلى اعترافه الصريح بمواقع الخلل في الإدارة العامة وآلية تقويمها، ويستحق أن يكون بداية ومنهجاً لنظام حقيقي لدولة قائمة على احترام المؤسسات وفعالية السلطات وتطبيق القانون وتطور المجتمع ورفاهيته.
البرنامج شخّص مواطن النقص والتأخر في مقومات المجتمع التعليمية والاقتصادية والإدارية بكل شفافية، وهذه الجرأة المطلوبة في التشخيص الصريح لأنها أساس وضع العلاجات الناجحة التي يمكن أن تعود بالكويت إلى موقعها المستحق في الريادة والتقدم، كما كانت لعقود طويلة من الزمن، كما يحقق مطالبات المواطن الكويتي في الحياة الكريمة في البلد وضمان استمراريتها للأجيال اللاحقة.
يجب أن نصدق القول مع الحكومة الموقرة بأن هذا البرنامج بقدر ما ينبئ بخير وتطور في العقلية الحكومية واستعادة السلطة التنفيذية لدورها في الهيمنة على القطاع العام المنفذ والمدير لمختلف خدمات المجتمع، بقدر ما أن الأهداف المرجوة من البرنامج تحتاج إلى نقلة نوعية متطورة في القيادة والإدارة والتنفيذ، للتمكن من تحقيق هذا البرنامج خلال السنوات الأربع المحددة، ووفقاً للنسب والأهداف المعلنة في البرنامج، وبالتأكيد فإن الأداء الحكومي خلال السنوات السابقة لا يتوافق مع تفاصيل هذا البرنامج الذي ألزمت الحكومة نفسها فيه بمواعيد وتواريخ ونسب إنجاز عالية، خصوصاً في مجال الإسكان والتعليم والتوظيف والتحول الرقمي، وإذا لم تتغير العقلية الحكومية في العمل والأداء والإنجاز والمتابعة والرقابة فإن هذا البرنامج الطموح سيكون حملاً ثقيلا على الحكومة حتى تحققه وتنجزه.
الأمر الآخر هو الحاجة الملحّة لتعاون مجلس الأمة مع الحكومة لإنجاح هذا البرنامج خصوصا في الجوانب التشريعية والمالية، وكان واضحاً في البرنامج تحديد أدوات تنفيذ كل مجال والجهة المختصة بإنجازه وارتباطه بمتطلبات تشريعية، وإصدار قوانين جديدة أو تعديل على قوانين قائمة، وهذا يجعل البرلمان شريكاً في هذا البرنامج أكثر منه متابعاً ورقيباً.
تحتاج الحكومة أيضاً إلى حملة إعلامية مركزة وصادقة تواكب مجريات تطبيق هذا البرنامج لتقنع الناس بفعاليته وجدواه وآثاره الإيجابية، وتعلن بشكل دوري للمجتمع مراحل تنفيذه، وما يتم إنجازه أيضاً ليشترك المواطنون في دعم ورقابة هذا البرنامج، ويكون فعلا نواة لمشروع الدولة المأمول، وللحديث بقية، والله الموفق.