كيف سيعيشون؟ كيف لهم أن يأكلوا ويشربوا ويناموا تحت سقف وحوائط تحميهم من جور الطقس الملتهب؟ كيف لهم أن ينظروا لذواتهم في المرآة ثم يسألوا أنفسهم ما إذا كانوا بشراً لهم كينونة ووجود معترف به أم جماداً لا حياة فيه، ما إذا كانوا «أشخاصاً» في هذا العالم ويعترف الغير بهم أم هم والعدم سواء بسواء... ما هذا الخبر؟
مصادر مصرفية تنقل أن البنوك الكويتية انتقلت في التعامل مع المسحوبة جنسياتهم من مرحلة تقييد حساباتهم إلى تجميدها، مما يعني حظر قدراتهم على التصرف في جميع أرصدتهم إن وجدت، سواء كانت في هيئة ودائع أو حسابات جارية.
هؤلاء الذين «بشخطة» قلم قرار «سيادي» من السلطة أصبحوا في يوم وليلة «بدون»، ليس لهم أن يعملوا في الدولة، سواء في القطاع العام أو الخاص، وتم، بالتالي، زيادة أعداد البدون بثمانمئة وخمسين «شخصاً» (مجرد رقم والعدد قابل للزيادة) تمت إضافتهم إلى عشرات آلاف البشر المعلقين من غير عمل ولا مصدر رزق وممنوعون من السفر، فلا جوازات، وليس لهم الحق في البحث عن مصادر رزق خارج البلاد، ولا حتى اللجوء إلى مكان آمن في هذا العالم الظالم.
ربما زور وحصل بعض هؤلاء المسحوبة جناسيهم هوياتهم من غير الطريق القانوني، والقانون هنا كلمة وعصا من السلطة، ولنكن صرحاء من غير رياء مع واقعنا، وربما هم لا يدرون من زور واختلق الجنسية التي كانت لهم في أمس قريب، جدودهم، آباؤهم أو أقرباؤهم، ربما وأشدد على ربما الاحتمالية، فكيف تتم معاقبتهم من سلطة منفردة، وليس لهم أن يطرقوا أبواب القضاء، فهذا عمل سيادي، لأن السلطة قالت إنه سيادي... ما معنى «السيادة»؟ وماذا تعني قيود الحقوق الأساسية للإنسان؟!
لماذا تجميد حساباتهم البنكية بناء على طلب السلطة؟ هل سرقوا هذه الأموال؟ هل تقدم أحد من الناس الذين يغطون في قيلولة المكيفات المركزية بعد وجبة الغداء الدسمة بشكوى ضد أي منهم بأنهم سرقوا منه وأيقظوه من خموده في نعيم الامتيازات الخاصة، إذا لم يكن ما حدث لهم مصادرة دون وجه حق، فماذا تكون يا ترى؟ أسألكم يا أهل الإنسانية، إذا كان هؤلاء الذين جمدت أرصدتهم اليوم، بلا عمل، وطردوا من وظائفهم، ويمنع التعامل معهم بأي صورة، وصودرت حساباتهم دون حكم محاكم، لا تقولوا لم تصادر بل جمدت، ما الفرق العملي هنا؟ وتم منع بيت الزكاة من مساعدتهم... إذا لم يكن هذا ضدهم حكماً بإعدام بطيء فماذا يكون يا ترى؟!